مطار رامون الإسرائيلي تحت النار.. من بديل استراتيجي للطوارئ إلى هدف خطير لقوات صنعاء

تقارير | بقش
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأحد أن طائرة مسيَّرة أُطلقت من اليمن سقطت داخل قاعة المسافرين في مطار رامون الدولي، ثاني أكبر مطار في إسرائيل بعد مطار بن غوريون، مما أسفر “دمار” في صالة الركاب، وإصابة ما لا يقل عن 8 أشخاص حتى لحظة كتابة هذا التقرير، إضافة إلى تعطيل حركة الطيران.
هيئة البث الإسرائيلية قالت إن الحادثة وقعت بعد اعتراض سلاح الجو الإسرائيلي 3 مسيَّرات، رُصدت في وقت سابق وهي تتجه من الأجواء اليمنية نحو إسرائيل، وأشار جيش الاحتلال أن اثنتين من هذه المسيرات تم اعتراضهما قبل دخول المجال الجوي، بينما تمكنت الثالثة من اختراق الدفاعات والوصول إلى المطار، وقد نجحت في دخول الأجواء عبر شبه جزيرة سيناء.
تم إغلاق المجال الجوي فوق مطار رامون بشكل فوري، وجرى تعليق جميع عمليات الإقلاع والهبوط حتى إشعار آخر حسب اطلاع بقش على إعلان هيئة المطارات الإسرائيلية، مشيرة إلى أنها تعمل على إعادة الحركة الجوية إلى طبيعتها في أسرع وقت ممكن، بينما هرعت فرق الإطفاء والإنقاذ إلى المكان للتعامل مع الأضرار. وأحدث الانفجار حالة من الهلع بين المسافرين والعاملين في المطار بالقرب من مدينة إيلات المحتلة على البحر الأحمر.
رئيس بلدية إيلات، إيلي لانكري، علّق على الحادثة قائلاً إن سقوط طائرة مسيرة دون سابق إنذار أمرٌ مقلق للغاية، وأضاف: “تحدثتُ مع قادة الجبهة الداخلية لفهم ما حدث، وأنا بانتظار إجابات. كنا نعلم أن الحوثيين لن يتخلوا عن إيلات ولن ينسوا ذلك، وهذا ما يحدث”.
وأكد رئيس بلدية إيلات أن “الحوثيين ما زالوا يهددوننا، وميناؤنا البحري معطل، ونشاطه شبه معدول، وهذا ضرر اقتصادي هائل”. وتابع: “لا يمكن لدولة ذات سيادة أن تتحمل إغلاق ممر ملاحي. آمل أن يُزال هذا التهديد من البلاد نهائياً”.
مطار رامون.. الأهمية والمخاطر على إسرائيل
حسب اطلاع بقش على صحيفة يسرائيل هيوم العبرية، استهداف مطار رامون الدولي يحمل “دلالة استراتيجية خطيرة”، لأنه ثاني أكبر مطار في إسرائيل بعد مطار بن غوريون، مشيرة إلى أن المسيَّرات القادمة من اليمن باتت تشكل تهديداً متزايداً للبنية التحتية الحيوية الإسرائيلية، رغم بُعد المسافة.
وفي معرض الحديث عن خطورة التهديدات، أوردت الصحيفة: “للأسف، انخفض الاهتمام بالحدود الشرقية في كل ما يتعلق بأنظمة الكشف والإنذار بشكل ملحوظ بعد الحرب مع إيران، وقد رأينا النتيجة في الحادثة التي وقعت اليوم، ويجب أن تعرف المؤسسة الأمنية كيفية الحفاظ على الاهتمام المستمر بمنطقتنا، مع إدراك أن المعركة القادمة ستنطلق من الحدود الشرقية”.
ورغم الحديث الإسرائيلي عن استئناف عمل المطار “بكامل طاقته” بعد ساعتين من استهدافه، إلا أن التوتر لا يزال قائماً في المطار ورحلاته المغادرة والقادمة، وهو ما يزيد من إرباك قطاع الطيران الإسرائيلي، وبالتالي تهاوي سمعة إسرائيل دولياً بشكل أكبر وزيادة تجنب شركات الطيران الأجنبية الطيران من وإلى منطقة مهددة وساخنة.
ويمثل استهداف مطار رامون الدولي نقلة نوعية في معادلة الصراع، فقد أُنشئ هذا المطار بالأساس ليكون بديلاً استراتيجياً في حال تعطل أو استهداف مطار بن غوريون، الذي يتم استهدافه أيضاً من قبل قوات صنعاء.
ولاستهداف مطار رامون مخاطر استراتيجية جسيمة، فهو يهدد الأمن القومي الإسرائيلي، إذ إن وصول الطائرات المسيّرة أو الصواريخ إلى أقصى الجنوب الإسرائيلي يُظهر هشاشة الدفاعات الجوية رغم منظومات مثل “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود”.
كما تفرض المخاطر الاقتصادية نفسها، فقطاع الطيران والسياحة في إيلات سيعاني مباشرة، حيث يعتمد المطار على استقبال السياح القادمين من أوروبا وروسيا وفقاً للمعلومات التي اطلع عليها بقش، وانخفاض حركة الطيران تعني خسائر في إيرادات النقل الجوي والفندقة والمطاعم والبنية السياحية المرتبطة بالمطار.
وكان الإسرائيليون يعتبرون منطقة إيلات “الأكثر أماناً” وبعيدة عن مدى الصواريخ الفلسطينية أو اللبنانية، لكن استهداف رامون من قبل قوات صنعاء ينسف هذه الفرضية، ويولد شعوراً بالهشاشة الأمنية ويزيد الضغط على الحكومة والجيش.
وثمة مخاطر على قطاع الطيران الإسرائيلي، تتمثل في ارتفاع تكاليف التأمين، فشركات الطيران العالمية والمحلية سترفع أقساط التأمين على الرحلات من وإلى إسرائيل، وهناك احتمالية قوية لتقليص عدد الرحلات الدولية أو تعليقها مؤقتاً، مما يعزل إسرائيل جزئياً عن حركة الطيران العالمية، مع تراجع الثقة الدولية في مطار رامون الذي يتم التسويق له كمركز بديل للطوارئ.
وفي الفترة المقبلة يمكن تقليص الاعتماد على مطار رامون كبديل لمطار بن غوريون، وزيادة الاعتماد على اتفاقيات مع شركات تأمين ودول أخرى لتعويض أي خسائر في النقل الجوي، ويمكن أن تتوجه إسرائيل إلى دراسة وإعادة التفكير في استراتيجية حماية المطارات والمنشآت المدنية الحيوية، وكل ذلك يعني تكاليف مالية إضافية تزيد من تعقيدات أزمة الموازنة الإسرائيلية.
هذا ويقع مطار رامون إيلات على بعد نحو 19 كيلومتراً إلى الشمال من مدينة إيلات، ويشكّل البوابة الجنوبية لإسرائيل، وهو أول مطار دولي وداخلي يتم تخطيطه وبناؤه من الأساس وحتى النهاية من قبل سلطة المطارات في الكيان.
ويضم الكيان نظماً متطورة للفحص الأمني، برج المراقبة، مركز طاقة متطوّر، مسلك نقل، ساحات وقوف، منظومة تصنيف للحقائب بتكنولوجيا حديثة، محطة لإطفاء الحريق، ومناطق تشغيل ودعم حديثة.
وقُدرت تكلفة بناء هذا المطار في 2013، بحوالي1.7 مليار شيكل (ما يعادل 505.7 ملايين دولار) وفق قراءة بقش، وقد تم تحصين المطار بسياج مرتفع للحيلولة دون استهداف الطائرات.
ويحتوي المطار على برج مراقبة يصل ارتفاعه إلى45 متر، ويتضمن 60 موقفاً للطائرات، وكذلك ساحات وقوف للطائرات النفاثة المتوسطة وعريضة الجسم، ويستقبل المطار نحو مليوني مسافر سنوياً.
استهداف مطار رامون عموماً كشف عن ثغرة استراتيجية خطيرة لإسرائيل، إذ لم يعد أي مطار أو منشأة حيوية بمنأى عن الهجمات، في حين يواجه قطاع الطيران الإسرائيلي الآن أزمة ثقة وتكاليف متزايدة، ويتزايد الضغط على الحكومة الإسرائيلية المغضوب عليها شعبياً داخل إسرائيل، لإيجاد حلول واقعية في ظل اتساع رقعة التهديدات.