أخبار الشحن
أخر الأخبار

السفن التجارية ترفع شعار “لا علاقة لنا بإسرائيل” لتجنّب هجمات قوات صنعاء وسط تصاعد المخاطر والتكلفة

أخبار الشحن | بقش

في تطوّر غير مسبوق في مجال الشحن البحري العالمي، بدأت سفن تجارية تبحر عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب ببث رسائل علنية تتضمن هوية الطاقم الدينية أو جنسياتهم، عبر أنظمة التتبع الملاحي العامة (AIS)، في محاولة لتجنّب التعرض لهجمات من قوات صنعاء المسلحة، بعد تصاعد عملياتهم البحرية ضد السفن المرتبطة بإسرائيل.

هذه الرسائل، التي تظهر عند الضغط على ملف السفينة عبر أنظمة التتبع مثل MarineTraffic وLSEG AIS Data، شملت عبارات مثل: “All Crew Muslim – جميع الطاقم مسلم”، و”No Connection to Israel – لا علاقة بإسرائيل”، وأحياناً تحديد أن السفينة “تحت إدارة صينية بالكامل” أو “مزودة بحراسة مسلّحة على متنها”، في محاولة لتقديم صورة غير معادية لقوات صنعاء.

هذا السلوك الجديد، بحسب محللين في مجال الأمن البحري تحدثوا لوكالات مثل رويترز وLloyd’s List Intelligence البريطانية، يعكس حالة من “الذعر العملي” لدى مشغلي السفن الذين أصبحوا يعيدون التفكير في كيفية إظهار هوياتهم بشكل علني لتقليل فرص الاستهداف وفق اطلاع بقش.

محللون: الشعارات لن تخفي حقيقة السفن

لكن، وبحسب مصادر استخباراتية بحرية، فإن هذه الرسائل “لن تُغيّر من قرار الاستهداف لدى قوات صنعاء”، مصدر أمني رفض الكشف عن اسمه أكد أن “الإعداد الاستخباراتي لدى قوات صنعاء أعمق من تلك الشعارات العلنية”، وأن القرار يتخذ بناءً على تتبّع شامل لحركة السفينة وتاريخها التجاري والموانئ التي زارتها.

وتأتي هذه التطورات بعد أن عادت قوات صنعاء – التي تؤكد أن عملياتها البحرية تهدف نحو “منع الملاحة المرتبطة بإسرائيل” – إلى استهداف السفن في البحر الأحمر بعد أشهر من الهدوء النسبي، وذلك في إطار ما تصفه بـ”الرد العسكري على استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وجرائم الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق المدنيين الفلسطينيين”، وفق ما أكده قائد أنصار الله “عبدالملك الحوثي” في خطاب متلفز الخميس الماضي.

وخلال الأسبوع الثاني من يوليو 2025، تم إغراق سفينتين تجاريتين في جنوب البحر الأحمر بواسطة طائرات مسيّرة مفخخة وزوارق هجومية، وفق ما أكده تحليل حركة الملاحة الذي نشرته LSEG، وكشف التحقيق حسب قراءة بقش أن السفن المستهدفة كانت جزءاً من أساطيل بحرية سبق أن رست في موانئ إسرائيلية خلال العام الماضي.

من جانبه، أفاد تقرير صادر عن القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) بأن قوات صنعاء في مارس 2024 استهدفت ناقلة نفط تديرها الصين تدعى Huang Pu بصواريخ باليستية، رغم أن الجماعة كانت قد أعلنت سابقاً أنها لن تستهدف السفن الصينية، وفق التصريحات الأمريكية.

هذه الحادثة شكلت نقطة تحوّل في قواعد الاشتباك التي تنتهجها صنعاء، ورسالة بأن الاستثناءات السابقة لم تعد قائمة، ما يعزز من حالة عدم اليقين لدى شركات الشحن.

كما لم تسلم السفن المرتبطة بروسيا من الهجمات التي شنتها قوات صنعاء، ما يعكس توسعاً في مفهوم “الارتباط بإسرائيل” الذي تعتمد عليه صنعاء كأساس مشروع لاستهداف السفن، بحسب تعبيرها.

ورغم إعلان بعض الوسطاء الدوليين عن ترتيبات هدنة مؤقتة في يونيو الماضي، فإن قوات صنعاء عادت لتؤكد أن الملاحة لن تُستأنف بشكل آمن لأي سفينة أو شركة لها علاقة بإسرائيل، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

ارتفاع تكاليف التأمين بمناطق عالية الخطورة

وفي هذا السياق، قالت شركة Aon العالمية للوساطة التأمينية في تقرير صدر هذا الأسبوع إن البحر الأحمر ومضيق باب المندب لا يزالان يُصنّفان كمناطق “عالية الخطورة” من قبل شركات التأمين البحري، مشيرة إلى أن “الرصد المستمر وتكييف الإجراءات الأمنية باتا ضروريين لمشغلي السفن”.

وقد أدت هذه التطورات إلى ارتفاع حاد في تكلفة التأمين البحري عبر البحر الأحمر، حيث قفزت أقساط التأمين بأكثر من 100% خلال أسبوع واحد فقط، بحسب بيانات سوق التأمين التي نقلتها وكالة رويترز.

كما توقفت بعض شركات التأمين عن توفير تغطية لبعض الرحلات كلياً، ما دفع بعدد من مشغلي السفن إلى تغيير مساراتهم نحو رأس الرجاء الصالح رغم التكلفة والوقت الإضافي.

بيانات حركة السفن التي طالعها بقش لدى “لويدز ليست” تُظهر انخفاضاً مستمراً في عدد السفن التي تعبر مضيق باب المندب. في 10 يوليو 2025، سجل المضيق مرور 35 سفينة فقط، مقارنة بـ43 في بداية الشهر، و79 سفينة يومياً في أكتوبر 2023، أي قبل بداية هجمات قوات صنعاء، هذا الانخفاض يعكس تراجعاً بأكثر من 55% في حركة الملاحة عبر أحد أهم ممرات التجارة العالمية.

إلا أن المعضلة الحالية، وفق خبراء الأمن البحري، لم تعد في مدى خطورة المرور فحسب، بل في معايير تحديد الاستهداف، إذ لم تعد المسألة تقتصر على علم السفينة أو جنسية الطاقم، بل تمتد لتشمل كل من تربطه صلة تجارية – حتى ولو كانت غير مباشرة – بإسرائيل أو شركات تعمل معها، ما يجعل جميع السفن عرضة للفحص والاستهداف الاستخباراتي.

وبينما تحاول شركات الملاحة الدولية احتواء الأزمة باستخدام الرسائل العلنية أو بتغيير المسارات، فإن حكومة صنعاء تبدو مصمّمة على مواصلة عملياتها “ما دام العدوان على غزة مستمراً”، كما جاء في بياناتها المتكررة.

وفي ظل غياب حلّ سياسي لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، واستمرار العمليات العسكرية، يبدو أن البحر الأحمر سيبقى منطقة توتر بحري مزمن، تُرسم فيه حدود التجارة العالمية على وقع الطائرات المسيّرة والشعارات السياسية.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش