ارتفاع مؤشر دروري للحاويات وسط تقلبات في أسعار الشحن وترقب لتأثير التعريفات الأمريكية

سجل مؤشر دروري العالمي للحاويات (WCI) الأسبوع الماضي ارتفاعاً بنسبة 2%، ليصل إلى 2208 دولارات للحاوية القياسية بطول 40 قدماً، مما يعكس استمرار حالة عدم الاستقرار والتقلبات في أسواق الشحن العالمية.
ورغم أن هذا الرقم لا يزال أقل بنسبة كبيرة (79%) من الذروة الاستثنائية التي بلغها المؤشر خلال جائحة كوفيد-19 في سبتمبر 2021 (10377 دولاراً)، إلا أنه لا يزال أعلى بنسبة ملحوظة (55%) من متوسط عام 2019 الذي سبق الجائحة (1420 دولاراً).
وإلى الآن، بلغ متوسط المؤشر المركب منذ بداية العام 2993 دولاراً للحاوية بطول 40 قدماً، وهو ما يزيد بمقدار 105 دولارات عن متوسط العشر سنوات الماضية البالغ 2887 دولاراً (مع الأخذ في الاعتبار التضخم الناتج عن فترة كوفيد الاستثنائية بين عامي 2020 و2022).
وعلى صعيد التحركات الفردية لأسعار الشحن على المسارات التجارية الرئيسية، فقد شهدت بعض الوجهات ارتفاعات ملحوظة، بينما سجلت أخرى انخفاضات.
فقد ارتفعت تكلفة شحن الحاويات من ميناء شنغهاي الصيني إلى لوس أنجلوس الأمريكية بنسبة كبيرة بلغت 10% (ما يعادل 239 دولاراً)، لتصل إلى 2726 دولاراً للحاوية الأربعين قدماً.
وبالمثل، ارتفعت أسعار الشحن من شنغهاي إلى نيويورك بنسبة 8% (ما يعادل 272 دولاراً)، لتستقر عند 3894 دولاراً للحاوية ذات الحجم نفسه.
في المقابل، شهدت بعض المسارات انخفاضاً في الأسعار الفورية، حيث تراجعت تكلفة الشحن من روتردام إلى شنغهاي بنسبة 7% (34 دولاراً) لتصل إلى 466 دولاراً للحاوية، وانخفضت الأسعار من شنغهاي إلى جنوة بنسبة 4% (140 دولاراً) لتصل إلى 3031 دولاراً.
كما انخفضت أسعار الشحن من شنغهاي إلى روتردام بنسبة 3% (66 دولاراً) لتصل إلى 2304 دولارات، وشهدت مسارات نيويورك إلى روتردام وروتردام إلى نيويورك انخفاضاً بنسبة 2% لتصل إلى 831 دولاراً و2124 دولاراً على التوالي. وسجل مسار لوس أنجلوس إلى شنغهاي انخفاضاً طفيفاً بنسبة 1% (4 دولارات) ليصل إلى 705 دولارات للحاوية.
تجدر الإشارة إلى أن ممر التجارة عبر المحيط الهادئ شهد تراجعاً في أسعار الصرف الفورية خلال الأسبوع الماضي، وهو اتجاه مستمر منذ أشهر ويعزى جزئياً إلى عمليات إلغاء رحلات الشحن الأخيرة.
وفي سياق متصل، من المتوقع أن يؤدي فرض الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مؤخراً إلى زيادة حدة التقلبات في أسعار الصرف الفورية لأسواق الشحن العالمية خلال الفترة القادمة.
تأثيرات جيوسياسية واقتصادية على حركة التجارة
يعكس الارتفاع الأخير في مؤشر دروري استمرار الضغوط على سلاسل الإمداد العالمية، والتي تتأثر بعوامل متعددة تشمل التوترات الجيوسياسية، والأوضاع الاقتصادية المتقلبة في مختلف أنحاء العالم، والتغيرات في أنماط الطلب الاستهلاكي.
كما أن حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية الدولية، وخاصة في ظل إعلان الولايات المتحدة عن رسوم جمركية جديدة، تزيد من حالة الترقب والقلق في أوساط شركات الشحن والمستوردين والمصدرين على حد سواء.
إن التباين في حركة أسعار الشحن على المسارات المختلفة يشير إلى ديناميكية معقدة تحكم العرض والطلب في كل منطقة. فالارتفاع الكبير في أسعار الشحن من الصين إلى السواحل الأمريكية قد يعكس زيادة في الطلب على البضائع الصينية في السوق الأمريكية، أو قد يكون مرتبطاً بتحديات لوجستية أو قيود على الطاقة الاستيعابية لخطوط الشحن العاملة على هذا المسار. في المقابل، قد يشير انخفاض الأسعار على بعض المسارات الأخرى إلى تراجع في الطلب أو زيادة في العرض من السفن المتاحة.
مستقبل أسعار الشحن في ظل المتغيرات الجديدة
يبقى السؤال المطروح حول المسار الذي ستتخذه أسعار الشحن العالمية في الفترة القادمة. من المؤكد أن فرض الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة سيلعب دوراً هاماً في تحديد هذا المسار، حيث من المتوقع أن يؤدي إلى تغيير في تدفقات التجارة العالمية وإعادة هيكلة سلاسل الإمداد. وقد نشهد ارتفاعاً في تكلفة بعض السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة، مما قد يؤثر على معدلات التضخم ويقلل من القدرة التنافسية لبعض الشركات.
على الجانب الآخر، قد تبحث الشركات عن أسواق بديلة ومسارات تجارية جديدة لتجنب الرسوم الجمركية، مما قد يؤدي إلى تغيير في خريطة حركة الشحن العالمية.
كما أن أي تطورات أخرى على صعيد العلاقات التجارية الدولية أو الأوضاع الاقتصادية الكلية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على أسعار الشحن. في ظل هذه الحالة من عدم اليقين، من المرجح أن تستمر التقلبات في أسواق الشحن العالمية خلال الفترة القادمة، مما يستدعي من الشركات والمستهلكين على حد سواء الاستعداد لهذه التغيرات والتكيف معها.