الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

من الاستقلال إلى الاستغلال.. البنوك المركزية العالمية تخشى سيطرة ترامب على “البنك المركزي الأمريكي”

الاقتصاد العالمي | بقش

يخشى محافظو البنوك المركزية العالميون، الذين اجتمعوا في “جاكسون هول” بولاية وايومنغ الأمريكية خلال عطلة نهاية الأسبوع، من أن العاصفة السياسية المحيطة ببنك الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأمريكي” قد تشملهم أيضاً، حيث أثارت مساعي دونالد ترامب لإعادة تشكيل مجلس الاحتياطي وضغطه لخفض أسعار الفائدة، هواجس مما إذا كان المركزي الأمريكي يمكنه الحفاظ على استقلاليته ومصداقيته في مكافحة التضخم.

ومع ضغوط ترامب لإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول”، فإنه في حال استسلام أقوى بنك مركزي في العالم سيتم وضع سابقة خطيرة من أوروبا إلى اليابان، فالمعايير الراسخة لاستقلالية السياسة النقدية ستكون على المحك، وستتعرض لهجوم من قبل السياسيين المحليين.

خطاب باول الأخير

يوم الجمعة الماضي، استخدم جيروم باول خطابه الرئيسي للإشارة إلى أن البنك يتجه نحو خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل في سبتمبر، لكن ثمة انقسامات واضحة بين صانعي السياسة حول ما إذا كان هذا القرار صائباً، وقد أقر باول نفسه بأن الاقتصاد وضع مسؤولي البنك الفيدرالي أمام “وضع صعب”.

وبدا خطاب باول أنه خطابه الأخير في جاكسون هول كرئيس للبنك الفيدرالي وفقاً لوكالة بلومبيرغ، وأكد أن تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار بات واضحاً، لكن ما زالت هناك تساؤلات حول ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى إعادة تأجيج التضخم بشكل أكثر استدامة، وقال إن وضع سوق العمل الحالي غامض، إذ يتراجع الطلب على العمالة وكذلك المعروض منها.

ورغم ذلك، فتح باول الباب أمام خفض الفائدة في اجتماع الفيدرالي يومي 16 و17 سبتمبر. وقد أظهرت البيانات الأخيرة التي اطلع عليها مرصد بقش أن التضخم استقر فوق هدف 2% الذي يستهدفه الفيدرالي، مع إشارات إلى أن الضغوط السعرية بدأت تمتد إلى سلع وخدمات لا تتأثر مباشرة بالرسوم الجمركية.

وبينما لا يتضح مسار الاقتصاد، تشتد الخلافات بين صانعي السياسة حول الخطوة التالية التي يجب اتخاذها، وقد تتصاعد الانقسامات في الأشهر المقبلة مع تعيين ترامب مسؤولين جدد في مناصب شاغرة داخل الفيدرالي، ومع اقتراب انتهاء ولاية باول كرئيس في مايو 2026. ويشار إلى أن ترامب رشح ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين لديه، لملء مقعد شاغر في مجلس الفيدرالي تنتهي ولايته في يناير المقبل.

فقدان الاستقلالية

المحادثات بين محافظي البنوك المركزية العالمية كشفت أن السيناريو الذي يرى فيه الاحتياطي الأمريكي قدرته على مواجهة التضخم معرضة للخطر بسبب فقدان استقلاليته، يُعتبر تهديداً مباشراً لمكانتهم وللاستقرار الاقتصادي بشكل أوسع، معتبرين أن ذلك سيؤدي إلى اضطرابات كبيرة في الأسواق المالية، حيث سيطالب المستثمرون بعلاوة أكبر لامتلاك السندات الأمريكية وإعادة تقييم وضع سندات الخزانة باعتبارها شريان الحياة للنظام المالي العالمي.

وقد بدأت البنوك المركزية العالمية بالاستعداد للتداعيات، من خلال مطالبة المقرضين الخاضعين لإشرافها بمراقبة تعرضهم للعملة الأمريكية.

ويعني استسلام مجلس الفيدرالي إنهاء نظام حقق استقراراً نسبياً للأسعار واستمر على الأقل لمدة 40 عاماً، وجعل البنوك المركزية تتبع نموذج “الفيدرالي” المتمثل في الاستقلال السياسي والتركيز التام على مهامها.

يواخيم ناغل، رئيس البنك المركزي الألماني، وعضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، قال إن الاستقلالية هي الشرط الأساسي لاستقرار الأسعار”.

احتياج الاقتصادات الغنية للعمال

في السياق نفسه، ووفقاً لاطلاع بقش على صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، حذّر كبار محافظي البنوك المركزية من أن أكبر اقتصادات العالم ستفتقر إلى العمالة اللازمة لدفع عجلة النمو والحفاظ على استقرار الأسعار في العقود المقبلة ما لم تجذب المزيد من الأجانب.

وفي جاكسون هول، سعى رؤساء بنك اليابان والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا إلى جانب جيروم باول، إلى توضيح التحدي الذي تشكله شيخوخة السكان على النمو الاقتصادي. رأى محافظ بنك اليابان أن مجتمع بلاده الذي يشهد شيخوخة سريعة جعل نقص العمالة إحدى أكثر القضايا الاقتصادية إلحاحاً في البلاد.

وفي كافة الاقتصادات الغنية، وصلت معدلات المواليد إلى مستويات منخفضة تاريخياً، في حين يعيش الناس لفترة أطول بكثير، مما أدى إلى رفع ما يُسمى بنسب الإعالة، وهي تعني أن نسبة أكبر بكثير من السكان لم تعد في سن العمل. ورأت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، أن تدفق العمال الأجانب سيلعب دوراً حاسماً في مواجهة التأثير السلبي للاتجاهات الديمغرافية على النمو الاقتصادي.

وبدون تدفق العمال الأجانب، سيقل عدد الأشخاص في سن العمل في منطقة اليورو بمقدار 3.4 ملايين شخص بحلول عام 2040، وفقاً لـ”لاغارد”. وبدوره قال محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، إن التحدي الكبير الذي تُشكله التركيبة السكانية وتراجع الإنتاجية على اقتصاد بريطانيا لم يُركز عليه بما فيه الكفاية.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش