“مجموعة لجمع الدية” وكارثة بيئية منتظرة.. تفاصيل خطيرة حول المتورطين في قضية اغتيال مديرة صندوق النظافة في تعز

تقارير | بقش
تشهد محافظة تعز منذ أيام واحدة من أعنف موجات الغضب الشعبي، بعد جريمة اغتيال مديرة صندوق النظافة والتحسين، افتهان المشهري، التي قُتلت صباح الخميس الماضي في هجوم مسلح نفذه مجهولون أثناء مرورها بجولة سنان، حيث أطلقوا وابلاً من الرصاص على سيارتها، ما أدى إلى وفاتها على الفور متأثرة بإصابات بالغة في الرأس والوجه.
دخلت مدينة تعز في إضراب مفتوح لعمال صندوق النظافة، وتكدست أكوام النفايات في الشوارع، حيث إن الإضراب الذي دخل يومه الثالث تسبب بتوقف خدمات النظافة بشكل كامل، وأدى إلى تكدس القمامة في أحياء وشوارع المدينة، خاصة في شارع جمال حيث مبنى السلطة المحلية، الذي غطته بدوره أكوام القمامة، وفق متابعات بقش، ويرفض العمال العودة إلى العمل قبل القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة والإفصاح عن نتائج التحقيقات بشفافية ووضوح.
صور ومقاطع فيديو متداولة على منصات التواصل الاجتماعي أظهرت مشاهد غير مسبوقة لتراكم المخلفات في الأسواق والشوارع الرئيسية، ما دفع مواطنين للتحذير من تفاقم الأوضاع الصحية والبيئية.
وتجري تحذيرات من انتشار الأمراض والأوبئة إذا استمر الوضع دون تدخل عاجل، فيما وصف مراقبون المشهد بـ”القنبلة البيئية الموقوتة”.
عصابة و”مجموعة واتساب” لدفع “الديات”
بالتزامن مع الغضب الشعبي الحاصل في المحافظة، تداول ناشطون من أبناء تعز معلومات تشير إلى أن هناك متورطين في قتل العديد من المواطنين والمواطنات، يديرون أيضاً مجموعة واتساب يتم من خلالها دفع الديات إذا لزم الأمر ووصلت القضايا إلى القضاء.
وبرزت أسماء عدة، مثل نبيل شمسان محافظ المحافظة، وخالد فاضل قائد محور تعز، وسالم الدست المخلافي، ومنصور الأكحلي مدير أمن تعز، وتتورط هذه الأسماء في التغطية على القتلة ومنع الأجهزة الرسمية من محاسبتهم.
وأشارت معلومات إلى أن فاروق فاضل، شقيق قائد محور تعز خالد فاضل، قَتَل امرأة وجَرح أخرى في يوم مقتل افتهان المشهري.
وذكر ناشطون حسب اطلاع بقش أن “عصابة من آل المخلافي” ترخص دماء المواطنين في تعز وتقتلهم وتدفع دياتهم لاحقاً، ولديها مجموعة الواتساب المخصصة لجمع الديات من الأموال التي يجبونها من النهب والبلطجة، وفقاً للناشطين.
وأشاروا إلى نماذج مثل بكر صادق سرحان، الذي قَتَل وحُكم عليه بالإعدام وكان يحضر مناسبات بحضور المحافظ نبيل شمسان وهو فار من وجه العدالة، وكذلك “جسار المخلافي” الذي قالت مصادر إنه سلّم نفسه بعد تلقيه ضمانات مباشرة من “عبدالقوي المخلافي” بـ”مخارجة” ابنه “لؤي جسار المخلافي” الذي يُعد شريكاً رئيسياً للمتهم محمد صادق المخلافي قاتل افتهان المشهري.
كما أشار الناشطون إلى أن دفع الديات بات نمطاً متبعاً بعد كل جريمة، ما أدى إلى ترخيص دماء أبناء تعز، مضيفين أن دفع الدية يتم من خلال نهب المال والبلطجة على أصحاب المحلات التجارية والمصالح والمواطنين ويأخذون منهم إتاوات بشكل منتظم.
احتجاجات واسعة ضد الانفلات الأمني
وينظم عمال النظافة احتجاجات أمام مقر السلطة المحلية، يتم فيها قطع بعض الشوارع الرئيسية ونثر القمامة فيها كخطوة تصعيدية. وخرجت صباح اليوم الأحد، مظاهرات جماهيرية واسعة في المدينة، بمشاركة أبناء المدينة والمناطق الريفية المحيطة، ورفع المتظاهرون صور المشهري ولافتات تطالب بالقصاص من القتلة، مرددين شعارات تندد بتقاعس الأجهزة الأمنية عن القبض على الجناة، منها: “برع برع يا عصابة.. خليتم تعز خرابة”.
وإلى جانب عمال الصندوق، علّق موظفو المكاتب التنفيذية والسلطة المحلية أعمالهم تنديداً بالجريمة، مؤكدين رفضهم لحالة الانفلات الأمني المتصاعد في المدينة.
العديد من النساء شاركن في المظاهرات التي احتشدت في شارع جمال قرب مقر المحافظة، مؤكدين استمرار التصعيد الشعبي حتى تحقيق العدالة.
شهود عيان أكدوا أن جموعاً كبيرة قدمت من مختلف الأحياء، بينما وصل الآلاف من سكان الأرياف إلى قلب المدينة للمشاركة في المظاهرات، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على أن القضية تجاوزت كونها جريمة فردية لتصبح قضية رأي عام تمس هيبة الدولة وحق المجتمع في العدالة.
المتظاهرون والمحتجون شددوا على ضرورة إعلان نتائج التحقيقات بشفافية، والكشف عن الجهات التي تقف وراء الاغتيال، محملين السلطات المحلية والأمنية كامل المسؤولية عن أي تأخير في كشف ملابسات الجريمة وفق اطلاع بقش. كما حذروا من أن استمرار حالة الغموض سيؤدي إلى اتساع فجوة الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية وربما يدفع نحو تصعيد أكبر.
افتهان المشهري، التي تُعد أول امرأة تتولى قيادة صندوق النظافة والتحسين في تعز، تُوصف بأنها كانت معروفة بنشاطها وإصرارها على إصلاح المؤسسة وإعادة تفعيل خدماتها في المدينة بعد سنوات من التدهور.
ومع تواصل الإضراب وتراكم القمامة، تتزايد التحذيرات من كارثة صحية وبيئية وشيكة قد تضاعف معاناة السكان، وفي المقابل، يرى مراقبون أن السلطات المحلية في تعز باتت أمام اختبار صعب، فهي مطالبة بخطوات عملية وسريعة تثبت جديتها في مواجهة الجريمة واستعادة هيبة الدولة، بعيداً عن البيانات الإنشائية، ما لم فإن الشارع قد يتجه نحو أشكال أكثر حدّة من الاحتجاج.