عدن في مهب العواصف الاقتصادية: “بن بريك” يبحث عن طوق نجاة في الرياض وسط حديث عن فتور خليجي

متابعات محلية | بقش
تتفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة عدن، دافعة برئيس الوزراء الجديد، “سالم صالح بن بريك”، إلى البقاء في العاصمة السعودية الرياض بعد أيام من أدائه اليمين الدستورية، في مسعى يبدو عسيراً لتأمين دعم مالي واقتصادي عاجل.
وبينما تتحدث المصادر الحكومية عن “متابعة حثيثة” لملفات المرتبات والكهرباء واستقرار العملة، يرى مراقبون أن هذه الجهود تأتي في سياق اقتصادي كارثي، وسط تساؤلات متزايدة حول مدى جدية واستمرارية الدعم الخليجي لحكومة عدن.
فالوضع في عدن والمحافظات الأخرى وصل إلى مستويات غير مسبوقة من التدهور، فانهيار العملة الوطنية هو السمة الأبرز، حيث فقدت قيمتها بشكل دراماتيكي أمام العملات الأجنبية وصل إلى 2600 ريال مقابل الدولار الواحد حسب متابعات بقش، مما أدى إلى موجات غلاء فاحش طالت كافة السلع الأساسية والوقود.
هذا الانهيار النقدي، المقرون بانقطاعات شبه دائمة للتيار الكهربائي، حوّل حياة المواطنين إلى جحيم، وعمّق حالة السخط الشعبي.
وفيما يصف مصدر حكومي لقاءات بن بريك في الرياض، بما في ذلك مع وزير الدفاع السعودي، بـ”المثمرة والمشجعة”، فإن هذه اللغة الدبلوماسية لا تخفي حقيقة التحديات الجسيمة التي تواجهها حكومته في الحصول على تعهدات دعم قوية ومستدامة.
الحديث عن “حرص الأشقاء في المملكة على دعم اليمن” يتناقض مع شعور متنامٍ في الشارع اليمني بأن دول التحالف، التي تدخلت عسكرياً قبل سنوات، قد بدأت برفع يدها تدريجياً عن الملف الاقتصادي، أو على الأقل ربط أي دعم مستقبلي بشروط أكثر صرامة.
ويعزو العديد من المحللين هذا الفتور الخليجي الملحوظ إلى عوامل متعددة، أبرزها استشراء الفساد الذي نخر مؤسسات الدولة اليمنية على مدى سنوات، فالمليارات التي ضُخت سابقاً كدعم اقتصادي وإنساني لم تنجح في إحداث تعافٍ مستدام، ويُعتقد أن جزءاً كبيراً منها قد تبدد بسبب سوء الإدارة والفساد، مما أدى إلى استنزاف الثقة وإلى تردد المانحين في تكرار تجارب سابقة دون ضمانات حقيقية بحسن الإدارة والشفافية.
سعي رئيس الوزراء “لحشد الدعم المالي والاقتصادي العاجل لوقف تراجع سعر صرف العملة الوطنية وضمان انتظام صرف المرتبات، ومعالجة أزمة الكهرباء”، كما ورد في تصريحات وكالة سبأ، هو اعتراف ضمني بحجم الكارثة.
لكن هذا السعي يصطدم بواقع مرير، حيث لم تعد الوعود الإعلامية أو اللقاءات الشكلية كافية لإقناع المواطنين أو حتى الشركاء الإقليميين والدوليين. وأكد المصدر الحكومي أن رئيس الوزراء “لن يرضى بالعودة إلى عدن دون أن يحمل معه بشائر الانفراجة” مما يرفع منسوب التحدي.
فالمواطنون، الذين طال انتظارهم، يترقبون أفعالاً لا أقوالاً، خاصة مع استمرار تدهور الخدمات الأساسية واقتراب مواسم تزداد فيها المتطلبات المعيشية الملحة، مثل عيد الأضحى المبارك.
ويبقى الوضع الاقتصادي اليمني على شفا الانهيار الشامل، مع تحذيرات من مجاعة كارثية. وفيما تعلق الحكومة آمالها على تدخل “الأشقاء والشركاء”، فإن استمرار هذا الوضع دون معالجات جذرية للأزمة الاقتصادية وملف الفساد، قد يدفع بالأمور إلى ما لا يُحمد عقباه، ويجعل مهمة بن بريك أشبه بالمستحيلة في ظل المعطيات الراهنة.