
يحل اليوم الخميس، الأول من مايو، عيد العمال العالمي الذي يكرّس سنوياً حقوق العمال ويدعو إلى تحسين أوضاعهم، في الوقت الذي يعيش فيه عمال اليمن ظروفاً اقتصادية ومعيشية سيئة وسط تأخر صرف الرواتب وتدني قيمتها وانهيار العملة المحلية وعدم تحسن ظروف العمل.
وفي صنعاء أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلغاء الاحتفال بمناسبة عيد العمال العالمي تضامناً مع غزة، وقالت إنها تفاجأت بطلب نقابة عمال اليمن بإلغاء الاحتفالية، مشيرةً إلى إدانتها الجرائم الأمريكية في اليمن التي تستهدف المدنيين والعمال بمن فيهم عمال ميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة.
وفي عدن وباقي محافظات حكومة عدن التي تشهد احتجاجات متواصلة ضد تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وانهيار الريال اليمني، قالت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إن هناك الآلاف من العمال تم تشريدهم من وظائفهم وسلب حقوقهم خلال الحرب، ما أدى إلى تدهور أوضاعهم المعيشية، وأضافت أنها تضع في صدارة أولوياتها تحسين أوضاع العمال المعيشية، وتدعو بشكل دائم المانحين والشركاء الدوليين إلى تقديم الدعم اللامحدود وحشد التمويل اللازم لتنفيذ البرامج والمشاريع الحكومية لصالح القوى العاملة.
إضرابات وفرص معدومة وبطالة متفشية
يأتي عيد العمال العالمي في وقتٍ تشهد فيه عدن وباقي المحافظات إضرابات واسعة للعمال والنقابيين في مختلف المجالات، مطالبين بصرف مستحقاتهم ورفعها وتوقف الحكومة عن تجاهل مطالبهم والمماطلة في تنفيذها، وعدم إهانة العاملين بمستحقات متدنية ومحاولة إسكاتهم بحوافز يعتبرونها مهينة، كونهم يساهمون في تحريك عجلة الاقتصاد المتدهور.
وفي آخر مستجدات هذا الملف، أصدر مدرّسو جامعات عدن ولحج وأبين وشبوة بياناً حصل بقش على نسخة منه، قالوا فيه إن الإضراب كان قراراً أخلاقياً قبل أن يكون نقابياً، وإن الحقوق لا تُوهب بل تُنتزع، ولن تُنتزع إلا بثبات يليق بحَمَلة الرسالة، مؤكدين استمرار الإضراب والخروج في وقفة احتجاجية يوم الإثنين 05 مايو الجاري.
ويؤكد الاتحاد العام لنقابات عمال الجنوب على كارثية الأوضاع الحالية للتعليم، إذ يجد المعلمون أنفسهم في ظروف قاسية تجعل من الصعب عليهم أداء مهامهم.
فالمعلمون يتحملون الأعباء، ويعانون من كل أصناف الذل والإهانة وشظف العيش، ويكتفي بعضهم بوجبة واحدة فقط هو وأطفاله، ويطالبون حكومة عدن بتحمل مسؤولياتها والتوقف عن المراقبة السلبية للموقف، كون الأوضاع تنذر بكارثة وأزمة حقيقية.
ويعاني معلمو وتربويو مناطق حكومة صنعاء بدورهم من ظروف عمل ومعيشة متردية في الوقت الذي لا يزالون فيه مداومين على عملهم بمستحقات منخفضة تتمثل في نصف راتب غير منتظم، يبلغ وفق معلومات بقش 30 ألف ريال فقط، وهو ما لا يغطي احتياجات النقل للمعلمين، فضلاً عن تغطية احتياجات أسرهم، في مشهد يعبر عن عجز تام عن مواكبة الظروف الصعبة.
وبشكل عام، يعاني العمال والعاملات الذين يمثلون الشريحة الأكبر من المجتمع، من مماطلة السلطات إزاء مطالبهم بتحسين ظروف العمل والمعيشة.
ويعيش اليمن ككل ظروفاً خانقة انعكست على حياة اليمنيين وظروف العمال وأدت إلى انعدام الفرص وتفشي البطالة التي ارتفعت 3 أضعاف ما قبل الحرب، فوق 35% وفق بيانات اطلع عليها بقش.
فقر وبطالة بين الشباب وفشل حكومي
تفيد بيانات أممية بأن معدل الفقر في اليمن الذي يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، قفز فوق 80%، فيما ارتفعت البطالة في أوساط الشباب إلى أكثر من 75%، مع تراجع النشاط الاقتصادي في كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية، وهو ما يعبّر عن تآكل مصادر الدخل لأغلب الفئات العاملة.
ويقول المحلل الاقتصادي أحمد الحمادي إن انهيار العملة المحلية إلى تدهور القوة الشرائية للمواطنين، بمن فيهم العاملون الذي يعانون من انخفاض أجورهم بشكل حاد وعدم انتظام صرفها وشبه انعدام الأمان الوظيفي حد تعبيره.
ويشير الحمادي لـ”بقش” إلى أن الشباب باتوا يقبلون أي فرص عمل تتأتى لهم حتى لو كانت غير مناسبة، أو غير موائمة لمؤهلاتهم ودراساتهم، مؤكداً أن مثل هذا الوضع لا يخلق بيئة عمل بإمكانها أن تحرك عجلة الاقتصاد، وبالتالي لا يمكن الحديث عن أعمال حقيقية مساهمة في البناء ومدعومة من السلطات.
ويعلّق الخبير الاقتصادي ماجد الداعري، رئيس تحرير صحيفة “مراقبون برس”، بأن هذا الوضع برمّته يكشف عن مستوى عجز وفشل وتخبط الحكومة في إيجاد أي حلول أو معالجات ممكنة، مشيراً إلى أن انهيار الصرف تبعته أوضاع كارثية في ظل تعقد وتكالب الأزمات الاقتصادية وانهيار الاقتصاد وغياب الموارد وتصدير النفط واستشراء الفساد وتعطل عمل الحكومة ومؤسساتها وأجهزتها الرقابية، ما يعني بالنتيجة فشل كافة منظومة الدولة في إيجاد الحلول والمعالجات، وفق تصريحه لـ”بقش”.
ويترافق تفشي البطالة مع انهيار القطاعات التشغيلية وتدهور القطاع العام والقطاعات الحيوية بما فيها قطاع الزراعة وقطاع الصيد، وكذا تقلص منافذ التصدير.
فالقطاع العام، على سبيل المثال، كان مصدراً هاماً للوظائف قبل الحرب، وتشير بيانات طالعها بقش لمنظمة العمل الدولية إلى أن أكثر من 30% من القوى العاملة في اليمن كانت تعمل في القطاع العام قبل 2015، في حين تورد أرقام يمنية رسمية أنّ كشوف الرواتب العامة تحتوي على حوالي 1.25 مليون شخص، وكانت هذه الرواتب تدعم قرابة 6 ملايين شخص في البلاد.
وإذ يتقدم مرصد “بقش” لكل عاملي اليمن بالتهاني والتقدير أمام قصص صبرهم، فإن من الصعب التنبؤ على المديين القريب والبعيد بمستقبل العمال في البلاد ومدى استيعاب مشاكلهم ومطالبهم من قبل الجهات المختصة، وهو ما يترك باب الترقب، إن لم يكن الأمل، مفتوحاً حتى إشعار آخر.