إسبانيا تتهم الاتحاد الأوروبي بـ”ازدواجية المعايير” بسبب “إتفاقية الشراكة” مع إسرائيل.. والأخيرة تخسر الموانئ في أوروبا

الاقتصاد العالمي | بقش
تقود إسبانيا تحركاً أوروبياً ضد إسرائيل، وتؤكد على ضرورة تعليق الشراكة الأوروبية مع الإسرائيليين، بسبب انتهاكهم الاتفاقية بشكل “صارخ” بشأن حقوق الإنسان، كما تبرز في الخطاب الأوروبي الحالي دعوات صريحة لفرض حظر على مبيعات الأسلحة لإسرائيل، وتقليص الامتيازات التجارية، وتطبيق قرارات المحكمة الجنائية الدولية بحق المسؤولين الإسرائيليين، وهو ما يسلط الضوء على تمسك إسبانيا، وعدد من الدول الأوروبية، بالتحول في الموقف الأوروبي ضد الحليف السابق.
ووفقاً لرئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، فإن لا معنى لفرض الاتحاد الأوروبي العقوبات (17 حزمة) بينما لا يفعل ذلك مع إسرائيل، واعتبر أن أوروبا تطبق معايير مزدوجة وهي غير قادرة حتى على تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، ودعا الاتحاد إلى تعليق فوري للاتفاقية.
وبحسب اطلاع بقش، فإن اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل التي دخلت حيز التنفيذ عام 2000، تشكل الإطار القانوني للحوار السياسي والتعاون الاقتصادي بين الطرفين، وتنص المادة الثانية من الاتفاقية على أن الشراكة، التي تمنح امتيازات تجارية لإسرائيل، مشروطة “بالالتزام بحقوق الإنسان والقانون الدولي”.
وقال سانشيز إن من الواضح تماماً أن إسرائيل انتهكت التزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان بموجب الاتفاقية، وأن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه الانتظار أكثر لاتخاذ إجراء. ويشار إلى أن إسبانيا، وأيرلندا، بدأتا الضغط على الاتحاد لمراجعة الاتفاقية منذ شهر فبراير 2024، ومع ذلك لم يوافق الاتحاد على مراجعتها إلا بعد مبادرة هولندية في مايو 2025.
وقد اجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبية يوم الإثنين الماضي للرد على المراجعة التي وجدت “مؤشرات” على انتهاك إسرائيل لالتزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان في غزة، وعقب الاجتماع استبعدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، كايا كالاس، تعليق الاتفاقية في الوقت الحالي، وقالت إن الهدف الأول هو تغيير الوضع على الأرض، أما إذا لم يتحسن الوضع، فيمكن مناقشة المزيد من الإجراءات في يوليو 2025.
هذه التحولات في الموقف عبَّرت عن انزعاج أوروبي من سياسات إسرائيل التي تواصل قصف وحصار وتجويع المدنيين في قطاع غزة، ويمثل التحول انكشافاً لسردية إسرائيل في الغرب، إذ لم يعد بإمكانها الترويج لكونها دولة تحترم الديمقراطية وحقوق الإنسان، كما يأتي التحرك الأوروبي وسط اعتراف عدد من الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية، وهي إسبانيا وأيرلندا والنرويج وسلوفينيا وفق متابعات بقش.
احتجاج عمال الموانئ: تحركات عملية ضد إسرائيل
ينبع الموقف السياسي الأوروبي بالأساس من الموقف الشعبي للأوروبيين تجاه إسرائيل، إذ يتصاعد الاستنكار والرفض في الشارع الأوروبي للمجازر الحاصلة في قطاع غزة دون رادع دولي حقيقي.
ووسط ضغط الشارع الأوروبي، تفيد تقارير مجموعة الأزمات التي اطلع عليها بقش بأن دولاً أخرى مثل فرنسا وهولندا وإيطاليا والنمسا والسويد وبريطانيا وكندا انضمت مؤخرا إلى إسبانيا وأيرلندا والنرويج في الدعوة العلنية لوقف الحرب، بينما بدأت ألمانيا (المعروفة بدعمها القوي) بالتعبير عن قلقها المتزايد.
وعلى الصعيد العملي، تؤكد معلومات رصدها بقش أن عمال الموانئ والنقل في أوروبا يحاولون إبطاء شحنات البضائع العسكرية والمعدات الحربية المخصصة لإسرائيل، من خلال رفض التعامل مع هذه البضائع المتجهة إلى ميناء حيفا.
ويطالب الاتحاد الأوروبي لعمال النقل بوقف تجريم التضامن النقابي والاعتراف بالدور الحيوي الذي يلعبه عمال النقل في بناء مجتمع أكثر إنسانية، وقال إن التحركات النقابية ليست فقط رفضاً للحرب، بل تأكيد على أن العدالة الخيار الوحيد القابل للاستدامة، مشيراً إلى أن التضامن (مع غزة) ليس جريمة.
ووفقاً لهذا الاتحاد النقابي فإن الاحتجاج ورفض نقل المعدات العسكرية هما تعبيران مشروعان عن الضمير ويستحقان الحماية، خاصة أنها خطوة تأتي في إطار تحركات تضامنية واسعة تهدف إلى منع استخدام البنية التحتية للنقل في دعم النزاعات المسلحة، مشيراً إلى أن التحرك الاحتجاجي شمل موانئ كبرى في دول كبلجيكا وإسبانيا وهولندا.
هذا ولا تقتصر التحركات الاحتجاجية على الموانئ فقط، بل تمتد إلى المطارات والسكك الحديدية وغيرها من القطاعات الاقتصادية الحيوية، وهو ما يدل على اتساع رقعة الرفض الشعبي من قِبل العاملين في قطاع النقل ضد تسليح الصراعات، وهو الرفض الذي تحاول الحكومات الأوروبية احتواءه.