
تقارير | بقش
أصبح صغار المستثمرين في الولايات المتحدة الأمريكية في خطر بسبب الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، بشكل يهدد أعمال هؤلاء المستثمرين واستمراريتها، حيث باتت الشركات الصغيرة تكافح للبقاء وسط الفوضى الاقتصادية التي خلفتها سياسة الرسوم والقرارات المتقلبة للإدارة الأمريكية.
وهذه المتاعب لا تقتصر على التكاليف الإضافية فحسب، بل إن الشركات تضطر أيضاً إلى اتخاذ قرارات بتقليص ساعات العمل، وتأجيل إطلاق منتجات جديدة، أو حتى تجميد خطوط إنتاج بالكامل وفق اطلاع بقش على أحدث التقارير بهذا الخصوص. وقد عبرت شركات عن مخاوفها، مثل شركة “إرث كويكر” للأجهزة، من استمرار هذا الوضع الذي سيؤدي إلى انقراض جماعي للشركات الصغيرة.
ضربة قوية للشركات الأصغر
تفيد بيانات السوق الأمريكية بأن الاضطرابات التجارية تضرب الشركات الأصغر بقوة، وهي شركات لا تملك نفس هوامش الأمان التي للشركات الكبرى، وحسب متابعة بقش تراجع مؤشر تفاؤل الأعمال الصغيرة الذي يصدره اتحاد الأعمال المستقلة في أمريكا بمقدار 1.6 نقطة في أبريل الماضي (شهر فرض الرسوم)، وسجّل المؤشر أدنى من متوسطه التاريخي للشهر الثاني على التوالي، في حين أصبحت حالة عدم اليقين عائقاً كبيراً أمام صغار المستثمرين.
ولا تتوقف الضغوط عند الداخل الأمريكي، إذ تأثرت شركات عدة، مثل مانلي لابز المتخصصة في معدات الصوتيات، التي تضررت من الرسوم المفروضة من الصين على المنتجات الأمريكية، وتراجعت مبيعات هذه الشركة بنسبة 19% مقارنة بالعام الماضي، ما اضطر الشركة لتقليص ساعات عمل الموظفين بنسبة 25%، وجمّد جميع عمليات تطوير المنتجات، وأكدت مديرة الشركة: “حكومتي هي من فعلت هذا بي”.
وبينما تعصف الرسوم بها، تحاول بعض الشركات التكيف من خلال تنويع مصادر الإنتاج وتوسيع الأسواق الخارجية، من ذلك أنّ شركة مثل “إنتويشن روبوتيكس” المصنعة للروبوتات الرفيقة للمسنين، تخطط لإنتاج خارج الصين وتتوسع في أسواق بديلة.
وبينما يتم الترويج لسياسات الحمائية للرئيس ترامب بأنها “حل سحري” لإنعاش الصناعة الأمريكية وحماية العمال، تُظهر تحليلات طالعها بقش أن هذه السياسات تخنق النمو وتدفع الاقتصاد نحو الركود، حيث يثبت التاريخ الاقتصادي أن الحمائية تضعف الابتكار وتعرقل النمو الصناعي.
وتقول صحيفة إيكونوميست البريطانية إنه رغم حجج المدافعين عن الرسوم، التي تستشهد بتحوّل الولايات المتحدة من مستعمرة فقيرة إلى قوة صناعية خلف جدران جمركية عالية، فإن “هذا النمو الأمريكي لم يكن نتيجة للحمائية بل بفضل سرقة التكنولوجيا البريطانية آنذاك، وجذب المهارات الأوروبية، كما حدث مع صمويل سلاتر وفرانسيس كابوت لَويل اللذين أدخلا تقنيات النسيج البريطانية إلى أمريكا”.
وتؤدي سياسات الحمائية إلى تراجع التنافسية داخل الاقتصاد الأمريكي، حيث أصبحت ثلاثة أرباع القطاعات أكثر احتكاراً الآن مما كانت عليه في تسعينيات القرن الماضي، وقد امتدت هذه الظاهرة إلى قطاع التكنولوجيا، إذ تراجعت قدرة الشركات الناشئة على منافسة الكيانات الكبرى.
كندا: آلاف الوظائف مهددة
وخارج الولايات المتحدة، تطرأ التحذيرات الصارخة في دول أخرى مثل كندا. ويقول اتحاد عمال الصلب الكندي إن إعلان ترامب عن مضاعفة الرسوم الجمركي على واردات الصلب من 25% إلى 50% هو هجوم مباشر على الصناعات الكندية والعمال الكنديين، وأكد الاتحاد أن آلاف الوظائف الكندية مهددة، والمجتمعات التي تعتمد على الصلب والألمنيوم معرضة للخطر.
وطالب الاتحاد الحكومة الكندية بالاستجابة فوراً وبحزم للدفاع عن العمال. ومن المقرر أن تدخل الرسوم الجمركية الجديدة على الواردات حيز التنفيذ في 04 يونيو الجاري.
من جهته أعلن الاتحاد الأوروبي الذي علّق إجراءاته المضادة ضد الولايات المتحدة في 14 أبريل “لإتاحة الوقت والمساحة” للمفاوضات، استعداده لتطبيق هذه الإجراءات “في حال عدم التوصل إلى حل مقبول من الطرفين”.
وتواجه خطة إدارة ترامب للرسوم الجمركية عقبة بعد أن أوقفت محكمة التجارة الدولية الأمريكية جميع الرسوم بحجة تجاوز ترامب صلاحياته، لكن تم إيقاف أمر المحكمة بإلغاء الرسوم الجمركية بسرعة، مؤقتاً على الأقل، من قبل محكمة الاستئناف، ورغم هذا التوقف فقد عرقل الحكم الاستراتيجية التجارية الأوسع للإدارة الأمريكية، التي تعتمد على التهديد بفرض رسوم جمركية مرتفعة لخلق نفوذ وإجبار الدول على إعادة التفاوض على اتفاقياتها التجارية مع الولايات المتحدة.