
الاقتصاد اليمني | بقش
أبرزت حكومة صنعاء قطاع صناعة الملبوسات كأحد الملفات التي تحظى باهتمام متزايد باعتباره قطاعاً كثيف العمالة وقادراً على تحقيق قيمة مضافة سريعة نسبياً، وخصوصاً في ضوء قانون الاستثمار الجديد وفق رؤية الحكومة.
وعبّرت عن ذلك وزارة الاقتصاد بصنعاء، بقولها إن سوق الملابس تُعد من “الجبهات الاقتصادية الحيوية”، مشيرةً إلى أن السوق المحلي بدأت تتعافى بشكل ملحوظ وبجودة منافسة مع تنامي القاعدة الإنتاجية في قطاع الملبوسات.
ووفق اطلاع بقش على تصريحات الوزارة، فإن هناك قاعدة إنتاجية عالية في القطاعين السوقي والإنتاجي لصناعة الملابس، ويتم التوجه نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي والانتقال لاحقاً إلى التصدير.
عن مصنع الغزل والنسيج
وتطرقت الوزارة في تصريحاتها، اليوم الأحد، إلى مصنع الغزل والنسيج بوصفه أحد “المصانع القومية المهمة”، مشيرةً إلى أن المصنع تعرّض لمحاربة ممنهجة أدت إلى تعطله. وفي الوقت ذاته، أكدت أن هناك جهوداً جارية لإعادة تشغيل المصنع، واستغلال القطن المحلي في صناعة الملابس.
ويمثل هذا المصنع، في الخطاب الرسمي، نموذجاً للتحديات التي واجهت القطاع الصناعي خلال السنوات الماضية، كما يمثل فرصة لإعادة بناء سلسلة قيمة متكاملة تبدأ من الزراعة (القطن) وتنتهي بمنتج صناعي محلي، بما يحقق قيمة مضافة للاقتصاد، ويوفر فرص عمل، ويقلل الاعتماد على الاستيراد.
ويوصف مصنع الغزل والنسيج، المتضرر من الحرب، بأنه المصنع الأول في الجزيرة العربية، حيث كان يغطي مختلف الاحتياجات في البلاد، وتم تشييده بعد قيام ثورة 26 سبتمبر، وحسب قراءة بقش فقد بدأت المراحل الإنتاجية للمصنع في عام 1967 بإنتاج الخيوط الملونة والأقمشة القطنية، بمتوسط إنتاج يتراوح بين 37 إلى 44 ألف ياردة يومياً، ومن 10 إلى 11 مليون ياردة سنوياً.
ويتألف المصنع من عدة أقسام، القسم الأول قسم الغزل المتخصص في إنتاج الغزول المختلفة، والثاني قسم التحضير وتجهيز الغزول إلى إنتاج النسيج، والثالث قسم إنتاج الأصناف المختلفة من الألبسة، ثم قسم النسيج المختص بطباعة وصياغة الأقمشة المنتجة.
منع الاستيراد وتوطين الصناعات
وضمن أدوات السياسة الصناعية، أعلنت الوزارة عن إقرار قائمة استيراد أولى تضم أكثر من 20 صنفاً، تم منع استيرادها والعمل على توطين صناعتها محلياً، وأضافت أن عملية منع الاستيراد ستتم عبر مراحل، بما يتيح استكمال ما وصل إلى المنافذ، وتصريف المخزون الموجود في الأسواق، تفادياً لأي اضطرابات مفاجئة.
ويهدف هذا التدرج، وفق الوزارة، إلى خلق توازن بين حماية المنتج المحلي وعدم إحداث نقص حاد في المعروض، مع منح المصانع المحلية الوقت الكافي لرفع طاقتها الإنتاجية وتحسين الجودة.
كما تشمل الخطة الأوسع توطين صناعات أخرى، مثل صناعات الأنبولات والبلاستيك، والعمل على توفير مدخلات إنتاج محلية تقلل من الاعتماد على الخارج.
قانون الاستثمار الجديد: الإطار التشريعي الداعم
في صلب هذه التوجهات، يبرز قانون الاستثمار الجديد كأحد الأدوات التشريعية التي تعول عليها الحكومة لتحفيز النشاط الاقتصادي.
الوزارة وصفت القانون بأنه “من أفضل القوانين”، وأنه تضمّن حوافز وإعفاءات موجهة خصوصاً لرؤوس الأموال المتوسطة، باعتبارها الأكثر قدرة على التحرك داخل الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل.
تشمل هذه الحوافز، حسب التصريحات، إعفاءات وتسهيلات من شأنها تخفيف كلفة الاستثمار، إلى جانب ضمانات وتطمينات قانونية للمستثمرين، تم إعدادها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة. وتهدف هذه الضمانات إلى حماية حقوق المستثمرين، وتقليل المخاطر، وتعزيز الثقة في البيئة الاستثمارية، سواء للمستثمرين المحليين أو لمن يفكرون في الدخول إلى السوق اليمنية.
كما تحدثت الوزارة عن توجه لإطلاق “نافذة واحدة” مطلع العام 2026، تُعنى باستلام شكاوى المستثمرين ومعالجتها. وتهدف هذه الخطوة إلى تقليص البيروقراطية، وتسريع الإجراءات، وتوفير قناة مباشرة للتواصل بين المستثمرين والجهات الحكومية.
وتُعد هذه الآلية جزءاً من حزمة إصلاحات يُراد منها تحسين بيئة الأعمال، ومعالجة الإشكالات الإدارية والتنظيمية التي طالما شكّلت عائقاً أمام الاستثمار، لا سيما في القطاعات الصناعية.
هذا وتعبّر التصريحات الجديدة الصادرة عن وزارة الاقتصاد عن رؤية رسمية لإحياء القطاع الصناعي، وعلى رأسه صناعة الملبوسات، بوصفه مدخلاً للتعافي، بموجب الحوافز التي يقدمها قانون الاستثمار.
وقانون الاستثمار الجديد في صنعاء هو القانون رقم (3) لسنة 2025، الذي طُرح لأهداف معلنة منها جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية عبر تقديم حوافز وضمانات للمستثمرين، والتركيز على دعم المنتج المحلي وتوطين الصناعات، وإنشاء نافذة واحدة لتسهيل الإجراءات، وتقول حكومة صنعاء إن من مزاياه تقديم إعفاءات ضريبية وجمركية، وتنظيم تسوية المنازعات، وتطبيق نظام حوافز واضح ومفصل.
وتقول حكومة صنعاء وفق متابعات بقش إن القانون يشجع الاستثمار قطاعات حيوية مثل الطاقة، البنية التحتية، الصناعات التحويلية، الزراعة، والصناعات الغذائية والدوائية.
وتشير تحليلات اقتصادية إلى أن ترجمة هذه الأهداف إلى نتائج ملموسة ستظل مرهونة بقدرة المؤسسات على التنفيذ، واستقرار السياسات، وتوافر مدخلات الإنتاج، إضافة إلى تفاعل السوق والمستهلكين مع المنتج المحلي، إذ يبقى قطاع الملبوسات أمام طريق طويل لفحص جدوى السياسات الاقتصادية الجديدة، ومدى قدرتها على إحداث تحول حقيقي في بنية الاقتصاد.


