منع ناقلة من دخول ميناء إيطالي بسبب إسرائيل.. عمال أوروبا ينفذون وعيدهم بضرب التجارة الإسرائيلية

تقارير | بقش
أوقفت سلطات الموانئ الإيطالية ناقلة النفط “سيسالفيا”، المسجلة في مالطا والمبنية عام 2013، ومنعتها من دخول ميناء تارانتو جنوب إيطاليا، حيث كان مقرراً أن تُحمَّل بـ30 ألف طن من النفط الخام المتجه إلى إسرائيل.
حسب اطلاع بقش على تقرير لصحيفة “تايمز أوف مالطا”، فإن الشحنة كانت مخصصة لميناء عسقلان، وتحديداً لتزويد سلاح الجو الإسرائيلي بالوقود، في وقت يتصاعد فيه الجدل حول مسار “أسطول الصمود العالمي” الذي يطالب بالرسو على سواحل غزة.
قرار المنع جاء بعد أن ألغت شركة إيني الإيطالية، مالكة مصفاة النفط التي كانت ستضخ الخام في عنابر السفينة المستأجرة من شركة شل، تصريح الرسو من جانب واحد، ولم يكن القرار إدارياً فحسب، بل جاء مدفوعاً بضغط شعبي ونقابي واضح.
فقد نظمت نقابتان إيطاليتان بارزتان، هما يو إس بي وكوباس، إلى جانب جمعيات مدنية وسكان محليين، احتجاجات في الميناء ضد تحميل السفينة بالنفط المتجه إلى إسرائيل، واتخذ الموقف منحى أكثر حدة بعدما أعلن عمال الموانئ في جنوة ومدن إيطالية أخرى أنهم، في حال تعرض “أسطول الصمود العالمي” لأي هجوم، “سيقومون بإغلاق كل شيء”.
وأشاد حزب الخضر ADPD الإيطالي بموقف النقابات، معتبراً أنه فعل عملي حقيقي مقارنة بما وصفه بالخطاب الإنشائي للحكومة المالطية، ففي الوقت الذي يواصل فيه رئيس وزراء مالطا، روبرت أبيلا، التنديد بسياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين وما يُعتبر “إبادة جماعية”، إلا أن حكومته لم تتخذ خطوات عملية ملموسة.
ويملك سجل السفن المالطي أحد أكبر سجلات الشحن في العالم، ما يمنح مالطا قدرة على التأثير المباشر من خلال سحب تسجيل السفن التي ترفع علمها وتقوم بتزويد إسرائيل بالوقود أو الأسلحة أو الموارد الأخرى، غير أن هذه الإجراءات لم تُفعّل حتى الآن، مما دفع الحزب البيئي إلى المطالبة بموقف أشد حزماً.
تأثير ذلك على إسرائيل
يأتي هذا التطور بينما تواجه إسرائيل أزمة مضاعفة بسبب التوترات في البحر الأحمر ومنع قوات صنعاء مرور السفن الإسرائيلية والمرتبطة بإسرائيل. فإغلاق الممرات أو تعرضها لتهديد مستمر يقيد حركة التجارة الأوروبية المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، ويجعل الحصول على النفط والمواد الخام أكثر صعوبة.
ولا يُعد منع ناقلة “سيسالفيا” حدثاً معزولاً، بل يعكس اتجاهاً متنامياً في أوروبا نحو استخدام الموانئ والعمال والنقابات كأداة ضغط ضد إسرائيل.
ومع استمرار إغلاق البحر الأحمر، تضطر السفن إلى الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، ما يرفع كلفة النقل والوقت بنسبة تتراوح بين 30% و50%، وهذه الكلفة الإضافية تضرب القدرة التنافسية للإمدادات الواصلة إلى إسرائيل، خاصة النفط الخام الذي يمثل عصب سلاحها الجوي وصناعاتها العسكرية.
ويواجه الاقتصاد الإسرائيلي، الذي يعتمد بنسبة كبيرة على التجارة البحرية مع أوروبا والولايات المتحدة، ثلاث صدمات متزامنة حالياً، الأولى منع شحنات نفط وموارد حيوية عبر موانئ أوروبية نتيجة الضغط الشعبي والنقابي، والثانية ارتفاع تكاليف النقل والتأمين بسبب إغلاق البحر الأحمر وتحوّل طرق التجارة، والثالثة اهتزاز صورة إسرائيل دولياً مع صعود خطاب المقاطعة الاقتصادية والنقابية في أوروبا.
وحسب تحليلات بقش، فإن هذه الصدمات تعني أن أي اضطراب إضافي في الإمدادات، كما حدث في ميناء تارانتو الإيطالي، يضاعف الضغوط على الاقتصاد الإسرائيلي الذي يتراجع بالأساس تحت وطأة الحرب.
وسيؤدي منع السفن إلى تعطيل مباشر لتدفق الموارد الحيوية إلى إسرائيل، خاصة النفط الخام، ما يساهم في إضعاف الجبهة العسكرية، وعلى المدى المتوسط قد يتحول تصاعد موجة المقاطعات النقابية في أوروبا إلى سياسة رسمية أوسع، ما يعمّق عزلة إسرائيل اقتصادياً.