أخبار الشحن
أخر الأخبار

شركات الشحن العالمية تحاول مواصلة تجنب البحر الأحمر لاستمرار جني الأرباح

تشهد صناعة الشحن البحري العالمية تحولات جذرية قد تعيد تشكيل خريطة أرباح الشركات العملاقة، مثل “إيه بي مولر-ميرسك” و”كوسكو شيبينغ هولدنغز”، بعد أن سجلت أرقاماً قياسية في الأعوام الماضية.

فخلال الربع الأول من العام 2025، تلوح في الأفق عوامل مُعقدة تشمل بدء إعادة فتح ممر البحر الأحمر، وفرض رسوم جمركية أمريكية عقابية، ما يهدد بتحويل مسار الصناعة من الازدهار إلى مرحلة انكماش حادة.

ضغوط مزدوجة: الرسوم الأمريكية وتقلبات الشحن

تشير تحليلات حديثة إلى أن خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفرض رسوم استيراد جديدة قد تضر بالتدفقات التجارية العالمية، خاصة بين الصين والولايات المتحدة.

في الوقت ذاته، فإن احتمالية تحقيق هدنة دائمة في الشرق الأوسط قد تعيد فتح طريق الشحن عبر البحر الأحمر وقناة السويس، مما سيخفف من حدة الاضطرار إلى استخدام طريق رأس الرجاء الصالح الأطول والأكثر تكلفة. هذه العوامل مجتمعة قد تؤدي إلى انخفاض حاد في أسعار شحن الحاويات، التي بدأت بالفعل تظهر علامات تراجع.

وفقاً لبيانات “مؤشر الحاويات العالمي”، تراجعت أسعار الشحن البحري بنسبة 5.9% أسبوعياً حتى 27 فبراير، بعد أن تجاوزت حاجز 3000 دولار للحاوية ذات الأربعين قدماً لأول مرة منذ مايو الماضي.

أما “مؤشر الشحن البحري المجمع في شنغهاي”، فقد فقد ما يقرب من 57% من قيمته القصوى المسجلة في يوليو 2023، مما يعكس حالة من عدم الاستقرار التي تعيشها السوق.

وصف “لي كلاسكوف”، المحلل في “بلومبيرغ إنتليجنس”، صناعة الشحن بأنها “متقلبة بطبيعتها، وتخضع لدورات متعاقبة من النمو والانحدار”.

وأكد أن شركات الشحن العالمية لم تكن لتحقق أرباحاً استثنائية في العام الماضي لولا أزمة البحر الأحمر، والتي أجبرت السفن على تحويل مساراتها حول رأس الرجاء الصالح، مما أضاف 10 إلى 15 يوماً إلى مدة الرحلات، ورفع تكاليف التشغيل.

في مذكرة بحثية مشتركة مع زميله “كينيث لوه”، أشار كلاسكوف إلى عدم وجود محركات نمو حقيقية قادرة على وقف التدهور المتوقع في أرباح القطاع خلال 2025، معرباً عن تشاؤمه بشأن المستقبل القريب.

حسابات دقيقة: حجم تأثير العوامل الخارجية

بحسب تقديرات “أكسل ستيرمان”، المحلل في “كيبلر شوفرو”، قد تؤدي الرسوم الجمركية الأمريكية الإضافية على الواردات الصينية إلى تقليص حجم شحن الحاويات بنسبة تتراوح بين 1.5% و2% في 2025، في حين كان من المتوقع أن ينمو القطاع بنسبة 3.5% إلى 4% بدون هذه الرسوم.

كما توقع أن يعيد فتح ممر البحر الأحمر، المتوقع خلال العام الجاري، خفض الطلب على خدمات الشحن بنسبة تقارب 6%.

وأضاف ستيرمان: “إذا اجتمع هذان العاملان —الرسوم الجمركية وإعادة فتح الممر— فإن معدلات استخدام السعة الشحنية، التي ستتأثر سلباً أيضاً بزيادة حجم الأسطول العالمي، ستواجه ضغوطاً هبوطية قوية، مع احتمال انخفاض الأسعار الفورية بنسبة 30% إلى 40% مقارنة بعام 2024”.

من جهته، لفت باراش جاين، رئيس أبحاث النقل واللوجستيات في “إتش إس بي سي”، إلى أن التأثير الإيجابي المؤقت للشراء المسبق من قبل المستوردين تحسباً لفرض الرسوم بدأ يتلاشى في الصين، مما يعكس تباطؤاً في النشاط التجاري.

شركات تترنح وأخرى قد تستفيد

سلط محللو “سيتي غروب”، بمن فيهم كاسيديت تشونناوات، الضوء على أن خطط ترامب التجارية قد تضرب التوقعات طويلة الأجل لشركات الشحن، خاصة تلك المعتمدة على الخطوط عبر المحيط الهادئ.

وأشاروا إلى أن “كوسكو شيبينغ” الصينية هي الأكثر عرضة للخطر بسبب اعتمادها الكبير على السفن الصينية، في حين قد تجد الشركات التايوانية واليابانية فرصاً نسبية في هذا السياق.

توقعات مالية متشائمة: أرقام صادمة

تتوقع شركة “ميرسك”، العملاق الدنماركي للشحن، تحقيق أرباح تشغيلية قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك (EBITDA) تتراوح بين 6 و9 مليارات دولار في 2025، مقارنة بـ12.1 مليار دولار في 2023.

وأوضحت الشركة في بيان لها بتاريخ 6 فبراير أن إعادة فتح ممر البحر الأحمر بحلول منتصف 2025 قد تدفع الأرباح إلى الحد الأدنى من هذا النطاق، بينما قد تصل إلى الحد الأعلى إذا استمر الإغلاق حتى نهاية العام.

بدوره، وصف أليكس إيرفينغ، المحلل في “برنشتاين”، عام 2025 بأنه “عام غير مستقر لميرسك”، متوقعاً مزيداً من التحديات.

أما الشركات الآسيوية، مثل “كوسكو شيبينغ” (أكبر شركة شحن عالمياً من حيث القيمة السوقية)، فأعلنت في يناير عن تضاعف صافي أرباحها العام الماضي، لكن التوقعات تشير إلى انخفاضها بنحو 50% في 2025.

كما تواجه الشركات التايوانية، مثل “إيفرغرين مارين” و”يانغ مينغ مارين ترانسبورت”، انخفاضات متوقعة في الأرباح تصل إلى 30% و50% على التوالي، بينما قد تشهد “نيبون يوسن كيه كيه” اليابانية تراجعاً بنسبة 45% في صافي دخلها بحلول 2026.

وجهات نظر متباينة: القلق من الرسوم vs. التفاؤل بالمرونة

فيما تبدو شركات الشحن منشغلة بتداعيات إعادة فتح قناة السويس، فإن قلقهما أقل حدة تجاه الرسوم الجمركية. فبحسب ستيرمان، “تدرك الشركات أن فتح الممر سيُخفض الأسعار الفورية، لكنها لا تعتقد أن الرسوم ستُدمر السوق”.

هذا التفاؤن النسبي يتجلى في تصريحات رولف هابين يانسن، الرئيس التنفيذي لـ”هاباغ-لويد”، الذي أشار في يناير إلى أن الرسوم السابقة خلال عهد ترامب لم تقلل التجارة العالمية، بل غيرت مساراتها. أما “سي إم إيه-سي جي إم” الفرنسية، فقد عبرت عن حذرها، مع تركيز على الاستعداد لسيناريوهات طوارئ، بحسب تصريحات المدير المالي رامون فرنانديز.

رغم محاولات الشركات التكيف مع التحديات، يظل المستقبل غامضاً بسبب العوامل الجيوسياسية والتجارية المتشابكة. فبينما تعوّل بعض الشركات على مرونة التجارة العالمية في تعديل مساراتها، يحذر محللون مثل كلاسكوف من أن الرسوم قد تخفض القدرة الشرائية للمستهلكين، مما يضغط على الطلب. وفي خضم هذا الضبابية، تبدو صناعة الشحن على أعتاب مرحلة جديدة من المنافسة الشرسة والهوامش الضيقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى