الاقتصاد العالمي

يريد ترامب الحصول عليها بالقوة | ما الأهمية الاقتصادية لجزيرة “غرينلاند”؟

عاد دونالد ترامب لإحياء المساعي الأمريكية المتمثلة في شراء جزيرة “غرينلاند”، أكبر جزيرة في العالم وتتمتع بحكم ذاتي تحت السيادة الدنماركية. وهو اقتراح كان ترامب طرحه في 2019 وأثار الجدل وتعتبره #أوروبا يمس بسيادة الجزيرة.

عندما اقترح ترامب أول مرة ضم الجزيرة للولايات المتحدة، رفضت الدنمارك، لكن هذه المرة أعاد ترامب فتح الملف مع تهديد بفرض “تعريفات تجارية عالية جداً” على الدنمارك إذا لم تقبل الصفقة وفق اطلاع بقش على وكالة بلومبيرغ، ما يعني أن ترامب يريد انتزاع الجزيرة بالقوة.

وتبلغ قيمة الجزيرة 50 مليار دولار تقريباً، أي نحو 5% من الإنفاق الدفاعي السنوي الأمريكي، وإذا تمت الصفقة بالفعل فقد يحصل كل ساكن فيها على مليون دولار. وقالت الدنمارك في أحدث تصريحاتها إن جزيرة غرينلاند قد تستقل عن الدنمارك إذا أراد سكانها ذلك، لكنها لن تصبح ولاية أمريكية.

وتنبع أهمية الجزيرة لترامب من كونها جزيرة تفوق مساحتها الشاسعة مساحة #المكسيك و #السعودية، وبوابةً استراتيجية تقع بين المحيط الأطلسي الشمالي وأمريكا الشمالية، وتُعتبر مركزاً للمصالح العالمية بسبب احتياطاتها الهائلة من المعادن والوقود الأحفوري.

كما تستضيف الجزيرة القاعدة الجوية الأمريكية “ثول”، التي تُعد الأهم في أقصى الشمال لمراقبة التهديدات الصاروخية وتتبع الأجسام الفضائية. ويراها ترامب جزيرة ضرورية للأمن القومي الأمريكي، ووصفها في السابق، خلال ولايته الأولى، بأنها “صفقة عقارية كبيرة” يمكن أن تخفف من الأعباء المالية للدنمارك.

وحسب اطلاع بقش، فإن الناتج المحلي الإجمالي لجزيرة غرينلاند يبلغ 3.2 مليارات دولار، وتدعمها الدنمارك سنوياً بنحو 600 مليون دولار، لكن الجزيرة رغم ذلك تواجه تحديات اقتصادية معتمدة بشكل كبير على الصيد والصناعات الأولية.

وأي بيع للجزيرة يعتمد تقدير سعره على النظر في هذه الأرقام. وللمقاربة، بلغت تكلفة شراء #ألاسكا من #روسيا عام 1867 مبلغاً وقدره 7.2 ملايين دولار، أي ما يعادل نحو 150 مليون دولار اليوم.

لكن على أساس قانوني، يحظر قانونُ الحكم الذاتي لعام 2009 بيعَ الجزيرة، حيث يعترف بالغرينلانديين بوصفهم “شعباً مستقلاً”، وأي عملية شراء ستتطلب استقلال الجزيرة أولاً، وهو أمر لايزال قيد المناقشة بين السياسيين المحليين.

لكن رئيس وزراء غرينلاند، موتي بوروب إغيدي، يقول إن الجزيرة لن تكون للبيع أبداً، لكنه يرى أن الجزيرة مفتوحة للتعاون التجاري مع العالم، خصوصاً في مجال المعادن الحيوية.

صفقة تضر بسمعة أمريكا

مجلة إيكونوميست البريطانية قالت في تقرير اطلع عليه بقش، إن مساعي ترامب لشراء جزيرة “غرينلاند” ستضر بسمعة الولايات المتحدة الأمريكية على الصعيد العالمي، لأن ترامب يحاول الحصول عليها بالقوة أو الضغط الاقتصادي، أي بالإكراه، بدلاً من اتباع نهج دبلوماسي والتفاوض مباشرة مع سكان الجزيرة.

لكن مع ذلك قد تكون صفقة كهذه مفيدة للطرفين بل ويمكن أن تكون “صفقة القرن”، فمع أن إمكانات غرينلاند الاقتصادية هائلة، لكن قلة عدد سكان الجزيرة البالغ عددهم 57 ألف نسمة واعتمادها على الدانمارك لتمويلها قد يعوق قدرتها على النهضة باقتصادها، وتزيد مخاطر الحوكمة والفساد والصعوبات اللوجستية الناجمة عن العمل في بيئة المنطقة القاسية من تعقيد الأمور.

بالتالي يمكن أن يخفف بيع غرينلاند إلى الولايات المتحدة من هذه التحديات عبر الاستفادة من الأنظمة الإدارية والأمنية الأمريكية، كما سيحصل سكان غرينلاند على الأمن المالي وفرص التنمية.

وتملك غرينلاند موارد طبيعية هائلة ومعادن نادرة تشمل 43 من 50 معدناً تعتبرها أمريكا في غاية الأهمية. إلى جانب ذلك، تُقدَّر احتياطات النفط قبالة سواحلها بنحو 52 مليار برميل، أو 3% من الاحتياطات العالمية.

وتركز أمريكا على الجزيرة أيضاً بوصفها موقعاً استراتيجياً بين أمريكا وروسيا، وذلك ما سيزيد من تعزيز الأمن العسكري الأمريكي خصوصاً في مراقبة ممرات الغواصات.

إلا أن الاقتراب من ذلك يتطلب من ترامب أن يتراجع عن التهديدات ويُقدّم عرض بيع طوعي مقنع إذا أراد، لا الاستحواذ على الجزيرة بالإكراه حسب الصحيفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى