الاقتصاد العالمي

التجارة العالمية تقف على «رجل ونص» بسبب الهجمات اليمنية في البحر الأحمر

منذ منتصف نوفمبر 2023، هاجمت القوات البحرية اليمنية التابعة لحكومة صنعاء عشرات السفن التجارية الإسرائيلية والمتجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر، في سلسلة من الهجمات التي لا يبدو بأنها ستتراجع في حدتها على المدى القريب.

ومع اشتداد الحظر البحري الذي فرضته قوات صنعاء في البحر الأحمر ضد الكيان الإسرائيلي، توالت شركات الشحن البحري العالمية في الإعلان عن تحويل المسارات البحرية التي تسلكها بعيداً عن السواحل اليمنية المطلة على البحر الأحمر وباب المندب.

وفي هذا الصدد تحذر كبريات الوكالات الاقتصادية من خطر نزوح شركات الشحن من المنطقة الآن بإسقاط سلاسل التوريد وزيادة أسعار المستهلكين في الوقت الذي يبدأ فيه التضخم العالمي في الانحسار.

ومؤخراً أعلنت الولايات المتحدة عن تحركات أمنية دولية لحماية السفن التجارية حد تعبيرها، لكن بعض الخبراء يقولون إن هذه الجهود لا ترقى إلى مستوى الردع اللازم، ويخشى آخرون أن يؤدي الرد القوي إلى دفع المنطقة إلى صراع أوسع نطاقاً.

بدورها، تقول حكومة صنعاء، أو من يسميهم الإعلام الغربي بجماعة «الحوثيون» إن ضرباتهم تستهدف السفن ذات المصالح إسرائيلية، وإن الهجمات ستستمر حتى تنهي إسرائيل حربها في غزة. ورداً على ذلك تقول وسائل الإعلام الأمريكية والوكالات التابعة لها بأنه ومن الناحية العملية، فإن الحوثيين استهدفوا السفن بشكل عشوائي.

وبحسب تعبيرها فمن المعروف أن الشحن البحري غير شفاف، وغالباً ما تختلف ملكية السفينة ومشغلها، فضلاً عن جنسية الطاقم، وعلم التسجيل. وخوفًا من هذه الهجمات، أعلنت شركات الشحن الكبرى، بما في ذلك الشركة العالمية الرائدة ميرسك، عن خطط لتجنب البحر الأحمر وقناة السويس، مما أدى إلى تحويل نحو 200 مليار دولار من التجارة بعيداً عن المنطقة.

وأفاد رئيس الاستثمار في مجموعة بليكلي المالية، بيتر بوكفار، لشبكة «سي إن بي سي» بأن هنالك مشكلة كبيرة، لأن انخفاض أسعار السلع هو الذي خفف من ضغط التضخم. وعلى الرغم من أن التوتر في البحر الأحمر يمكن أن ينتهي في أي لحظة، إذا انتهت الحرب في غزة، إلا أن ذلك بمثابة تذكير لبنك الاحتياط الفيدرالي بأنه لم يكسب معركة التضخم بعد.

يعد البحر الأحمر أحد أهم الشرايين في نظام الشحن العالمي، حيث يمر عبره ثلث إجمالي حركة الحاويات. وأي اضطراب مستدام في التجارة هناك يمكن أن يؤدي إلى تأثير مضاعف لارتفاع التكاليف في جميع أنحاء الاقتصاد العالمي. وينطبق هذا بشكل خاص على الطاقة كون 12% من النفط المنقول بحراً و8% من الغاز الطبيعي المسال يمر عبر قناة السويس المصرية.

إن تجنب البحر الأحمر يعني التخلي عن أحد طرق الشحن العالمية الأكثر شيوعاً من آسيا إلى أوروبا. والواقع أن 40% من التجارة بين آسيا وأوروبا تمر عادة عبر أمواج هذا البحر. وسيتعين على السفن التي تتجنب البحر الأحمر أن تبحر حول القرن الأفريقي، وهو ما قد يكلف مليون دولار إضافية ذهاباً وإياباً كتكاليف وقود إضافية فقط.
ومع ذلك، اختارت أكثر من مائة وخمسين سفينة تجارية المسار الأطول منذ نوفمبر 2023. ومن ناحية أخرى، ارتفعت أقساط التأمين على السفن التي تستخدم البحر الأحمر إلى ما يقرب من عشرة أضعاف منذ بدء الهجمات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى