الاقتصاد اليمنيمقالات
أخر الأخبار

قرار مليء بالعيوب.. هل يفاقم إنهاء عقود الطاقة المشتراة أزمة الكهرباء في عدن؟

بقش

19 فبراير 2025

بعد أن كانت عدن تواجه على مدى سنوات ماضية أزمة في توفير محطات توليد الكهرباء، توفرت لاحقاً هذه المحطات، إلا أن الأزمة تركزت بعد ذلك في توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات، إذ فشلت الحكومة في ذلك رغم إعلانها منذ سنتين تقريباً عن ضخ مبلغ شهري لصالح الكهرباء يصل إلى 100 مليون دولار.

في عدن تتوفر محطة رئيسية هي محطة كهرباء الرئيس (بترومسيلة)، وتولّد حوالي 256 ميجاوات، إلا أن حكومة عدن غير قادرة على تشغيلها لأكثر من 65 ميجاوات فقط، ووفق معلومات بقش تتوفر في محطات أخرى طاقة تبلغ 410 ميجاوات لكنها تعمل بالحد الأدنى وتولد قرابة 55 ميجاوات فقط، بسبب عدم قيام الحكومة بتوفير وقود الديزل بانتظام وبكميات كافية للمحطات، مع وجود فساد حكومي في وضع آلية لحل الأزمة.

هذه الأزمة رافقها مؤخراً قرار صدر عن إدارة المؤسسة العامة للكهرباء قضى بإنهاء عقود الطاقة المشتراة (الخاصة) المعتمدة على وقود الديزل، بغرض معلن هو تقليل النفقات وتحسين كفاءة إمدادات الكهرباء وزيادة الاعتماد على محطة الطاقة الشمسية ومحطة الرئيس التي تعمل بالوقود الخام (الخفيف) حسب اطلاع بقش.

محطات الطاقة المشتراة كانت متوقفة عن العمل على الأغلب، رغم استمرار الحكومة في دفع مستحقات العقود -بعد سلسلة مطالب لمُلاك المحطات بسداد الحكومة للمستحقات- ما أدى، من بين أسباب أخرى، إلى استنزاف الخزينة العامة. وما هو متاح من المعلومات أنّ حكومة عدن تنفق شهرياً 100 مليون دولار على شراء الطاقة والوقود لمحافظاتها، وتذهب 60 مليون دولار لكهرباء عدن وحدها.

وحول ذلك يعلق ناشطون، مثل الصحفي عبدالرحمن أنيس، بأن وقود الديزل عالي التكلفة، وهناك دول غنية كدول الخليج لا تتعامل مع الديزل لتوليد الكهرباء، وتكتفي بتوليد الكهرباء بالغاز والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بينما في اليمن التي تعاني من الحرب والأزمة الاقتصادية يتم الاعتماد على الديزل المكلف في توليد الطاقة.

وثمة محطات معدودة تعمل بمادة المازوت الأرخص بكثير، ورغم ذلك حتى هذه المحطات لم توفر لها الحكومة مادة المازوت ما جعل المحطات خارج التغطية.

ويستبعد أنيس دفع الحكومة هذا المبلغ (100 مليون دولار شهرياً)، لأن الحكومة لا تسدد المستحقات بالأساس للمورّدين والتجار أولاً بأول. ووصلت مؤخراً شحنة محملة بـ11 ألف طن من الديزل تكفي بالكاد لعشرة أيام، ويتم فيها حالياً الاقتصاد وتوزيع كميات منها بتقشف، وبالتالي تسعف الكمية في توفير طاقة محدودة.

قرار إنهاء الطاقة المشتراة.. ما هي الثغرات؟

اقتصاديون يرون أن عقود الطاقة المشتراة بالأساس لا تلبي الحاجة المطلوبة رغم حصولها على مخصصات مالية كبيرة، بنيما يتعطل وصول المشتقات النفطية إلى هذه المحطات وبالتالي أصبحت العقود عبئاً على الحكومة.

فريق آخر يرى أن قرار إنهاء عقود الطاقة المشتراة تخللته ثغرات وعيوب قانونية، أبرزها عدم توضيح الأساس القانوني الحاكم لإنهاء التعاقدات الحكومية، وخلو القرار من أي استناد إلى القوانين النافذة مثل قانون المناقصات والمزايدات، وقانون الكهرباء رقم “1” لسنة 2009 الذي يحدد ضوابط التعامل بين الحكومة والقطاع الخاص في مجال الطاقة، والقانون المدني وقانون العقود الإدارية.

بدا القرار دون هذه الإشارات القانونية ضعيفاً ويسمح للشركات المتعاقدة بالطعن أمام القضاء أو اللجوء للتحكيم الدولي.

كما لم يتوفر في القرار جدول زمني واضح لعملية الإنهاء، ولم تتوفر خطة انتقالية بديلة تضمن أن الوقف المفاجئ للطاقة المشتراة لن يؤدي إلى أزمة كهرباء متفاقمة، وهو ما قد يعرّض الحكومة للمساءلة.

كما لم يتضمن معالجة الحقوق المالية المترتبة على هذا الإنهاء، إذ لم يحدد آلية لتسوية المستحقات المالية بين الحكومة والشركات الخاصة المتعاقدة، ما قد ينجم عن ذلك رفع دعاوى تعويض ضد الحكومة من قبل الشركات.

ولم يوضح القرار بدائل لتغطية العجز المتوقع الناجم عن إنهاء العقود، ما قد يشير إلى احتمالية انقطاع الكهرباء وتوسع الأزمة، وبالتالي ازدياد الاستياء الشعبي وفق خبراء قانونيين.

هذا ويدعو معنيون بقطاع الكهرباء بإعادة صياغة القرار وإدراج جدول زمني لإنهاء التعاقدات تدريجياً دون التأثير في الخدمة العامة، ووضع آلية لتقديم التظلمات، وتوضيح آلية تسوية المستحقات المالية، والإشارة إلى تعويض الفاقد من الطاقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى