الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

بالأرقام: بعد اتفاق إيقاف حرب الـ12 يوماً.. مجهر بقش على الوجع الإسرائيلي

الاقتصاد العالمي | بقش

من خلال فحص تداعيات الحرب بين إيران وإسرائيل التي شغلت الرأي العام العالمي على مدى 12 يوماً، وأُعلن بشأنها عن اتفاق لوقف إطلاق النار بتدخل الولايات المتحدة الأمريكية، يبدو أن الاقتصاد الإسرائيلي (البالغ حجمه أكثر من 415 مليار دولار) قد تكبَّد الخسائر الأعنف ودفع الثمن الأكثر بهظاً.

فالقطاعات الاقتصادية الحيوية والهامة بالنسبة لإسرائيل تضررت كلها تقريباً، وساءت سمعة الاقتصاد الإسرائيلي بالنسبة للمستثمرين باعتبار إسرائيل ساحة مفتوحة للاستثمارات الأجنبية في منطقة ملتهبة، وتعيش بمعايير غربية صرفة، قياساً بالاقتصاد الإيراني النفطي الذي يواجه سلاح العقوبات الأمريكية منذ عقود طويلة.

وعلى الضفة المقابلة يتم النظر إلى خسائر إيران على أنها تركزت في الأضرار الجزئية بالمنشآت النووية الإيرانية، إلى جانب خسائر اقتصادية في إيران نجمت عن استهداف البنية التحتية بالهجمات الإسرائيلية، فضلاً عن استهداف كبار العلماء النوويين وعدد من القادة العسكريين.

ودلَّت المؤشرات على أن اقتصاد إسرائيل لم يكن بإمكانه الصمود أمام استمرار الحرب، قبل التوصل إلى إعلان وقف إطلاق النار، نتيجة لعوامل متشابكة على رأسها التكاليف الكبيرة للحرب واختناق المنافذ الحيوية والتباينات السياسية في الوسط الإسرائيلي.

وكان يسهل الحديث عن تكلفة الحرب على غزة، إلا أنه يصعب ذلك في الشأن الإيراني وفقاً لموقع والا الإسرائيلي، فتكلفة النشاط الهجومي ضد إيران باهظة للغاية مع الطائرات، التي يستهلك بعضها مئات اللترات من الوقود في الدقيقة الواحدة، وينطبق الأمر نفسه على الدفاع، وأكد الموقع حسب قراءة بقش أنه بميزانية تبلغ حوالي 600 مليار شيكل (225.7 مليار دولار) حتى “قوة مثلنا تجد صعوبة في خوض حرب طويلة مع إيران التي تبعد عنا مسافة نحو 2000 كيلومتر”.

أبرز الآلام الإسرائيلية

في إسرائيل التي سادت فيها مشاهد خراب المباني والبنى التحتية، بلغ الإنفاق الهجومي والدفاعي الإسرائيلي نحو 725 مليون دولار يومياً، ويصل الإنفاق لتغطية احتياجات صندوق تعويضات الأضرار فقط إلى 1.44 مليار دولار وفق اطلاع بقش على أحداث البيانات، في حين تتوقع الأسواق عجزاً إسرائيلياً حكومياً يتجاوز 6% هذا العام من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بالسقف الذي حددته الحكومة البالغ 4.9%.

وتُقدَّر كلفة اعتراض الصواريخ الإيرانية فقط بـ10 ملايين دولار إلى 200 مليون دولار في اليوم الواحد وفقاً للأرقام المتاحة، بينما يمكن أن تتجاوز التكاليف الفعلية ذلك بكثير، وهو ما يجعل هذه التكاليف أحد البنود الأكثر استنزافاً للميزانية الإسرائيلية.

وفرضت هذه الحرب، التي بدأتها إسرائيل في 13 يونيو الجاري، ضغوطاً اقتصادية هائلة على إسرائيل التي تعاني بالأساس من ضغوط الحرب على غزة. إذ تباطأت الاستثمارات وتراجعت حركة السياحة والتجارة، إلى جانب تذبذب أداء سوق المال وتزايد التكاليف الأمنية، وحول ذلك كان معهد “آرون” الإسرائيلي للسياسة الاقتصادية قد قدَّر وصول تكلفة الحرب في إسرائيل إلى نحو 12 مليار دولار في حال امتدت لشهر واحد.

وإضافة إلى التكاليف العسكرية الباهظة، فإن الصواريخ الإيرانية استهدفت بشكل غير مسبوق البنية التحتية الحيوية في إسرائيل، وعلى رأسها مدينة حيفا والميناء الاستراتيجي الذي يُعد رئة اقتصاد إسرائيل ونافذتها البحرية على العالم، وأدت الصواريخ الإيرانية إلى توقف مصفاة “بازان” لتكرير النفط، وهي أكبر مصفاة نفط إسرائيلية، مما كبَّد الاقتصاد الإسرائيلي 3 ملايين دولار يومياً على الأقل، وفق اطلاع بقش على تقديرات فاينانشال تايمز البريطانية.

كما أن مطار بن غوريون الاستراتيجي، المهدَّد بالأصل من قِبل قوات صنعاء بسبب استمرار الحرب على غزة، تكبَّد هو الآخر خسائر بسبب إيقاف الرحلات العالمية من وإلى إسرائيل، وهو المطار الذي يستقبل وتقلع منه قرابة 300 رحلة طيران بمعدل 35 ألف مسافر يومياً.

ومع إغلاق مطار بن غوريون، لجأت إسرائيل إلى تهريب 48 طائرة لشركة العال الحكومية للطيران، إلى قبرص واليونان وأمريكا، خشية استهداف الأسطول الذي يُعد ثروة إسرائيل الجوية، وذلك أدى إلى تحمُّل تكاليف تشغيلية تصل إلى 6 ملايين دولار. واليوم الأربعاء، أعلنت وزيرة المواصلات الإسرائيلية أن الحكومة ستعيد فتح مطار بن غوريون بالكامل استناداً إلى “التنسيق الأمني”.

أما الأسواق المالية في الإسرائيل فهي الأخرى اتسمت بهشاشتها، بل وطالتها الصواريخ الإيرانية التي استهدفت بورصة الماس الإسرائيلية. وحسب مراجعة بقش، تراجعت صادرات البلاد من الماس بنسبة 35% على أساس سنوي خلال 2024، وتشكل هذه الصناعة 8% من إجمالي صادرات إسرائيل، وهو رقم كبير فرض ولا يزال يفرض مخاوف كبيرة في سوق الأوراق المالية.

ومنذ بداية الحرب التي زادت من السخط الشعبي من الأفراد الإسرائيليين ضد حكومتهم، زاد عدد الذين وسّعوا نطاق تأمينهم الضريبي لدى سلطة الضرائب، إذ تم شراء نحو 53 ألف وثيقة تأمين جديدة منذ 13 يونيو، فالتعويضات الرسمية الإسرائيلية تنحصر في أضرار الأملاك العقارية وخسائر السيارات، مما يدفع الناس لتأمين أغراض ثمينة من تحف فنية وأثاث فاخر ومجوهرات في مصلحة الضرائب نفسها بقسط إضافي قدره 0.3% من قيمة العقار المؤمَّن عليه، حتى سقف مليون شيكل (376.3 ألف دولار)، أو تأمين هذه الأغراض لدى شركات تأمين خاصة لتغطية ما لا تقدمه الحكومة من تعويضات لخسائر الحرب.

الشركات في أزمة

وجرى الحديث حكومياً عن خطة تعويض لقطاع الأعمال والشركات لمئات الآلاف من العمال المتغيبين عن العمل بسبب الحرب مع إيران، وتشمل الخطة تعويض الشركات المتأثرة بانخفاض حجم أعمالها بنسبة 25% على الأقل، وتعويضاً بنسبة 75% لأجور الموظفين، وذلك يعني الاضطرار لضخ مليارات الدولارات من الخزينة العامة.

لكن ثمة شركات غير مشمولة بخطة التعويض، وطالب أصحاب 1000 شركة وزارة المالية بتفعيل نظام الإجازات للموظفين، ما يعني أن كل موظف غائب سيحصل على 70% من راتبه كما كان الوضع أثناء جائحة كورونا. فأصحاب العمل يرون أنه لا يمكن إجبارهم على دفع رواتب عدد كبير من الموظفين المتغيبين.

ووفقاً لسلطة الضرائب الإسرائيلية، فقد تم استقبال أكثر من 40 ألف مطالبة تعويض منذ بداية الحرب مع إيران وفق متابعة بقش، وتؤكد هذه السلطة أن حجم الأضرار هائلة منذ بداية الحملة ضد إيران، فخلال أقل من أسبوعين تقرَّر هدم 25 مبنى في جميع أنحاء إسرائيل، مقارنة بمبنى واحد فقط تضرر بالدرجة نفسها خلال الحرب على غزة.

البرنامج النووي الإيراني

في المقابل تتحدث تقارير غربية عن “تكاليف كبيرة” تكبدتها إيران خلال الحرب بمليارات الدولارات، لكن دون وجود صورة واضحة للخسائر والتكاليف، إذ يتم الاكتفاء بالتقدير.

ويجري تقدير أن إيران تكبدت 500 مليار دولار جراء استهداف برنامجها النووي وفقاً لوول ستريت جورنال، لكن دون وجود ما يؤكد هذه الأرقام، ويُعزى طرح هذا الرقم فقط إلى البيانات التقديرية المتاحة التي تفيد بأن البرنامج النووي الإيراني كلف البلاد 500 مليار دولار على مدى 45 عاماً.

في العموم تسبب الحرب في حالة من عدم اليقين الاقتصادي عالمياً وتراجع ثقة المستهلكين وارتفاع أسعار النفط وبالتالي ارتفاع مستويات التضخم، ويبقى التنبؤ بالتطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط صعباً، إلا أن سوق الأسهم الإسرائيلية -على سبيل المثال- ستشهد مزيداً من التحولات على أقل تقدير.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش