الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

لماذا يرفض معظم التجار في عدن تخفيض أسعار السلع تماشياً مع أسعار الصرف الجديدة؟

عدن | بقش |

في الوقت الذي شهدت فيه العملة الوطنية تعافياً نسبياً خلال الأسبوع الماضي، إثر سلسلة من التدخلات التي أجراها البنك المركزي في عدن، لا تزال أسعار السلع الأساسية في الأسواق دون تغيير يُذكر، ما أثار استياءً واسعاً بين المواطنين ودفع الحكومة إلى تكثيف اجتماعاتها مع كبار التجار والمستوردين بهدف إعادة ضبط السوق.

وعلى الرغم من انخفاض سعر الدولار إلى ما دون حدود 1600 ريال في السوق نزولاً من 2850 ريالاً، لا تزال قوائم الأسعار التي يعتمدها كبار الموردين مستقرة عند مستويات مرتفعة، كما أكد رصد أجرته “بقش” لأسعار المواد الغذائية في عدن.

وفي اجتماع موسع عُقد أمس السبت في عدن، دعا وزير الصناعة والتجارة كبار التجار والمستوردين إلى إعادة تسعير المنتجات الغذائية والاستهلاكية بما يتماشى مع تعافي الريال اليمني، لكن كبار التجار أبدوا تحفظاً واضحاً تجاه دعوات التخفيض الفوري.

وأوضح ممثلو القطاع التجاري أن التسعير يستند إلى تكاليف استيراد تمت على أسعار صرف مرتفعة، ما يجعل أي خفض حاد أو لحظي في الأسعار “غير عملي ويعرّضهم لخسائر”، كما وصفوا.

وتوازياً، شددت مجموعة هائل سعيد أنعم – كبرى الشركات التجارية في البلاد – في بيان لها، على أن أي عملية لإعادة تسعير عادلة يجب أن تراعي التكاليف الفعلية للمصنعين والمستوردين، داعية الحكومة إلى تأمين العملة الأجنبية بأسعار عادلة ومُيسرة عبر قنوات رسمية.

وأكدت المجموعة أنها تعمل حالياً على مراجعة قوائم الأسعار بما يحقق “مصلحة المستهلك ويحافظ على توازن السوق”، في حين حملت الحكومة والبنك المركزي مسؤولية تحقيق الاستقرار النقدي كشرط أساسي لأي تعديل سعري.

موقف القطاع التجاري: الكلفة لا تزال مرتفعة

ويرى خبراء اقتصاديون أن موقف القطاع الخاص يعكس أزمة ثقة مزمنة في فعالية أدوات السياسة النقدية الحكومية. ويقول الخبير الاقتصادي أحمد الحمادي إن “التحسن في سعر الصرف ما يزال ظرفياً وغير مستند إلى إصلاحات هيكلية واضحة في السياسة النقدية، وبالتالي من المنطقي أن تتريث الشركات في اتخاذ قرارات قد تكون مكلفة”.

ويضيف الحمادي: “أية خطوات لإعادة التسعير يجب أن تُبنى على توقعات مستقرة للعملة واستمرارية لتدفق النقد الأجنبي عبر قنوات آمنة ومنظمة”.

ورغم التصريحات الحكومية الداعية إلى إعادة تسعير السلع، لا تزال كبرى الشركات التجارية في عدن ومحافظات الحكومة متمسكة بمواقفها الرافضة لأي خفض للأسعار في الوقت الحالي.

ووفقاً لما نقله الصحفي عبدالرحمن أنيس، فإن ثلاثاً من أكبر المجموعات التجارية وهي: مجموعة هائل سعيد أنعم، ومجموعة بن عوض النقيب، ومجموعة إخوان ثابت، لا تزال حتى اللحظة تُبقي على قوائم أسعارها دون أي تعديل، في ظل غياب ضمانات الاستقرار النقدي ووضوح السياسات التمويلية.

ويشير مراقبون إلى أن هذا الموقف يرسّخ حالة من انعدام الثقة بين القطاع الخاص والحكومة، ويُبقي السوق في حالة ترقب وقلق شعبي، خصوصاً مع عدم توازي حركة صرف العملة مع أسعار الغذاء، وهو ما يُضعف الأثر الإيجابي لأي تحسن اقتصادي على الحياة المعيشية اليومية.

ويعلّق الخبير الاقتصادي أحمد الحمادي على ذلك بالقول: “ربط التسعير بالتكاليف السابقة مسألة مفهومة من منظور تجاري، لكن غياب جدول زمني لإعادة التوازن السعري يفتح باباً واسعاً لفقدان ثقة الشارع بفاعلية أدوات السياسة الاقتصادية، ويزيد من تعقيد العلاقة بين الحكومة والمجتمع التجاري والمستهلكين على حد سواء”.

وفيما تواصل الحكومة اجتماعاتها بهدف التوصل إلى آلية لضبط الأسعار، يبقى السؤال قائماً حول مدى قدرتها على فرض التزام حقيقي في غياب أدوات تنفيذية فعالة، ووسط سوق تتسم بالتعقيد وضعف التنظيم.

يرى الحمادي أن “المرحلة المقبلة ستتطلب توازناً دقيقاً بين تحفيز القطاع الخاص على خفض الأسعار، دون الإضرار باستقراره المالي، وفي ذات الوقت الاستجابة لتطلعات المواطنين الذين يئنّون تحت وطأة التضخم”.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش