إسرائيل تضيف 9 مليارات دولار إلى موازنتها كإجراء اضطراري لتلافي أضرار الحرب الاقتصادية

تقارير | بقش
تجد إسرائيل نفسها أمام خيارات ضيقة لتلافي الوضع الاقتصادي والمالي الخانق بسبب استمرار حربها على قطاع غزة، ومخططاتها المستحدثة للاستيلاء على أجزاء واسعة من القطاع. واضطرت الحكومة الإسرائيلية في أحدث خطواتها، إلى الموافقة على زيادة ميزانية العام 2025 بمقدار 9 مليارات دولار، وذلك لتغطية التكاليف المرتبطة بالحرب مع إيران (في يونيو الماضي) والحرب على غزة.
هذه المراجعة التي تضمنت زيادة، بعد خمسة أشهر فقط من إقرار البرلمان للميزانية السابقة، توضّح العبء الكبير الذي ألحقته الحرب متعددة الجبهات بالاقتصاد الإسرائيلي، الذي شهد انكماشاً غير متوقع في الربع الثاني وفق اطلاع بقش على التقارير الإسرائيلية.
وسيتم رفع مشروع ميزانية عام 2025، الذي ينتظر موافقة الكنيست “البرلمان”، بأكثر من 30 مليار شيكل (8.9 مليار دولار)، وهو ما يعادل 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، كما سيُرفع العجز المستهدف في الميزانية إلى 5.2% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ4.9% حالياً.
وكانت الحكومة الإسرائيلية أقرت في مارس الماضي ميزانية العام 2025 بقيمة 755.9 مليار شيكل (أكثر من 221.4 مليار دولار)، وهي ميزانية وُصفت بأنها تعبر عن الكارثة الاقتصادية التي لحقت بإسرائيل، إذ اضطرت الحكومة لرفع مخصصات الوزارات والمكاتب الحكومية غير الأساسية بمقدار 709 ملايين شيكل (نحو 194 مليون دولار)، مقارنة بالميزانية التي تم الحديث عنها في يناير 2025.
وتسببت الزيادة الكبيرة في الموازنة في انتقادات واسعة من المعارضة الإسرائيلية، ومن ذلك قول النائبة نعاما لازيمي من حزب العمل، التي وصفت الميزانية بأنها “سرقة في وضح النهار”، قائلةً إن الحكومة تعمل على “إرضاء المقربين سياسياً على حساب المواطنين الإسرائيليين الذين يعملون ويؤدون الخدمة العسكرية”.
الميزانية التي أُقر الآن إضافة نحو 9 مليارات دولار إليها، تمثّل الميزانية الأكثر قسوةً على إسرائيل من حيث فرض الأعباء المالية على الإسرائيليين، إلى حد أن حكومة نتنياهو باتت متهمة بأنها تدمر مستقبل الإسرائيليين وأطفالهم لضمان بقائها السياسي.
وتأتي خطوة رفع الميزانية في الوقت الذي تخطط فيه إسرائيل لتكثيف حملتها العسكرية على قطاع غزة المحاصر، وقد أجاز نتنياهو لقوات الاحتلال البرية التقدم نحو مدينة غزة، في وقت سابق من الشهر الجاري، بعدما كان قد تجنب التوغل في معظم تلك المنطقة سابقاً بسبب مخاوف تتعلق بالرهائن.
التسليح في المقام الأول
الإنفاق الإضافي الجديد سيذهب معظمه (8.4 مليارات دولار) إلى قطاع الدفاع، وهو ما سيرفع بند الميزانية الأكبر إلى 140 مليار شيكل (أكثر من 41 مليار دولار)، وفقاً لوكالة بلومبيرغ، ويعادل هذا المبلغ تقريباً ضعف ما كانت إسرائيل تتوقع إنفاقه قبل اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.
وسيذهب مبلغ 1.6 مليار شيكل (468 مليون دولار) إلى عمليات “مؤسسة غزة الإنسانية” التي أنشأتها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وهي جهة التوزيع التي أثار وجودُها الجدل بسبب قتل الفلسطينيين في مراكز التوزيع التابعة لها (أربعة مراكز توزيع فقط)، إضافةً إلى أن استحداثها أقصى وكالات الأمم المتحدة عن توزيع الإمدادات على الفلسطينيين.
وهناك مبلغ إضافي قدره 1.7 مليار شيكل (497 مليون دولار) سيُخصص لسداد مدفوعات الفائدة لعام 2025 وفق اطلاع بقش. ويشار إلى أن ديون إسرائيل قفزت منذ بداية الحرب، مما عرّض اقتصاد إسرائيل لتخفيضات تصنيف عدة مرات.
وربما لا تزال وكالة “ستاندرد آند غلوبال” الوحيدة التي تحتفظ بتصنيف إسرائيل عند مستوى A، وهو نفس تصنيف إسبانيا ويقل بدرجة واحدة فقط عن تصنيف اليابان.
انكماش اقتصادي حاد بسبب إيران
تراجع الاقتصاد الإسرائيلي بشكل حاد بنسبة 3.5% من إجمالي الناتج المحلي خلال الربع الثاني من 2025 نتيجة انخفاض في الاستهلاك وتراجع الاستثمارات بشكل كبير، ولهذا يتوقع اقتصاديون أن يخفض بنك إسرائيل أسعار الفائدة في سبتمبر 2025.
هذا التباطؤ يعود على الأغلب إلى تأثير الحرب مع إيران في يونيو، التي استمرت 12 يوماً، وهو ما أدى إلى تعطيل النشاط الاقتصادي في إسرائيل، مع استهداف أكثر المنشآت الإسرائيلية حيويةً.
ووفق اطلاع بقش على بيانات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، تعرّض القطاع التجاري لضربة كبيرة، وانكمش بنسبة 6.2%، وتراجع الاستهلاك الخاص بنسبة 4.1%، وتراجع الإنفاق العام بنسبة 1%، كما انخفض الاستثمار في الأصول الثابتة بنسبة 12.3%، مما يشير إلى ضعف ثقة الأعمال في إسرائيل.
كما تراجعت صادرات السلع والخدمات، باستثناء الشركات الناشئة والألماس، بنسبة 3.5%، وارتفعت الواردات، باستثناء المشتريات المتعلقة بالدفاع، بنسبة 3.1%، وهي بيانات مخيبة للآمال الإسرائيلية، توضّح أثر حرب الـ12 يوماً على النشاطين الاستهلاكي والتجاري.
ولا يُتوقع أن تؤثر الأرقام على قرار سعر الفائدة لبنك إسرائيل، لكنها قد تؤثر على الاجتماع المقبل للبنك المركزي يوم 29 سبتمبر المقبل، في الوقت الذي تتعقد فيه الأوضاع الاقتصادية، ويرى اقتصاديون أن النظرة المستقبلية ضعيفة للغاية، وتزيد من احتمال أن يتخذ صناع السياسات أول خفض لسعر الفائدة هذا العام في محاولة يائسة لتحفيز النمو.