
تقارير | بقش
في تراجع مفاجئ عن موقف سابق أثار جدلاً واسعاً، أزالت إدارة ترامب شرطاً مثيراً للجدل كان يربط بين التمويل الفيدرالي للكوارث وموقف الولايات الأمريكية من مقاطعة الشركات الإسرائيلية، ويأتي هذا التحول بعد ضغوط قانونية وانتقادات من جماعات الحريات المدنية، اعتبرت السياسة انتهاكاً لحقوق التعبير المكفولة دستورياً.
وبحسب تقرير نشرته وكالة رويترز فقد حذفت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، أمس الإثنين، الصيغة التي كانت تطالب حكومات الولايات بتقديم تعهد مكتوب بعدم مقاطعة الشركات الإسرائيلية كشرط لتلقي التمويل المخصص للطوارئ والكوارث، وذلك ضمن برامج وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية (FEMA).
1.9 مليار دولار كانت مقيّدة بالموقف من إسرائيل
تشير الوثائق التي اطلعت عليها رويترز إلى أن الشرط كان يسري على ما لا يقل عن 1.9 مليار دولار من أموال الاستجابة للكوارث، التي تشمل تمويل معدات البحث والإنقاذ، ورواتب مسؤولي الطوارئ، وأنظمة الطاقة الاحتياطية، ونفقات الاستعدادات الحيوية الأخرى وفق قراءة مرصد بقش.
وكانت الورقة المحذوفة تنص على ضرورة أن تتعهد الولايات بأنها لن تقطع العلاقات التجارية “مع الشركات الإسرائيلية على وجه التحديد”، في ما وصفه معارضون بأنه محاولة لاستخدام المعونة الفيدرالية أداة للضغط السياسي ضد حركات مثل “BDS” (المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات)، التي تدعو إلى إنهاء الدعم الدولي لإسرائيل بسبب سياساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
تزامن التراجع مع نشر نسخة محدّثة من شروط منح FEMA أمس الإثنين، خلت من أي إشارة إلى المقاطعة أو إلى إسرائيل، كما قالت المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، تريشيا ماكلولين، في بيان رسمي إن “المنح الفيدرالية تخضع للقانون والسياسات الحالية، وليس لاختبارات سياسية ذات طابع أيديولوجي”، في إشارة غير مباشرة إلى الجدل حول “شرط إسرائيل”.
ويُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها تراجعاً ضمنياً عن توجه سابق في إدارة ترامب سعى إلى معاقبة المؤسسات والكيانات التي لا تتماشى مع دعم غير مشروط لإسرائيل، أو التي تتبنى مواقف مؤيدة لحملات المقاطعة.
انتقادات متصاعدة وتحذيرات قانونية
عدد من المجموعات الحقوقية الأمريكية، مثل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU)، كانت قد عبّرت عن قلقها بشأن “استخدام التمويل الفيدرالي كسلاح سياسي”، محذّرة وفق اطلاع بقش من أن ربط التمويل بآراء سياسية يتعارض مع التعديل الأول للدستور الأمريكي الذي يضمن حرية التعبير.
وفي السياق ذاته، أكد محللون أن التراجع قد يكون نتيجة ضغوط قانونية محتملة أو خشية من تقويض مشروعية منح FEMA التي تُعد شريان حياة حيويّاً لحكومات الولايات والمقاطعات التي تواجه الكوارث الطبيعية والبيئية.
يأتي هذا التحول في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل ضغوطاً متصاعدة دولياً بسبب استمرار الحرب في غزة، وتصاعد الدعوات إلى مقاطعتها من قبل قطاعات شعبية ومنظمات مدنية في الغرب، خاصة بعد هجوم حماس في 2023 وردّ إسرائيل العسكري عليه، والذي أدّى إلى سقوط آلاف الضحايا ودمار واسع في القطاع.
وكانت إدارة ترامب قد سعت في أكثر من مناسبة إلى تجريم أو عرقلة أي جهد مدني أو مؤسسي يدعم المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، باعتبار ذلك شكلاً من “معاداة السامية”، وفقاً للتعريف الموسّع الذي تتبناه وزارة الخارجية الأمريكية والمنظمات اليهودية المحافظة.