وسط أجواء تجارية متوترة مع الصين.. تعثر مفاوضات مستقبل “تيك توك” في أمريكا

في تطور لافت يعكس مدى تشابك الملفات السياسية والاقتصادية بين واشنطن وبكين، تشير وكالات الصحافة الدولية إلى أن صفقة تهدف إلى إعادة هيكلة عمليات تطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة، وصلت إلى طريق مسدود.
هذا التعثر يأتي في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” عن فرض رسوم جمركية جديدة على البضائع الصينية (بنسبة إضافية 34%)، وهو ما أثار حفيظة بكين وأوحى برفضها إتمام الصفقة المقترحة في ظل هذه الظروف.
وكان من المفترض أن تفضي الصفقة إلى فصل أصول تيك توك الأمريكية في شركة جديدة ذات هيكل ملكية يضمن أغلبية للمستثمرين الأمريكيين، مع احتفاظ الشركة الصينية الأم “بايت دانس” بحصة أقلية لا تتجاوز 20%.
وقد بدا أن هيكل الصفقة قد اكتمل إلى حد كبير، وحظي بموافقة الأطراف المعنية من مستثمرين حاليين وجدد، بالإضافة إلى موافقة مبدئية من الحكومة الأمريكية.
إلا أن الرياح بدأت في التغيير مع إعلان الصين عن تحفظات جدية تجاه الصفقة، تزامناً مع قرار الرئيس ترامب تمديد المهلة النهائية الممنوحة لـ”بايت دانس” لبيع أصول “تيك توك” الأمريكية لمدة 75 يوماً إضافية. وقد ربط ترامب هذا التمديد بضرورة استكمال جميع الموافقات اللازمة، مشيراً إلى أن الصين “ليست سعيدة جداً بتعريفاتنا المتبادلة”.
من جانبها، أكدت “بايت دانس” في بيان رسمي وجود خلافات جوهرية لا تزال قائمة حول الصفقة، مشيرةً إلى أن أي اتفاق نهائي يخضع لإجراءات المراجعة والموافقة وفقاً للقوانين الصينية. وبالمثل، أكدت السفارة الصينية في واشنطن على موقف بكين الثابت في حماية الحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية ومعارضتها للممارسات التي تنتهك مبادئ اقتصاد السوق.
تأثير التعريفات الجمركية كعامل معرقل
يبدو جلياً أن قرار الإدارة الأمريكية برفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 54% قد ألقى بظلاله القاتمة على مفاوضات صفقة تيك توك.
ففي الوقت الذي تسعى فيه الشركات الصينية إلى الحفاظ على مصالحها في السوق الأمريكية، تجد الحكومة الصينية نفسها في موقف لا يسمح بتقديم تنازلات كبيرة في ظل تصاعد الضغوط التجارية من واشنطن.
وقد لمح ترامب نفسه إلى إمكانية خفض التعريفات الجمركية على الصين في حال تم التوصل إلى اتفاق بشأن بيع تيك توك، وهو ما يعكس بوضوح الترابط بين الملفين التجاري والتكنولوجي.
إلا أن هذا الربط قد يزيد من تعقيد الأمور، حيث ترى الصين أن استخدام قضية تيك توك كورقة ضغط في المفاوضات التجارية يمثل تجاوزاً وتدخلاً غير مقبول في شؤونها الداخلية.
مستقبل غامض وتداعيات محتملة
لا يزال مستقبل تيك توك في الولايات المتحدة يكتنفه الغموض وسط هذا التعثر المفاجئ في المفاوضات. فبينما يصر الكونجرس الأمريكي على ضرورة حماية بيانات المستخدمين الأمريكيين من أي مخاطر محتملة قد تنجم عن ارتباط التطبيق بشركة صينية، تسعى بايت دانس إلى إيجاد حل يحفظ لها جزءاً من مصالحها في السوق الأمريكية الضخمة.
وفي حال فشل التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول المهلة الجديدة، فإن تطبيق تيك توك سيواجه خطر الحظر الكامل في الولايات المتحدة، وهو ما سيؤثر على ملايين المستخدمين الأمريكيين الذين يعتمدون على التطبيق في التواصل والترفيه، بالإضافة إلى الشركات التي تستخدم المنصة في التسويق والترويج لمنتجاتها وخدماتها.
علاوة على ذلك، فإن فشل صفقة تيك توك قد يكون له تداعيات أوسع على العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والصين، حيث قد يزيد من حدة التوتر وعدم الثقة بين البلدين في مختلف المجالات.
كما قد يشجع هذا السيناريو دولاً أخرى على تبني مواقف أكثر تحفظاً تجاه الشركات التكنولوجية الأجنبية، مما قد يؤدي إلى مزيد من التفتت في المشهد التكنولوجي العالمي.