الاقتصاد العربي
أخر الأخبار

مصر تطلق خطة تاريخية لإعادة إعمار غزة بتكلفة 53 مليار دولار

كشفت وثيقة مسربة اطلع “مرصد بقش” على نسخة منها عن خطة مصرية طموحة لإعادة إعمار قطاع غزة بتكلفة تُقدر بـ53 مليار دولار، وذلك بعد حرب مدمرة شنها الكيان الإسرائيلي في أكتوبر 2023، أسفرت عن دمار غير مسبوق في البنية التحتية وحصيلة بشرية مروعة.

وتستند الخطة، التي أعدتها القاهرة بالتعاون مع جهات دولية، إلى بيانات من البنك الدولي و الأمم المتحدة وتستهدف مواجهة الكارثة الإنسانية التي يعيشها مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر.

أسفرت الحرب عن 47 ألف شهيد، بينهم 13 ألف طفل و7,200 امرأة، وإصابة 111 ألف آخرين، وفق الوثيقة التي أعدتها الجهات المصرية. ونزح 1.9 مليون شخص داخل القطاع، يعاني 91% منهم من انعدام الأمن الغذائي، مع توقعات بتفاقم الأوضاع مع اقتراب أبريل 2025.

وتشير التقديرات إلى أن 1.8 مليون شخص أصيبوا بأمراض معدية، بينما يحتاج مليون طفل إلى دعم نفسي عاجل، منهم 17 ألفاً فقدوا ذويهم.

مراحل إعادة الإعمار من السكن الطارئ إلى الميناء الجوي

قُدرت الخسائر المادية المباشرة بـ29.9 مليار دولار، منها 16.3 مليار دولار في قطاع الإسكان بعد تدمير 330 ألف مبنى، بينما بلغت الأضرار في القطاع الصحي 7.6 مليارات دولار بعد تدمير نصف المستشفيات.

ولم يسلم التعليم من الكارثة، حيث دُمرت 88% من المدارس، مما ترك 745 ألف طفل خارج الفصول الدراسية. كما انهار الاقتصاد الغزي بنسبة 83% عام 2024، وارتفعت البطالة إلى 80%، بينما قفز التضخم إلى 309% بسبب شح السلع الأساسية.

وتنقسم الخطة إلى ثلاث مراحل متتالية: تبدأ مرحلة “التعافي المبكر” على مدى ستة أشهر بتكلفة 3 مليارات دولار، وتشمل توفير وحدات سكن مؤقتة من الحاويات لإيواء 1.6 مليون نازح، وإزالة الركام والألغام من الشوارع الرئيسية مثل محور صلاح الدين، وبدء ترميم 60 ألف منزل متضرر جزئيًا.

تليها المرحلة الأولى (2025-2027) بتكلفة 20 مليار دولار، والتي تركز على بناء 200 ألف وحدة سكنية دائمة، واستصلاح 20 ألف فدان زراعي، وإعادة تأهيل شبكات الكهرباء والمياه.

أما المرحلة الثانية (2027-2030) بتكلفة 30 مليار دولار، فتشمل إنشاء 200 ألف وحدة سكنية إضافية، ومنطقة صناعية على مساحة 600 فدان، وميناء صيد بحري، وميناء تجاري، ومطار دولي، بهدف استيعاب 3 ملايين نسمة وتحفيز الاقتصاد.

تحديات جسيمة مقابل تمويل دولي وصندوق ائتماني ومؤتمر بالقاهرة

تستهدف الخطة جمع 53 مليار دولار عبر صندوق ائتماني دولي يُشرف على توزيع التمويل من جهات مانحة ومؤسسات مثل البنك الدولي، بالإضافة إلى استثمارات القطاع الخاص.

وتعتزم مصر عقد مؤتمر دولي رفيع المستوى في القاهرة لدعم الخطة، بمشاركة السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة.

تواجه الخطة عقبات كبيرة، أبرزها استمرار الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر، مما يعيق دخول مواد البناء والعمالة. كما تشترط الخطة تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وضمانات أمنية تمنع استئناف القتال، إلى جانب قيادة فلسطينية للعملية دون إعادة توطين السكان خارج القطاع.

منهجية علمية: دروس من العراق وسوريا

تعتمد الخطة على تحليل بيانات الأقمار الصناعية التي توثق تدمير 1190 كم من الطرق، ومراجعة تجارب إعمار دول تعرضت لحروب مماثلة مثل العراق وسوريا.

تؤكد الوثيقة على ضرورة تنفيذ المشاريع بأيدي فلسطينية، مع الحفاظ على حق اللاجئين في العودة، ورفض أي توطين خارج حدود القطاع.

رغم الطموح الكبير الذي تحمله الخطة، يبقى تنفيذها رهيناً بتضافر الجهود الدولية وتجاوز التعقيدات السياسية.

فالأمر لا يتعلق فقط بإعادة بناء المباني، بل بإحياء مجتمع دمرته الحرب، حيث يعيش 64% من المصابين بإعاقات دائمة، وتحتاج الغالبية العظمى من الأطفال إلى دعم نفسي.

هكذا، تقدم الخطة المصرية فرصة أخيرة لتحويل التعاطف الدولي إلى فعل ملموس، في اختبارٍ حاسم لمصداقية المجتمع الدولي أمام إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى