إضراب للصرافين وإغلاق لمحلات الصرافة.. “أجواء مشحونة” في القطاع المصرفي وتوصيات للمواطنين بخصوص صرف العملات

الاقتصاد اليمني | بقش
شهدت مدينة عدن توتراً عارماً خلال اليومين الماضيين بسبب الاحتجاجات الشعبية الغاضبة على خلفية التلاعب بأسعار الصرف، مما تسبب في إشعال غضب ضد عدد من شركات ومحلات الصرافة، بعد أن اشترت العملات الأجنبية من المواطنين بتسعيرة وهمية أقل من السعر الفعلي، قبل أن تعيد رفعها بشكل مفاجئ لتحقيق أرباح وُصفت بالضخمة.
ذلك تسبب في إغلاق المحتجين عدداً من محلات الصرافة في عدة مناطق، مثل سوق الطويل بمديرية كريتر. ووفق متابعة مرصد بقش، ليست عدن وحدها التي شهدت توترات في القطاع المصرفي، بل ومحافظة لحج أيضاً، حيث تنامى الاحتجاج الشعبي بمدينة الحوطة وعدد من المناطق في مديرية تبن، رفضاً لما وصفه المواطنون بنهب مدخرات المواطنين والمغتربين.
إضراب عام للصرافين
على إثر ذلك، أعلنت جمعية صرافي عدن عن إضراب عام عن العمل وإغلاق أبواب شركات ومؤسسات القطاع المصرفي، احتجاجاً على ما وصفته بـ”الأجواء المشحونة وخطابات التحريض المستمرة ضد قطاع الصرافة”.
وطالبت جمعية الصرافين بعدن السلطات بالقيام بمهامها ضد كافة “الأعمال العبثية” التي طالت العديد من محلات الصرافة وضبط كافة المتسببين في إثارتها ممن يحاولون الاصطياد في الماء العكر، حد تعبير الجمعية.
أشارت الجمعية في بيانها الذي حصل بقش على نسخة منه، إلى أن لها دوراً بالغ الأهمية وإسهاماً في إنجاح قرارات بنك عدن المركزي المرتبطة بتحسين العملة المحلية، وطالبت بفتح ملف للتحقيق في طبيعة الشائعات التي تحدثت عن نزول في أسعار الصرف إلى مستويات متدنية والوقوف على أهدافها وخلفياتها ومصادرها وعدم إغفال تفاصيلها وإطلاع الرأي العام بكل وضوح وشفافية.
المركزي: السلطات المعنية صامتة إزاء التحريض
وفي بيان أصدره بنك عدن المركزي اليوم الثلاثاء، واطلع عليه بقش، قال البنك إنه “يأسف لما يتعرض له من حملات تحريضيه مشبوهة لا تستهدفه فقط كمؤسسة سيادية بل تستهدف ما تحقق من استقرار واعد في وضع العملة الوطنية ومنظومة الإصلاحات التي ما تزال في بدايتها وكذلك حملات التشويه التي تطال القطاع المالي والمصرفي من قبل بعض المحسوبين على الأجهزة الرسمية وسط صمت تام من قبل السلطات المعنية” وفقاً للبيان.
وحذر البنك من “الآثار الخطيرة لهذه الممارسات الخارجة عن القانون” حسب قوله، مشيراً إلى “خطورة ما يتعرض له القطاع من حملات تشويه وانتهاكات على الاستقرار الاقتصادي وانسيابية سلاسل الإمداد، وكذلك من محاولات الانتقاص من صلاحيات واستقلالية البنك المركزي الحاكم لهذا القطاع الهام والحيوي ومن محاولات القفز على الواقع دون دراية مهنية أو ترتيبات مؤسسية وما تسببه تلك الممارسات من آثار سلبية لمسنا نتائجها خلال اليومين الماضيين”.
بدورها قالت جمعية البنوك المستحدثة مؤخراً في عدن، إن الواجب يقتضي الوقوف خلف البنك المركزي بعدن لأنه “صمام استقرار العملة وضمان تدفق السلع”.
واعتبرت الجمعية أن “الحملات التحريضية” ستكون لها تبعات كبيرة على القطاع المصرفي وعلى الوضع المعيشي للمواطنين، ودعت السلطات المعنية بالوقوف بحزم ضد هذه الحملات، مشيرة إلى أهمية الجهود التي بذلت لخلق نوع من الاستقرار في أسعار الصرف خلال شهر أغسطس الفائت.
وفي الوقت الراهن يدافع ناشطون عن بنك عدن المركزي ويدعون إلى الوقوف وراء قيادته. ومن هؤلاء، الصحفي فتحي بن لزرق الذي قال إن بنك عدن المركزي يظل هو معركة الدفاع الأخيرة، والمترس الأخير الذي يجب أن نقيم جداره ونشد أزر مقاتليه، حسب تعبيره.
ورأى أن لا بديل عن بنك عدن المركزي وحكومة عدن إلا “حكومة الصرافين الذين أحالوا حياتنا إلى جحيم منذ أكثر من عشر سنوات”، وأضاف: “ولدولة الصرافين نقول: ليس بيننا وبينكم من عداوة تُذكر، نحن ندافع عما تبقى لنا من أمل ضئيل بالحياة، ندافع عما تبقى من وطن استولى عليه أصحاب النفوذ واستباحوا بفعل ظروف الحرب كل شيء”.
وفي السياق، أورد الخبير الاقتصادي ماجد الداعري أن شراء العملات الأجنبية من قبل البنوك والصرافين مسموح من البنك المركزي بالسقف المحدد، ولكنه مفتوح هبوطاً، حسب العرض والطلب بالسوق بحيث يحق للصرافين شراء السعودي والدولار بأقل من السعر المحدد من البنك المركزي.
لكن شراء المواطن للعملات الأجنبية أو تحويلها، ممنوع وموقف من البنك المركزي أيضاً، إلا بحدود 2000 دولار لأغراض علاجية ودراسية خارج البلاد بشروط وضوابط مشددة، مشيراً إلى أنه لا يمكن اليوم شراء عملات أجنبية من البنوك والصرافين كما كان الحال في السابق.
وتجري في الوقت الراهن دعوات للمواطنين بعدم صرف مدخراتهم من العملة الصعبة والاحتفاظ بها، ومن جانب آخر لا يزال المواطنون يشكون من أنه تم جرهم من قِبل صرافات بشكل وهمي إلى صرف عملاتهم خشية فقدان قيمتها أكثر، وسط مطالب جادة بوضع حد للتضاربات الحاصلة والتناقضات التي تتسم بها سوق الصرف حالياً.