
تقارير | بقش
توقفت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة بعد عامين (بدأت في أكتوبر 2023 وانتهت في أكتوبر 2025)، لتترك خلفها آثاراً كارثية على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، إذ دُمرت البنية التحتية للخدمات العامة والمؤسسات الاقتصادية والسكنية والزراعية، ووسائل النقل والاتصال والطاقة والمياه، ما تسبب بخسائر مالية هائلة وتدمير شبه كامل للمرافق الحيوية.
مرصد “بقش” في أحدث بياناته التحليلية يشير إلى أن الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بقطاع غزة، وصلت إلى نحو 70 مليار دولار.
هذا الرقم التراكمي غير المسبوق جاء نتيجة لعدد من الحقائق المرتبطة بالتدمير الإسرائيلي لأشكال الحياة في القطاع المحاصر. واعتماداً على البيانات الرسمية وغير الرسمية المتاحة، يفنّد “بقش” الحقائق الآتية:
- انكماش الناتج المحلي الإجمالي بين 45% و60% (أكبر انكماش منذ 2007).
- تجاوز معدلات البطالة 80%.
- فقدان 220 ألف شخص وظائفهم كلياً أو جزئياً (+75% من إجمالي القوى العاملة).
- 90% من السكان تحت خط الفقر، و+75% منهم تحت خط الفقر المدقع.
- تدمير +85% من المنشآت الاقتصادية (بين تدمير كلي وجزئي).
- تدمير 400 ألف وحدة سكنية (كلي وجزئي).
- +1.9 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة (من أصل 2.3 مليون نسمة).
- 495 ألف (22% من السكان) يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الخامسة).
- تدمير +3 ملايين متر طولي من الشوارع والطرق.
- تدمير 725 بئر مياه، وخروج 85% من مرافق المياه والصرف الصحي عن الخدمة.
- تدمير 5,080 كيلومتراً من خطوط الكهرباء.
- تدمير 94% من الأراضي الزراعية.
- تدمير 100% من مناطق صيد الأسماك وقوارب الصيد، وتضرر أكثر من 85% من الدفيئات الزراعية.
- تضرر 95% من مدارس قطاع غزة، وقصف مباشر لأكثر من 668 مبنى مدرسياً، وتدمير كلي لـ165 مدرسة وجامعة ومؤسسة تعليمية.
إعادة الإعمار والكارثة المفزعة
أمام هذه الكوارث الطاحنة والشاملة، تتراوح تكلفة إعادة إعمار القطاع ما بين 50 و55 مليار دولار وفقاً لتقديرات أولية.
ويستدعي الوضع القائم إلى اتخاذ كافة السبل والإجراءات العاجلة لإغاثة سريعة للشركات والبنوك والمصارف والمصانع والمحلات التجارية المتضررة كلياً وجزئياً.
كما هناك الحاجة إلى مشروع فوري لإزالة الأنقاض والركام الذي يبلغ 55 مليون طن ويغطي 90% من مساحة القطاع، مع إدخال المعدات الثقيلة والخفيفة اللازمة، وتحسين استخدام كميات الردم الهائلة.
ولتوضيح الصورة المأساوية أكثر: إذا كان وزن “برج إيفل” في العاصمة الفرنسية باريس يزن 10 آلاف طن، فإن ركام غزة يعادل 5,500 برج مماثل. كما يمكن بناء سور بطول وعرض “سور الصين العظيم”، الذي يمتد على مسافة 21 ألف كيلومتر، من هذا الركام.
ولو وُضع هذا الركام في شاحنات تحمل كل منها 20 طناً فقط، فسيمتد موكب الشاحنات لمسافة 30 ألف كيلومتر، بما يعادل 3 مرات المسافة بين قطاع غزة وواشنطن.
وأزمة الركام هذه تتجاوز التحدي اللوجستي الضخم، فقد باتت رمزاً تاريخياً وشاهداً على حجم المعاناة الإنسانية والتحدي المستقبلي الذي ينتظر سكان القطاع، فالشوارع المدمرة، وقنوات المياه والصرف الصحي المتضررة، والبنية التحتية المنهارة، كلها تشكل تحدياتٍ تُضاف إلى معضلة الركام الضخمة.
وبعد عامين من حرب الإبادة، يواجه قطاع غزة أكبر انهيار اقتصادي واجتماعي منذ عقود، ومن المتوقع أن تظل معدلات البطالة والفقر وغيرها من الكوارث مرتفعة، وأن يبقى الاعتماد على المساعدات الإنسانية طويل المدى، بعد التدمير شبه الكامل للبنية التحتية والاقتصاد المحلي.