الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

الحرائق المستمرة تضرب مفاصل الاقتصاد.. إسبانيا تعيش أسوأ لحظاتها الاقتصادية وتفقد 373 ألف هكتار

الاقتصاد العالمي | بقش

تعيش إسبانيا لحظات صعبة بسبب حرائق الغابات الأسوأ في البلاد، فقد حذّر رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، اليوم الثلاثاء، من أن بلاده ما زالت تواجه “ساعات عصيبة” في معركتها مع حرائق الغابات المشتعلة منذ أكثر من أسبوعين في النصف الغربي من إسبانيا، رغم انحسار الموجة الحارة التي فاقمت الأزمة.

قال سانشيز: “أطلب من المواطنين ووسائل الإعلام توخي الحذر وعدم التراخي، فالمعركة لم تنتهِ بعد، وما زالت أمامنا لحظات حرجة”، وأضاف أنه ملتزم بالدفع نحو “ميثاق وطني لمواجهة الطوارئ المناخية”، وأن الأزمة المناخية تضرب شبه الجزيرة الإيبيرية بشكل خاص، وتجعلها أكثر عرضة لموجات الحرّ والحرائق المدمرة.

خسائر هائلة للغاية

وفقاً لاطلاع مرصد بقش على بيانات النظام الأوروبي لمعلومات حرائق الغابات (EFFIS)، التهمت النيران في إسبانيا نحو 373 ألف هكتار منذ مطلع العام 2025، وهو أعلى رقم يسجل منذ بدء جمع البيانات عام 2006، ما يجعل عام 2025 الأسوأ في تاريخ البلاد من حيث الحرائق.

وخلال آخر 24 ساعة فقط، التهمت الحرائق نحو 30 ألف هكتار إضافية، خصوصاً في مقاطعات زامورا وليون في قشتالة وليون (شمال غرب)، وأورينسي في غاليسيا، وكاثيريس في إكستريمادورا.

وقد تسببت الحرائق في إجلاء آلاف السكان وإغلاق العديد من الطرق، إضافة إلى تعليق خط قطار رئيسي يربط غاليسيا بالعاصمة مدريد. وعلى الرغم من الأضرار الكبيرة، فإن انخفاض درجات الحرارة بين 10 و12 درجة مئوية وارتفاع معدلات الرطوبة منذ الثلاثاء، يعزز آمال فرق الإطفاء المدعومة بجنود وطواقم من دول عدة في السيطرة على النيران خلال الأيام المقبلة.

كيف تضرب الحرائق مفاصل الاقتصاد الإسباني؟

تؤثر الحرائق المتواصلة على قطاعات الاقتصاد الإسباني الحيوية والرئيسية، فعلى سبيل المثال، الإغلاقات في الطرق وسكك الحديد تقطع السلاسل الخدمية إلى المدن والبلدات الصغيرة المعتمدة على الزوار، كما أن تعليق خدمات سكك حديد وطرق في الشمال والغرب، يرفع كلفة الشحن الداخلي ويؤخّر وصول البضائع والعمالة الموسمية، ويضغط على هوامش الشركات الصغيرة في المناطق المتأثرة.

كما أن حادث الإظلام الواسع في شبه الجزيرة الأيبيرية (في أبريل 2025) -رغم أنّه ليس بسبب الحرائق- كشف هشاشة البنية التحتية عندما تتراكم الصدمات المناخية والطاقية، وهو ما يزيد مخاطر توقفات اقتصادية متتالية.

ويتأثر قطاع الأخشاب الإسباني كون الخشب المقطوع في إسبانيا يأتي من الغابات، ويساهم بنحو 1.7 إلى 1.8% من ناتج الإقليم مع عشرات الآلاف من الوظائف في المناشير واللباد والورق والأثاث وفق قراءة بقش.

وتعني الحرائق فقدان مخزون خشبي أعمارُه سنوات، تعطّل توريد الألياف لمصانع اللب والورق، وارتفاع أقساط التأمين وكلفة الوقاية مستقبلاً.

وهناك ضربة موسمية زراعية طويلة الأمد، إذ تظل حصة الزراعة المباشرة صغيرة نسبياً في الناتج الإسباني (نحو 2.5–3%)، لكن الخسائر الريفية مركّزة: بساتين زيتون وكروم، مراعي، ونحّالون. وحتى مع نجاة المحاصيل من النار المباشرة، فإن الدخان يتسبب في تراجع جودة الإنتاج واحتمال التدخين في العنب وتلف العلف، ما يعني خسائر سعرية وليس حجمية فقط.

وأظهرت دراسة أوروبية جديدة اطلع عليها بقش، أن وفيات التعرّض القصير لجزئيات الدخان الدقيقة PM2.5 من حرائق الغابات كانت مُستهاناً بها سابقاً، مع ارتفاع واضح في الوفيات العامة والتنفسية والقلبية. وفي الاقتصاد، يعني هذا غياباً عن العمل، وضغطاً على غرف الطوارئ، وتكاليف رعاية صحية أعلى.

فاتورة تأمينية كبيرة

أعلنت الحكومة الإسبانية عن مساعدات طارئة وبدأت إجراءات لإعلان مناطق منكوبة لتسريع التعويضات.

وفي النظام الإسباني، يلعب صندوق التعويضات العام دوراً محورياً في تغطية المخاطر الاستثنائية، ما يحدّ من صدمات السيولة على الأسر والشركات لكنه يُحمّل المالية العامة تكاليف لاحقة.

كما فعّلت مدريد آليات المساعدة الأوروبية (طائرات، فرق، تمويل ما بعد الكارثة)، وذلك يُسرّع الإغاثة، لكنه يعكس أيضاً اتساع الفاتورة متعددة السنوات لإعادة التأهيل البيئي والبنية التحتية.

ويعتمد زخم نمو إسبانيا في العامين الأخيرين على السياحة بشكل بارز مع أرقام قياسية متوقعة في 2025 وفق قراءات بقش. وإذا استمر تعطيل الوجهات الشمالية ووسائل النقل خلال ذروة الموسم، فقد يتآكل جزء من هذه المكاسب، خصوصاً في الأقاليم الطرفية الأقل تنوعاً اقتصادياً.

ومع أن أثر الزراعة في الناتج الكلي محدود، فإن تراكم خسائر الغابات والهواء السيء والنقل والتأمين قد يقتطع عدة أعشار نقطة مئوية من النمو في المدى القريب عبر استهلاك أقل، وكلفة أعلى، وتأخير استثمارات.

وفي الوقت الراهن تجد الحكومة نفسها مضطرة إلى حماية الموسم السياحي، من خلال توفير ممرات آمنة بديلة على مسار الكامينو، وتدشين حملات ترويجية وتعويضات مستهدفة لإيواء وإطعام الزوار في المدن غير المتأثرة.

كما تحتاج الحكومة إلى تقوية شبكات السكك والطرق المقاومة للحرائق ومسارات تحويل للشحن. كما يتطلب منها توفير تمويلات كافية مع تقليص الأثر النقدي على الأسر والشركات الصغيرة، والتعقب الصارم للاحتراق العمد.

وبشكل عام، تهدد حرائق 2025 بإيقاع إسبانيا في صدمة اقتصادية محلية واسعة تُصيب السياحة والقطاع الغابي والريف والنقل، مع كلفة صحية واجتماعية غير مسبوقة، وتتوقف قدرة إسبانيا على احتواء الضرر على سرعة فتح الممرات السياحية، وتأمين التعويضات، وإدارة الوقود الغابي، وتعزيز مرونة الشبكات والنقل، وهي إجراءات عاجلة قد تؤدي إلى تخفيف الأثر هذا العام.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش