الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

اليمن بين مطرقتين: أزمة غذاء خانقة وفيضانات مدمّرة تضاعف المعاناة

الاقتصاد اليمني | بقش

كشف برنامج الأغذية العالمي في تحديثه الأخير أن اليمن يقف اليوم على أعتاب واحدة من أسوأ أزماته الغذائية في التاريخ المعاصر، إذ لا يزال 70% من الأسر عاجزة عن تأمين الغذاء الكافي. فيما بلغ الحرمان الغذائي الشديد 44%، مسجلاً أعلى معدلاته في محافظات الجوف والبيضاء ولحج، حيث يواجه النازحون والأسر التي تعيلها نساء خيارات تكيّف “قاسية” تهدد استقرارهم المعيشي.

وحذر البرنامج في تحديثه الذي اطلع عليه بقش من أن مناطق جديدة قد تدخل المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي – أي مستوى المجاعة – بحلول سبتمبر 2025، في حال لم تتوفر تدخلات إنسانية عاجلة.

شهد يوليو الماضي ارتفاعات قياسية في أسعار الغذاء والوقود نتيجة انهيار قيمة الريال اليمني في مناطق حكومة عدن. ورغم تحسّن قيمة العملة بشكل مؤقت في أغسطس، إلا أن الأسعار لم تعكس هذا التحسن، مما ترك الأسواق في حالة غموض وقلق من انتكاسة وشيكة.

إلى جانب ذلك، انخفضت واردات الوقود عبر موانئ البحر الأحمر في يونيو ويوليو إلى أدنى مستوياتها في ثلاث سنوات، بسبب أضرار في البنية التحتية تجاوزت قيمتها 1.3 مليار دولار. ويحذر خبراء من أن أي نقص جديد في الوقود قد يوقف عمليات طحن الحبوب، ما يؤدي إلى ارتفاع جديد في أسعار القمح رغم الضوابط الحالية.

تراجع الواردات الغذائية

وبحسب بيانات برنامج الأغذية العالمي، انخفضت واردات الأغذية عبر جميع الموانئ اليمنية بنسبة 4% خلال النصف الأول من 2025 مقارنة بالعام السابق. وجاء التراجع أساساً من الموانئ الواقعة تحت إدارة حكومة صنعاء، بينما ارتفعت الواردات نسبياً عبر الموانئ التي تسيطر عليها حكومة عدن.

وتعمل مجموعة الأمن الغذائي والزراعة حالياً على خطة استجابة عاجلة بقيمة 242 مليون دولار تستهدف مساعدة نحو 8.9 مليون شخص في 168 منطقة ساخنة، لكن هذه الخطة مرهونة بتوفر التمويل الدولي.

في موازاة الأزمة الغذائية، تضرب اليمن كوارث مناخية متزايدة. فقد أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن +16,000 أسرة تضررت في محافظات حجة والحديدة والمحويت وريمة جراء سيول غزيرة خلال أغسطس، مشيرة إلى دمار واسع في المنازل والملاجئ المؤقتة ونزوح مئات الأسر إلى مناطق بديلة.

وتشير تقديرات أولية تتبَّعها مرصد بقش إلى أن نحو 180 أسرة فقدت مساكنها كلياً في حجة والحديدة، بينما أعلنت السلطات في عدن منطقة البريقة “منكوبة” بعد وفاة مواطن وانهيار منازل ومحلات تجارية.

الزراعة تحت الحصار المائي

تقرير آخر لمنظمة الفاو حذر من أن الفيضانات المفاجئة تهدد بتدمير محاصيل الذرة الرفيعة والدخن في ذروة موسم الحصاد، ما ينذر بموجة جديدة من الخسائر الزراعية وتفاقم انعدام الأمن الغذائي. وحسب قراءة بقش، قد تتجاوز كميات الأمطار في المرتفعات الجنوبية والغربية 300 ملم خلال الفترة المتبقية من أغسطس، ما يرفع خطر السيول في أودية سردود وزبيد ورماع وحرض بنسبة تصل إلى 80%.

ورغم أن الأمطار قد تخفف جزئياً من حدة الجفاف الطويل، إلا أن خسائر البنية التحتية وإغلاق الطرق وتجريف الأراضي الزراعية تُفاقم من الأوضاع المعيشية وتضرب دخل الأسر الريفية التي تمثل شريحة واسعة من سكان اليمن.

المشهد العام يضع اليمن بين مطرقة المجاعة وسندان المناخ. فمن جهة، ملايين الناس بلا غذاء كافٍ وأسعار متقلبة تحكمها المضاربات والسياسات النقدية المنقسمة، ومن جهة أخرى، سيول جارفة تدمر ما تبقى من محاصيل وبنية تحتية هشة.

ويرى محللون أن تلاقي الأزمتين يجعل اليمن يواجه واحدة من أعقد الأوضاع الإنسانية في العالم، حيث لم تعد المساعدات وحدها كافية، بل بات الأمر يتطلب خطة إنقاذ اقتصادية وزراعية متكاملة تضع الإنسان اليمني في قلب أي تسوية سياسية أو إقليمية قادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش