
أظهرت أحدث البيانات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، تفوق الأداء الاقتصادي للمملكة التوقعات خلال عام 2024، مسجلاً نمواً بنسبة 1.3% على أساس سنوي، متجاوزاً توقعات وزارة المالية السابقة البالغة 0.8%.
وجاء هذا النمو مدعوماً بانتعاش قطاع النفط وتحسن أسعار الخام عالمياً، إلى جانب تسارع زخم القطاعات غير النفطية التي ارتفعت بنسبة 4.3%، في إشارة إلى تقدم مسيرة تنويع الاقتصاد بموجب “رؤية 2030”.
وسجل الاقتصاد السعودي في الربع الأخير من 2024 نمواً قوياً بنسبة 4.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وهي أعلى نسبة نمو فصلية منذ عامين، مدفوعةً بارتفاع إنتاج النفط وتحسن أسعاره عالمياً، ما عزز العائدات النفطية ووفر سيولة دعمت الإنفاق الحكومي.
القطاع النفطي شهد خلال الربع الرابع نمواً بنسبة 3.4%، بينما قفزت الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.7%، مقارنة بنسبة 4.3% في الربع الثالث، و4.2% في الربع الرابع من 2023.
تفاصيل النمو السنوي: انكماش النفط مقابل صعود القطاعات غير النفطية
على الرغم من الانكماش السنوي لقطاع النفط بنسبة 4.5%، حققت القطاعات غير النفطية نمواً ملحوظاً بنسبة 4.3%، في مؤشر على نجاح سياسات تنويع مصادر الدخل.
وتصدرت الصناعات التحويلية قائمة الأنشطة الأسرع نمواً، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 7.6% خلال الربع الرابع، تليها قطاعات الكهرباء والغاز والمياه التي نمت 7.4%، ثم تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق بنمو 6.9%، بدعم من زيادة الاستهلاك المحلي وانتعاش السياحة.
التوقعات المستقبلية: 4.6% نمو متوقع في 2025
أعلنت وزارة المالية السعودية عن توقعاتها بنمو الاقتصاد بنسبة 4.6% خلال 2025 الجاري، مع توقعات بتحقيق معدل 3.5% في 2026، وارتفاعه إلى 4.7% بحلول 2027، مدعوماً بزخم القطاعات غير النفطية وزيادة الاستثمارات الحكومية في تطوير البنية التحتية وبيئة الأعمال.
وأكد وزير الاقتصاد والتخطيط، “فيصل الإبراهيم”، خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، أن “الاقتصاد غير النفطي مرشح للنمو بأكثر من 6% في 2026″، معرباً عن ثقته في تعزيز جاذبية السعودية للاستثمارات الأجنبية.
تحليل الأداء: عوامل دعم النمو
1- تحسن أسعار النفط: ارتفعت عائدات النفط مع تحسن الأسعار العالمية، مما وفر موارد مالية دعمت الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية.
2- زخم الرؤية 2030: حققت المبادرات الرامية إلى تنويع الاقتصاد تقدماً ملموساً، خاصة في الصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية والسياحة.
3- السياسات المالية: حفزت الزيادة في الإنفاق الحكومي على البنية التحتية والصحة والتعليم النشاط الاقتصادي، إلى جانب إصلاحات دعمت بيئة الأعمال.
التحديات: موازنة الانكماش النفطي مع التنويع
رغم النتائج الإيجابية، لا تزال السعودية تواجه تحديًا رئيسيًا يتمثل في تعويض الانكماش المستمر في قطاع النفط (–4.5%) عبر تسريع وتيرة التنويع. وتعمل المملكة على مواجهة هذا التحدي عبر:
- مشاريع “رؤية 2030” العملاقة مثل نيوم ومشروع البحر الأحمر.
- زيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة والصناعات التكنولوجية.
- تعزيز السياحة الدينية والترفيهية، التي سجلت أعداداً قياسية خلال 2024.
تشير التوقعات إلى أن القطاعات غير النفطية ستستحوذ على 55% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2027، مقارنة بـ48% حالياً، في حال استمرار الزخم الحالي.
ومع دخول مشاريع “الرؤية” مراحل تشغيلية متقدمة، من المتوقع أن تسهم في خلق مليون فرصة عمل جديدة، ورفع مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد إلى 65%.
يُذكر أن هذه البيانات تأتي في وقت تواصل فيه السعودية تعزيز شراكاتها الاقتصادية العالمية، حيث تستعد لاستضافة معرض إكسبو 2030 في الرياض، الذي يُتوقع أن يجذب استثمارات تزيد عن 100 مليار دولار.