
في أسواق العالم تتوسع شركات السيارات الصينية بأقصى وتيرة وبالأخص في دول الجنوب العالمي، بالسيارات الكهربائية وغير الكهربائية. وبالنظر إلى واقع هذه الأسواق فإن شركاتٍ صينية مثل “بي واي دي” و”جيلي” تتجاوز الشركات الغربية من حيث الصادرات.
ووفق أحدث البيانات التي طالعها بقش، فإن حجم الصادرات الصينية وصل إلى 4.7 ملايين سيارة في 2023، بسبب ارتفاع إنتاج محركات الاحتراق الداخلي، وليس السيارات الكهربائية فقط.
ولعل التفوق الصيني يفسر استهداف ترامب الصادرات الصينية وخصوصاً صادرات السيارات الكهربائية، ومنها تلك المصنعة في المكسيك. ويشار إلى أن “BYD” الصينية (المعروفة بنماذجها الأرخص ثمناً) ستنشئ مصنعاً جديداً للسيارات الكهربائية في المكسيك وبالتالي إنشاء مركز تصدير إلى المكسيك والولايات المتحدة.
ولنفس التفوق الصيني، كان الاتحاد الأوروبي فرض في 2024 زيادة في الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين، إلى ما يصل إلى 45.3%.
من “خيبة الأمل” إلى اكتساح العالم
في عام 2009 جرى تقييم سيارة “بي واي دي” الصينية في معرض ديترويت للسيارات بشكل “مخيب للآمال” من حيث التصميم وجودة البناء والتشطيب، لكن منذ ذلك الحين (مضت قرابة 16 سنة) شهدت صناعة السيارات العالمية تحولات جذرية، وتصدرت الصين بقوة كأكبر مصنع للسيارات في العالم بعد أن اعتُبرت “مخيبة للآمال”.
مجلة “إيكونوميست” البريطانية تحدثت عن ذلك في تقرير وقالت إنه “رغم البداية غير المبشرة” تفوقت “بي واي دي” على شركة “تسلا” الأمريكية العملاقة للسيارات الكهربائية، لتصبح الشركة الصينية أكبر منتج في العالم للمركبات الكهربائية بالكامل من حيث الحجم، كما تتفوق الصينية بشكل كبير عند احتساب السيارات الهجينة القابلة للشحن.
وصل الأمر إلى درجة استحواذ شركة “بي واي دي” الصينية على حصة سوق السيارات في الصين من المنافسين الأجانب الذين كانوا يسيطرون عليها في السابق.
“بي واي دي” وشركات صينية أخرى -مثل “شيري” و”جيلي” و”سايك”- نجحت أيضاً في تحويل الصين إلى أكبر مُصدر للسيارات في العالم، لتتجاوز كلاً من ألمانيا و اليابان. وحالياً تطمح شركات السيارات الصينية للإطاحة بشركتي “فولكس فاغن” الألمانية و”تويوتا” اليابانية من قمة صناعة السيارات العالمية.
تفضيل العلامات الصينية وتوسع الصادرات
أصبح توسع صادرات السيارات الصينية أمراً في غاية الأهمية بالنسبة لشركات الصين، فقد بلغ عدد السيارات المصدرة من الصين إلى الخارج 4.7 ملايين سيارة في 2024 وفق متابعات بقش، وهو ثلاثة أضعاف العدد قبل ثلاث سنوات حسب تقديرات بنك “سيتي غروب”، بينما يُتوقَّع استمرار هذا الارتفاع ووصول المبيعات الخارجية إلى 7.3 ملايين سيارة بحلول عام 2030.
ويفضّل المستهلكون الصينيون علامات السيارات المحلية بعد أن كانوا يفضلون في السابق العلامات التجارية الأجنبية، إلى حد أن شركات السيارات المحلية تستحوذ الآن على حوالي 3 أخماس المبيعات في البلاد (60%).
وأوردت المجلة البريطانية أن حصة العلامات التجارية الصينية في مبيعات المركبات الكهربائية بأوروبا ارتفعت من نحو 4% عام 2021 إلى 10% في 2024، مضيفة أن الرسوم الجمركية التي فرضتها أمريكا على الصادرات الصينية بنسبة 100% منذ رئاسة بايدن، تَحُولُ فعلياً بين دخول السيارات الكهربائية الصينية إلى السوق الأمريكية، إضافة إلى أن الولاء القوي للعلامات التجارية المحلية في اليابان و كوريا الجنوبية، والعلاقات الدبلوماسية المتوترة مع الهند، أدت إلى إبقاء شركات السيارات الصينية بعيدة عن هذه الأسواق.
لكن رغم ذلك لم تمنع هذه العقبات الشركات الصينية التي حولت تركيزها إلى دول جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية و أفريقيا، وهي أسواق تشكل مجتمعة أكثر من 20 مليون عملية بيع.
وبالنظر إلى روسيا فهي تُعتبر أكبر مستورد للسيارات الصينية، خصوصاً بعد أن انسحبت شركات السيارات الغربية بعد الحرب الأوكرانية. وارتفعت حصة العلامات التجارية الصينية في السوق الروسية من 9% في عام 2021 إلى 61% في 2023.
في المجمل تحقق شركات السيارات الصينية تقدماً هائلاً في أسواق أخرى، وتستحوذ حالياً على 8% من السوق في الشرق الأوسط وأفريقيا، و6% في أمريكا الجنوبية، و4% في جنوب شرق آسيا، وفق تقديرات طالعها بقش لشركة بيرنشتاين للأبحاث الاقتصادية.