“زيلينسكي” في السعودية تمهيداً لمفاوضات مصيرية بين كييف وواشنطن لإنهاء الحرب

وصل الرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي” إلى العاصمة السعودية الرياض، الإثنين، في زيارة التقى خلالها بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كخطوة تُعتبر تمهيداً لمحادثات مُزمعة بين مسؤولين أمريكيين وأوكرانيين يوم غد الثلاثاء، تهدف إلى تسريع إنهاء الحرب مع روسيا.
تأتي الزيارة وسط تحوّل جذري في الموقف الأمريكي، الذي انتقل من دعم كييف عسكرياً إلى البحث عن شراكة مع موسكو لوقف النزاع.
فقد أعادت الإدارة الأمريكية تشكيل سياساتها تجاه الأزمة الأوكرانية بعد تولي ترامب رئاسته الثانية في يناير 2025، وأوقفت المساعدات العسكرية وتقاسُم المعلومات الاستخباراتية مع كييف، في حين تعمل على تعزيز حوار مباشر مع الكرملين وفق متابعات بقش.
ويُعتقد أن هذا التحوّل دفع زيلينسكي إلى تبني نهج “واقعي”، خاصة بعد أن تحوّل لقاؤه الشهر الماضي بالرئيس ترامب في البيت الأبيض إلى مواجهة علنية أثارت جدلاً عاصفاً على مستوى العالم.
والتقى زيلينسكي بالأمير محمد بن سلمان، الذي تُعدّ بلاده لاعباً رئيسياً في الوساطات الدولية منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، حيث ساهمت في عمليات تبادل الأسرى، واستضافت محادثات سرية بين موسكو وواشنطن الشهر الماضي. ومن المتوقع أن تُستخدم القناة السعودية مجدداً لدفع المفاوضات، وفقاً لمراقبين.
محادثات الثلاثاء: اختبار لإرادة كييف
ستشهد العاصمة السعودية اجتماعاً رفيع المستوى بين وفد أوكراني يضم رئيس الأركان ووزيري الدفاع والخارجية، ونظراءهم الأمريكيين، في أول لقاء رسمي منذ فشل لقاء البيت الأبيض، بحسب وكالة رويترز.
وأعرب “ستيف ويتكوف”، المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، عن تفاؤله بإحراز “تقدم كبير”، مشيراً في حديث لقناة “فوكس نيوز” إلى أن “المؤشرات إيجابية للغاية”.
من جهته، أكد زيلينسكي عبر منشور اطلع عليه بقش على منصة “إكس” التزام كييف بالحوار البنّاء، قائلاً: “المقترحات الواقعية مطروحة، والمفتاح هو التحرك بسرعة”. إلا أنه استبعد حضورَه المفاوضات، التي ستركّز، حسب مسؤولين أمريكيين، على تقييم استعداد أوكرانيا لتقديم “تنازلات مادية” لروسيا مقابل السلام.
صفقة المعادن: ضمان للدعم الأمريكي
تُعتبر صفقة تجارية مقترحة بين واشنطن وكييف لإنشاء صندوق مشترك من عائدات بيع المعادن الأوكرانية أحد المحاور الرئيسية للمحادثات. ووصف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الصفقة بأنها “حيوية” لضمان استمرار الدعم، بينما أعلن ترامب أن واشنطن أوشكت على استئناف تبادل المعلومات الاستخباراتية مع كييف، في إشارة إلى تقارب محتمل.
رفض روسي ومخاوف أوروبية
من جهتها رفضت موسكو، حسب رويترز، مقترحات بوقف إطلاق نار مؤقت، واصفة إياها بمحاولة لكسب الوقت. في المقابل، يحث زيلينسكي الحلفاء الأوروبيين على تعزيز دعمهم العسكري، وسط تقارير عن تدهور الموقف الميداني لأوكرانيا، خاصة في منطقة “كورسك” المتنازع عليها.
وتواجه كييف ضغوطاً متزايدة لإنهاء الحرب قبل استنزاف مواردها بالكامل، في وقت تبحث فيه واشنطن عن انتصار دبلوماسي يُعزز موقع ترامب بعد حسمه للانتخابات الرئاسية قبل حوالي شهرين.
وتكشف الزيارة السعودية عن محاولة أوكرانية لإيجاد سيناريو “سلام مُدار” يحفظ ماء الوجه، رغم التحديات الجيوسياسية المعقدة.