كيف تهدد ديون الحكومات أسواق العالم المالية؟

يحذر بنك التسويات الدولية، ومقره #سويسرا، من تهديد ارتفاع الديون الحكومية على الأسواق المالية، ويدعو صانعي السياسات إلى اتخاذ إجراءات فورية لمنع الأضرار الاقتصادية المتوقعة.
ويقول البنك في أحدث تحليلاته التي تابعها بقش، إنه في حالة استعداد لمواجهة الفائض في الديون الحكومية الذي قد يسبّب تقلبات حادة في أسواق السندات، ويؤثر على الأصول الأخرى.
ولا يجب على البنوك المركزية الدولية أن تنتظر حدوث ذلك، رغم أن الأسواق لم تشهد بعدُ ما يُعرف بهجمات حراس السندات، إذ يقوم مستثمرو الديون بزيادة تكاليف الاقتراض الحكومية بشكل مفاجئ للضغط على الدول لتقليص نفقاتها.
وقد بدأت الأسواق المالية تدرك أنه سيكون عليها امتصاص هذه الكميات الزائدة من الديون الحكومية، وأن الأمر يحتاج لتعديل السياسات، لكن إذا تأخر التفاعل مع هذه التحديات حتى “تستفيق الأسواق” فسيكون الوقت قد فات حسب البنك.
ارتفاع الديون وعوامل المخاطر
معهد التمويل الدولي يقدِّر أنّ الديون السيادية قد ترتفع بنحو الثلث بحلول عام 2028 لتصل إلى نحو 130 تريليون دولار.
يتوقع المعهد الذي يضم 400 عضو من أكثر من 60 دولة، أن تؤدي التخفيضات الضريبية التي اقترحها #ترامب إلى زيادة عبء الدين الأمريكي، الذي بلغ 36 تريليون دولار، بنحو 8 تريليونات دولار.
أيضاً رفعت حكومة حزب العمال الجديدة في #بريطانيا تقديراتها للاقتراض خلال السنوات الخمس المقبلة بمقدار 142 مليار جنيه إسترليني (نحو 181.55 مليار دولار).
وحسب تقرير بنك التسويات فإن هناك اضطرابات سياسية مرتبطة بعجز الموازنة في #فرنسا والسياسات التوسعية في #اليابان، مؤكداً أنها أسباب رئيسة لعودة المخاوف المالية في الأسواق العالمية.
ورغم التوقعات المطروحة بتخفيض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي “المركزي الأمريكي” هذا الشهر، يرى بنك التسويات الدولية أن هناك اختلالاً في العرض والطلب في سوق السندات الأمريكية، إذ تحمَّل المتداولون كميات قياسية من الديون الأمريكية غير المَبيعة.
يرى البنك أيضاً أن مستثمري الخزانة الأمريكية يواجهون خطرين مزدوجين من زيادة المعروض من الديون وإنفاق التحفيز الذي يعزز التضخم، معتبراً أن القلق أصبح أكبر الآن مقارنة بالتحذيرات السابقة لبنك التسويات الدولية بشأن الديون السيادية هذا العام.
دول عربية مثقلة بالديون
من جانب آخر، يُسلَّط الضوء على أزمة ديون عربية تهدد الاستقرار المالي لهذه الدول، باعتبارها جزءاً من أزمة ديون عالمية كلية، يقول عنها صندوق #النقد_الدولي إنها “تتفاقم” على مستوى العالم بعد وصولها إلى مستويات تهدد الاستقرار المالي العالمي وفق متابعة بقش، ما يستدعي من الحكومات اتخاذ إجراءات فورية لتصحيح أوضاعهم المالية.
وتأتي أزمة الديون العالمية المتفاقمة وسط انخفاض أسعار الفائدة وتوجه السياسة النقدية نحو الحياد، ورغم أن هناك فرصةً لتعزيز الاستدامة المالية على المدى المتوسط إلى الطويل كما يرى صندوق النقد، إلا أنّ أزمات سابقة -كجائحة كورونا- ضاعفت من التراكمات الضخمة للديون، ما يجعل هناك حاجةً لاستجابة حاسمة لضبط الأوضاع المالية ومنع تصاعد الأزمات الاقتصادية، لاسيما في الاقتصادات الناشئة.
وفي البلدان العربية منخفضة الدخل (#اليمن و #سوريا و #السودان و #الصومال) تجاوزت خدمة الدين مليار دولار خلال عامي 2023-2024، وفق اطلاع بقش على بيانات لجنة #الأمم_المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي #آسيا “الإسكوا” في نوفمبر الماضي.
وتشير البيانات إلى أنه منذ عام 2010 حتى عام 2023، ارتفعت القيمة الحقيقية للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنحو 791 مليار دولار، في حين تضخّم الدين العام المستحَق بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة العربية.
وفي العقد الماضي، منذ 2010 حتى 2020، بلغ حجم ديون دول المنطقة العربية إجمالاً 1.4 تريليون دولار، إذ زادت ديون الدول العربية إلى مستوى تاريخي يمثّل نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة في عام 2020. وتشير بيانات بقش إلى أن نصف الديون العامة في المنطقة العربية تقريباً تقع على كاهل الدول العربية متوسطة الدخل التي ارتفع إجمالي الدَّين العام فيها من 250 مليار دولار تقريباً عام 2008 إلى 658 مليار دولار عام 2020.
وتُصنَّف #مصر، وهي من الشريحة الدنيا من الدول متوسطة الدخل، بأنها الأولى عربياً (والثانية عالمياً بعد الأرجنتين) من حيث الاقتراض من صندوق النقد وحده، وقد وصلت ديونها للصندوق إلى 13.2 مليار دولار حتى أكتوبر 2024، وتشكل ديون مصر قرابة 70% من ديون العرب للصندوق.
هذا وتضررت الدول العربية ذات الديون المرتفعة من ارتفاع أسعار الفائدة على الديون إلى أعلى مستوياتها في أكثر من 20 عاماً، مما فاقم فوائد الديون عليها.