الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

وزير الخزانة الأمريكي يشير إلى قرب إبرام صفقات تجارية لتجنب الرسوم.. والهند مرشحة قوية لتكون الأولى

في إشارة قد تمثل تحولاً في مسار الحرب التجارية التي أشعلتها إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، كشف وزير الخزانة الأمريكي “سكوت بيسنت” اليوم الإثنين عن وجود زخم إيجابي في المفاوضات مع عدد من الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، مؤكداً أن العديد منهم قدموا مقترحات “جيدة جداً” لتجنب الرسوم الجمركية الأمريكية الشاملة، ومرجحاً بقوة أن تكون الهند من أوائل الدول التي ستوقع اتفاقاً بهذا الشأن.

وفي سلسلة من المقابلات التلفزيونية صباح اليوم، بدا “بيسنت” متفائلاً بشأن إمكانية التوصل إلى حلول ثنائية مع الدول التي تأثرت بالسياسات الجمركية الأمريكية الأخيرة.

وقال لشبكة CNBC الإخبارية وفق متابعة بقش: “أعتقد أن الهند ستكون واحدة من أولى الصفقات التجارية التي سنوقعها”، مضيفاً أن هناك تقدماً ملحوظاً في المحادثات مع دول آسيوية أخرى.

وأشار بيسنت إلى الزيارة التي قام بها نائب الرئيس “جيه دي فانس” إلى الهند الأسبوع الماضي، والتي شهدت، حسب الوزير، “تقدماً كبيراً” في المباحثات التجارية بين البلدين.

كما أكد أن المفاوضات مع كوريا الجنوبية “سارت بشكل جيد للغاية”، ووصف المحادثات مع اليابان بأنها كانت “جوهرية للغاية”، رغم أن كوريا استبعدت الموافقة على اتفاق تجاري مع واشنطن بحلول الوقت الذي تجري فيه البلاد انتخابات رئاسية في 03 يونيو 2025، حيث إن هناك تحديات أمام التوصل إلى اتفاق حتى قبل أوائل شهر يوليو.

وتصريحات الوزير الأمريكي هذه تشير إلى أن واشنطن قد تكون بصدد إبرام سلسلة من الاتفاقيات الثنائية المصممة خصيصاً لتلبية مطالبها من كل شريك على حدة، بدلاً من نهج شامل واحد.

جدول زمني محتمل ورد صيني

وفي حديثه للصحفيين بعد المقابلات التلفزيونية، لم يستبعد بيسنت أن يتم الإعلان عن أول اتفاقية تجارية من هذا النوع خلال الأسبوع الجاري أو المقبل، مما يضفي جواً من الترقب حول هوية الدولة الأولى التي ستنجح في تأمين إعفاء أو تخفيف للرسوم الجمركية الأمريكية.

تطرَّق وزير الخزانة أيضاً إلى العلاقة التجارية المتوترة مع الصين، مشيراً إلى أن التحركات الأخيرة التي اتخذتها بكين لإعفاء بعض السلع الأمريكية من تعريفاتها الانتقامية تُظهر، من وجهة نظره، رغبةً صينية في تهدئة التوترات التجارية. وأضاف أن الولايات المتحدة، في المقابل، امتنعت عن تصعيد إضافي عبر حظر تلك السلع التي أعفتها الصين، في إشارة إلى نوع من خفض التصعيد المتبادل الحذر.

ورغم ادعاء ترامب ومسؤولي الإدارة الأمريكية وجود محادثات هاتفية مع الصين، نفت الخارجية الصينية في بيان اطلع عليه بقش، اليوم الإثنين، وجودَ محادثة هاتفية بين الرئيسين الصيني والأمريكي مؤخراً، وأكدت أنه لم يتم عقد أي مشاورات أو مفاوضات بشأن الرسوم الجمركية كما يزعم ترامب، مشيرةً إلى أن “موقف بكين من حرب الرسوم الجمركية واضح تماماً”، قائلةً إن “حروب الرسوم الجمركية والتجارة لا رابح فيها، وإذا كانت واشنطن تريد الحل التفاوضي فعليها أن تتوقف عن تهديد الصين وابتزازها، وأن تسعى إلى الحوار القائم على المساواة والاحترام والمنفعة المتبادلة”.

مشاركة ترامب في المفاوضات

سيكون ترامب “مشاركاً بشكل وثيق” في كل صفقة من الصفقات التجارية التي يتم التفاوض عليها مع ما يتراوح بين 15 إلى 18 شريكاً تجارياً مهماً، وفق تأكيد “بيسنت” لقناة فوكس نيوز الأمريكية، مشدداً على أهمية التوصل إلى “اتفاقيات من حيث المبدأ” قريباً.

وعند سؤاله عما إذا كان يعتزم هو الاتصال بنظيره الصيني لبدء مفاوضات رسمية بين أكبر اقتصادين في العالم، وضع وزير الخزانة الأمريكي “بيسنت” الكرة في ملعب بكين، قائلاً: “سنرى ما سيحدث مع الصين. أعتقد أن الوضع الحالي (الرسوم المرتفعة) غير مستدام من الجانب الصيني، لذا ربما يتصلون بي يوماً ما”.

مع ذلك، أكد أن “جميع جوانب الحكومة على اتصال بالصين”، مبرراً موقف واشنطن بأن الصين تبيع سلعاً للولايات المتحدة بخمسة أضعاف ما تبيعه الولايات المتحدة للصين.

تركيز إدارة ترامب على إبرام اتفاقيات منفصلة مع كل شريك تجاري، يعكس تحولاً عن النهج التجاري التقليدي الذي يميل إلى الاتفاقيات متعددة الأطراف أو حل النزاعات ضمن أطر منظمة التجارة العالمية. وقد يمنح هذا النهج الثنائي واشنطن مرونة أكبر لتفصيل الاتفاقيات بما يتناسب مع مطالبها المحددة من كل دولة وزيادة نفوذها التفاوضي، لكنه في المقابل قد يؤدي إلى نظام تجاري عالمي أكثر تعقيداً وتجزئة، وربما يخلق تمييزاً بين الشركاء التجاريين بناءً على قدرتهم على تلبية المطالب الأمريكية.

وبينما تمثل إمكانية التوصل إلى صفقات لتجنب الرسوم الجمركية خبراً إيجابياً للأسواق، يبقى السؤال حول مدى قدرة هذه الاتفاقيات الثنائية على إزالة حالة عدم اليقين الواسعة التي خلقتها الحرب التجارية وتأثيرها السلبي على الاستثمار والتجارة العالميين خلال الفترة الماضية.

وقد تحتاج الشركات والمستثمرون إلى رؤية حلول أكثر شمولية واستدامة، خاصة فيما يتعلق بالنزاع الأمريكي الصيني، لاستعادة الثقة بشكل كامل وتحفيز النمو الاقتصادي العالمي الذي تأثر بهذه التوترات.

وتحمل الإشارة إلى الهند كمرشح قوي لأول صفقة تجارية دلالات جيوسياسية واضحة، ففي ظل التنافس الاستراتيجي المتصاعد مع الصين، تسعى واشنطن بقوة لتعزيز شراكتها مع نيودلهي كقوة إقليمية وازنة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

في المجمل، تشير تصريحات وزير الخزانة الأمريكي إلى مرحلة جديدة محتملة في سياسة إدارة ترامب التجارية، تتسم بمحاولة احتواء التداعيات السلبية للرسوم الجمركية عبر صفقات ثنائية انتقائية، مع التركيز بشكل خاص على الشركاء الاستراتيجيين مثل الهند، بينما يبقى الموقف تجاه الصين محفوفاً بالغموض وينتظر مبادرة من بكين حسب تتبع بقش. وستراقب الأسواق العالمية والشركاء التجاريون عن كثب مدى سرعة وفعالية ترجمة هذه التصريحات إلى اتفاقيات ملموسة على أرض الواقع.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش