الاقتصاد العربي
أخر الأخبار

وسط تخاذل عربي ودولي.. كوارث إنسانية مستمرة في قطاع غزة

متابعات | بقش

يبقى المشهد في قطاع غزة الأخطر على الإطلاق، والأكثر كارثية، نتيجة للأوضاع الإنسانية المدمرة التي آل إليها القطاع بسبب استمرار القصف والحصار والتجويع الممنهج، وفي الوقت الذي يصرخ فيه أهالي غزة من تحت ركام مساكنهم أو تحت وطأة الجوع، فإن صرخاتهم تواصل “الشكوى إلى الله” وسط صمت عربي ودولي تجاه الكارثة.

وفي الأسواق، على سبيل المثال، أصبح الغزيون غير قادرين على توفير أبسط احتياجاتهم من الخضروات مثلاً، إذ باتت الخضروات تباع بالحبة الواحدة، وبسعر الكيلوغرام قبل الحرب، مما يزيد من خطورة المجاعة والكارثة الإنسانية. ويأتي ذلك في الوقت الذي دُمرت فيه الأراضي الزراعية وعوامل الإنتاج، مع حظر إدخال المستلزمات مثل الأسمدة والبذور والمياه والطاقة، منعاً من أن يتم استغلال 5% فقط من الأراضي الزراعية ما زالت صالحة للزراعة في غزة ويمكن الوصول إليها.

ومع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، فإن العالم قد يعيد تركيزه مجدداً على حرب الإبادة في قطاع غزة، ويجري الحديث عن أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يستغل الظروف لإنجاز صفقة تعيد الأسرى الإسرائيليين، والتوجه إلى انتخابات مبكرة، إذ يحاول نتنياهو التسويق للإسرائيليين بأنه حقق الأهداف التي تم الترويج لها والمتمثلة في عرقلة تهديدات البرنامج النووي الإيراني.

الأونروا: قرارات تؤثر على الفلسطينيين

اليوم الثلاثاء حذرت وكالة “الأونروا” من أنها تواجه الانهيار بسبب عجز مالي قدره 200 مليون دولار في التمويل خلال العام 2025، وقال “فيليب لازاريني” المفوض العام للوكالة في برلين، إن عمل الوكالة مضمون لمدة شهرين آخرين فقط، وإن هناك حاجة لـ60 مليون دولار شهرياً لدفع المرتبات، مضيفاً أن الوكالة ستكون عاجزة عن القيام بمهامها بعد الشهرَين المقبلين.

وليس لدى الأونروا أي رؤية لما بعد شهر سبتمبر 2025، وبدون تمويل إضافي “سأضطر قريباً لاتخاذ قرارات غير مسبوقة” من شأنها أن تؤثر على الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين في أنحاء المنطقة، وفقاً للازاريني، دون توضيح ماهية هذه القرارات.

وحين أوقفت واشنطن دعمها، في أوائل 2025، فقدت الأونروا أكبر جهة مانحة لها، كما لم تعد السويد تمول الوكالة التي يعمل فيها قرابة 13 ألف شخص في قطاع غزة فقط، ويأتي قطع التمويلات بسبب اتهامات إسرائيل للوكالات بالضلوع في عملية السابع من أكتوبر، وهو ما تصفه الوكالة بالتضليل الواضح الذي يشوه العاملين في الوكالة.

وذكر لازاريني أنه قبل أسبوعين كان على وشك إيقاف 10,000 إلى 15,000 موظف من موظفي الأونروا في المنطقة بسبب أزمة التدفق النقدي، لكن تبرعاً مسبقاً من أحد المانحين أعطى الوكالة فترة راحة للشهرين المقبلين.

ومنعت إسرائيل الأونروا من العمل في غزة والأراضي المحتلة، ومع دخول الحظر حيز التنفيذ هذا العام فإن العمليات في قطاع غزة والضفة الغربية تتأثر سلباً، في حين تؤكد الأونروا أنها كانت هدفاً لحملة تضليل.

وأسفر القصف الإسرائيلي عن قتل أكثر من 55 ألف شخص في قطاع غزة، معظمهم من النساء والأطفال، ووفقاً للأونروا فإنه يتم تجويع سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني إنسان، نصفهم من الأطفال.

قتل المحتاجين للمساعدات

وحتى يوم أمس الإثنين، بلغ عدد الضحايا الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز توزيع الغذاء والمساعدات (المعروفة بالآلية الأمريكية الإسرائيلية)، 467 شهيداً و3602 مصاب، فيما لا يزال 39 في عداد المفقودين، وفق تتبُّع مرصد بقش لبيانات وزارة الصحة والمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

وقد تحولت نقاط توزيع المساعدات الأربع فقط، التي يُفترض أن تكون ملاذاً آمناً، إلى بؤر خطر دائم للمحتاجين للمساعدات، فرغم ادعاء هذه الآلية، عبر “مؤسسة غزة الإنسانية” المستحدثة، بأنّها تهدف لتسهيل الإغاثة، إلا أنها تُنفَّذ في مناطق مفتوحة غير آمنة، تحت مراقبة مكثّفة من الطيران الإسرائيلي، وفي ظل غياب أي إشراف دولي مباشر من وكالات مثل الأونروا أو الصليب الأحمر. وتم توفير أربع نقاط تابعة لهذه المؤسسة، مقارنةً بـ400 نقطة توزيع كانت تتبع الأونروا.

وفي واقع كهذا وجد أهالي غزة أنفسهم أمام خيارين قاهرين: إما الموت جوعاً أو المجازفة بالموت أثناء محاولة الحصول على المساعدات، في الوقت الذي يغيب فيه التنظيم بهذه النقاط، فضلاً عن إهانة الناس في التفتيش، وحدوث عمليات قنص مباشر، أو إطلاق نار تحذيري يتحول إلى قتل مباشر بين لحظة وأخرى.

وتنفي إسرائيل في المقابل مسؤوليتها عن حالات قتل المحتاجين للمساعدات، وتحمل الفصائل الفلسطينية أو الفوضى الجماهيرية المسؤولية، وتزعم أنها تفتح ممرات آمنة لتسهيل التوزيع، لكن الصور الجوية ومقاطع الفيديو المُتداولة توثّق بما لا يدع مجالاً للشك فوضى ميدانية مروعة ومشاهد دامية.

وحتى مع ادعاء إسرائيل بأنها تسهل عملية توزيع المساعدات على السكان، فإن تقارير صادرة هذا الشهر للأمم المتحدة تؤكد أن 90% من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينما تُستخدم آلية التوزيع هذه كوسيلة ضغط سياسي تحت عنوان “الإغاثة”.

ويحدث ذلك كله بدعم أساسي ولامحدود من الولايات المتحدة الأمريكية، مع تخاذل عربي ودولي يطرح علامات استفهام كبيرة حول المعايير الأخلاقية والسياسية، حيث إن محاولات تصفية وكالة الأونروا وتطبيق بدائل غير مُجدية لتوزيع المساعدات واستمرار حملة التجويع والقصف على رؤوس المدنيين ومنازلهم، جميعها حقائق تدحض النوايا الإنسانية التي يتم الحديث عنها، في الوقت الذي بات فيه أبسط مطالب أهالي غزة هو تدفق المساعدات ودون أن تكون مشروطة بالإهانة والخطر والموت.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش