إسبانيا تفرض عقوبات على الكيان وتؤكد: الصمت على ما يحدث في غزة تواطؤ ولن نرضخ للترهيب الإسرائيلي

تقارير | بقش
في خطوة تصعيدية كبيرة وغير مسبوقة، أعلنت إسبانيا عن فرض تسع عقوبات ضد إسرائيل بهدف وقف الإبادة الإسرائيلية الجماعية، وأكدت أن كل ما فعلته أوروبا حتى الآن لم يفلح في تخفيف المعاناة في قطاع غزة المحاصر.
هذه الإجراءات وفق اطلاع مرصد بقش تشمل حظر بيع الأسلحة لإسرائيل، وحظر مرور سفن الوقود للجيش الإسرائيلي عبر الموانئ الإسبانية، وحظر عبور الطائرات المحملة بالعتاد العسكري عبر أجواء إسبانيا، ومنع دخول المتورطين بالإبادة وجرائم الحرب، وحظر استيراد منتجات المستوطنات، وتقليص الخدمات القنصلية للإسرائيليين بالمستوطنات غير الشرعية.
كما أقرت إسبانيا زيادة مساهمتها في وكالة الأونروا بـ10 ملايين يورو (11.7 مليون دولار)، ومضاعفة المساعدات الإنسانية لغزة، إلى جانب دعم إضافي للسلطة الفلسطينية.
رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، أكد أن حكومته ستقر مشروع قانون لتطبيق الحظر الفعلي على الأسلحة لإسرائيل، معتبراً أن ما تفعله إسرائيل في غزة ليس دفاعاً عن النفس “بل القضاء على شعب أعزل”، وأنها “تقصف المستشفيات وتقتل الناس بالتجويع”.
وكان سانشيز قد ندد في خطابات سابقة بازدواجية المعايير الدولية، ووصف الموقف الأوروبي إزاء الحرب على غزة بـ”الفاشل”، كما وصف إسرائيل بأنها “دولة إبادة”. وتُعتبر إسبانيا من أكثر الدول هجوماً على إسرائيل على خلفية حرب الإبادة المستمرة منذ أكتوبر 2023.
أبعاد العقوبات
لهذه العقوبات وقع كبير على العلاقات بين الطرفين، فهي تندرج ضمن إطار تصعيد إسباني يستجيب لأزمة إنسانية متصاعدة في قطاع غزة.
وتستند إسرائيل في عقوباتها على أن إسرائيل مخالفة لبنود اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والمتمثلة في المادة (2) التي تقتضي احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي وفق اطلاع بقش. وقد طالبت إسبانيا بوقف هذه الاتفاقية أو تعليق بعض فصولها، لا سيما ذات الصلة بالتجارة والبحوث.
ممارسة ضغط من خلال خطاب سياسي قوي، يُظهر أن الصمت في هذه اللحظة يعتبر تواطؤًا، وفق ما ورد على لسان وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس في اجتماعات مدريد الأوروبية – العربية. كما يأتي في إطار توجه إسباني عام لتقديم مقترحات ملموسة مثل تشديد الدعم للقضية الفلسطينية، وطرح حل الدولتين كسبيل وحيد للسلام.
وهناك آثار مباشرة للعقوبات الإسبانية، تتمثل في توتر دبلوماسي كبير، مع تحجيم التعاون العسكري والتجاري، إذ ألغت إسبانيا بالفعل صفقة أسلحة سابقة بملايين اليوروهات ورّطت الحكومة في انتقادات داخلية.
وجاء إعلان إسبانيا في توقيت يعكس حالة غضب أوروبي متزايد، فقد كانت مدريد طالبت في السابق بتوقيف اتفاق الشراكة، وقيّم مسؤولون أوروبيون الموقف بأنه اختراق لم يكن ممكناً بدون الجهد الإسباني.
وشارك آلاف الإسبان في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين، ومن بينهم الوزراء أنفسهم، ما يعكس الدعم الشعبي والبرلماني للحكومة في اتخاذ مثل هذه المواقف.
الرد الإسرائيلي
بدورها اتهمت وزارة الخارجية الإسرائيلية إسبانيا بتبني سياسات معدية للسامية، وأعلنت منع دخول مسؤولين إسبانيَين اثنين، معتبرةً أن نشاط الحكومة الإسبانية الحالية ضد إسرائيل يعكس علاقاتها المثيرة للجدل مع أنظمة استبدادية مظلمة، بدءاً بإيران ووصولاً إلى حكومة فنزويلا.
أعلنت الخارجية الإسرائيلية عن عقوبات تشمل وزراء في الحكومة الإسبانية، حيث سيتم حظر يولاندا دياز، نائبة رئيس الوزراء وزيرة العمل، وكذلك سيرا ريجو، وزيرة الشباب والأطفال، من دخول إسرائيل. وأشارت إلى أن إسرائيل ستبلغ حلفاءها الدوليين بـ”سلوك الحكومة الإسبانية العدائي، والبعد المعادي للسامية والعنيف في تصريحات مسؤوليها”.
لكن الحكومة الإسبانية رفضت هذه التصريحات الإسرائيلية، وردّت بأنها اتهامات “زائفة”، وأكدت أن إسبانيا “لن تُذعن للترهيب في دفاعها عن السلام والقانون الدولي وحقوق الإنسان”. واستدعت إسبانيا سفيرها لدى إسرائيل للتشاور، في إجراء قد يزيد من تعميق التوتر الدبلوماسي بين الطرفين.