الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

عدن: المعلمون والموظفون بلا رواتب منذ ثلاثة أشهر.. واستئناف الإضراب يهدد العملية التعليمية

الاقتصاد اليمني | بقش

رغم أن المعلمين في عدن رفعوا الإضراب في شهر أغسطس الماضي، على أمل تحقيق وعود صرف وانتظام الرواتب والمستحقات المالية للمعلمين، إلا أنهم يعانون حتى اليوم من تأخر رواتبهم للشهر الثالث، وباتوا على مشارف إضراب جديد يُدخل المدينة في مأزق جديد.

وليست أزمة المعلمين فقط، بل كافة الموظفين في المؤسسات الحكومية بمناطق حكومة عدن، الذي يعانون من تأخر صرف الرواتب للشهر الثالث على التوالي، حيث تشير معلومات مرصد “بقش” إلى أن الموظفين والمعلمين لم يتسلموا حتى الآن رواتب يوليو وأغسطس وسبتمبر 2025، بينما تتأخر وزارة المالية في عدن في إصدار التعزيزات المالية إلى بنك عدن المركزي.

ويؤكد معلمون في أحاديث لـ”بقش” أن الحكومة لم تفِ بالتزاماتها المرتبطة بصرف الرواتب والتسويات والعلاوات المتأخرة، مقابل التزام المعلمين برفع الإضراب والعودة إلى التدريس كواجب وطني، وهو ما أدخل المعلمين في حالة من خيبة الأمل بسبب عدم حصولهم على رواتب الأشهر الثلاثة المنقطعة، وبالتالي تفاقُم أوضاعهم المعيشية الصعبة.

ويصمت البنك المركزي في عدن عن إصدار توضيحات رسمية بشأن هذه الأزمة الطويلة، وهو التجاهل نفسه الذي تلجأ إليه الجهات الحكومية الرسمية، وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم.

ومن جهة أخرى تشير مصادر إلى أن تأخر صرف الرواتب يعود إلى عوامل جوهرية لم يتمكن البنك المركزي بعدن من حلها، أبرزها عدم قيام المراكز والجهات الإيرادية بتوريد إيراداتها إلى البنك المركزي، إذ يُعد صرف الرواتب مرتبطاً بتفعيل الأوعية الإيرادية.

استئناف إضراب المعلمين

وتطرّق الصحفي فتحي بن لزرق، رئيس تحرير صحيفة عدن الغد، إلى أزمة انقطاع رواتب المعلمين، بقوله إنه كان من أبرز من سعوا للضغط على المعلمين في المدارس الحكومية لاستئناف العملية التعليمية، وأضاف: “أجد نفسي اليوم مضطراً لمراجعة الموقف، فالمعلمون يدخلون شهرهم الرابع بلا مرتبات، في وقت تُستنزف فيه عشرات المليارات من موازنة الدولة لصالح أسماء وشخصيات وقيادات لا تستحق، فيما أصحاب الحق الحقيقيون محرومون من أبسط حقوقهم”.

ودعا بن لزرق جميع المعلمين إلى استئناف الإضراب عن التعليم ابتداءً من يوم الأحد المقبل، 21 سبتمبر 2025، حتى يتم صرف مرتباتهم الضئيلة أصلاً.

وحذر الكاتب السياسي هاني القاسمي من تداعيات أزمة تأخر صرف رواتب المعلمين والموظفين، قائلاً إن ذلك يهدد العملية التعليمية ويجعل التلاميذ الضحايا المباشرين لهذه الأزمة، حيث أصبح المعلمون على أعتاب إضراب جديد نتيجة استنزاف طاقتهم وعدم القدرة على الصمود في ظل أزمة الرواتب المزمنة.

واستمرار العملية التعليمية دون راتب منتظم يهدد بانهيار أحد أهم أركان الدولة الحديثة: التعليم والتربية، وفقاً للقاسمي، مشيراً إلى أن الأزمة المالية لا تؤثر فقط على القوة الشرائية للموظفين وأسرهم، بل تتحول إلى مأساة أخلاقية وإنسانية، حيث يُحرم الطلاب من تعليم جيد بسبب نقص الموارد الأساسية.

 ورأى أن الإضراب في هذه الحالة ليس ترفاً أو تعطيلاً، بل وسيلة دفاع مشروعة يكفلها القانون الدولي لحقوق الإنسان والعمل. كما لفت إلى “المفارقة المؤلمة” في استمرار صدور قرارات التعيينات الجديدة ذات الرواتب الضخمة للكوادر العليا، في وقت يعاني فيه المعلمون والموظفون الأساسيون، ما يعكس خللاً عميقاً في أولويات إدارة المال العام.

واعتبر أن استمرار هذه الأزمة يعني دفع الثمن الأكبر في المستقبل، حيث تتحطم العملية التعليمية ويصبح الجيل القادم ضحية الفقر والجهل، وأن استقرار المعلم والموظف واستحقاقهما للراتب جزء أساسي من الاستثمار في رأس المال البشري وبناء مستقبل البلاد.

وتأخر صرف رواتب المعلمين والموظفين يُعد امتداداً لعملية تأخير الرواتب عن كثير من منتسبي القطاعات المدنية والعسكرية، فالعسكريون من منتسبي الجيش والأمن، على سبيل المثال لا الحصر، يشكون من قطع رواتبهم منذ أشهر، وعدم التجاوب معهم من قبل الجهات المعنية بما فيها وزارة المالية والبنك المركزي، وتتم مقابلة مطالبهم بالقول إنه لا إمكانية لصرف الرواتب وسط مشاكل قائمة تخص السيولة وتفعيل الأوعية الإيرادية.

اضطراب التعليم الجامعي

في سياق اضطراب التعليم الأساسي في المدارس، تشهد عدن في نفس الوقت اضطرابات واسعة في الجامعات الخاصة نظراً لارتفاع الرسوم الدراسية رغم تحسن أسعار الصرف.

وخرجت احتجاجات طلابية في جامعة الريادة إثر قرار للجامعة بزيادة الرسوم الدراسية. ووفقاً لاطلاع بقش على بيان للجامعة، ذكرت “الريادة” أنها قدمت من حيث إجمالي مايدفعه الطالب من رسوم أفضل ما يمكن دعماً للطالب والعملية التعليمية بدون مساومة على تضحيات تمس جوهر العملية التعليمية وجودتها.

وفي الوقت الذي قرر فيه العديد من طلاب الجامعة التغيب عن الحضور، احتجاجاً على القرارات المرتبطة برفع الرسوم، دعت جامعة الريادة الطلاب إلى الحضور حتى لا تضيع عليهم محاضرات كثيرة، قائلةً إن “المستقبل لا يُبنى بالاحتجاجات وإنما بالعلم والجد والاجتهاد”، ودعت إلى “عدم الانصياع وراء دعوات نشاز غير واعية وألا يكونوا أداة لأغراض شخصية لأشخاص الجميع يعرف مواقفهم السلبية ومستوى اهتمامهم بالتعليم ومستواهم الدراسي”.

وكانت جامعة العلوم والتكنولوجيا شهدت احتجاجات طلابية بسبب رفع الرسوم رغم تحسن الصرف، وطالب الطلاب بتخفيض الرسوم الدراسية إلى 50% من سعر الصرف المعتمد من البنك المركزي، في ظل الأوضاع الصعبة التي يواجهها الطلاب وأسرهم.

وجرى إغلاق الجامعة وتعليق الدراسة قبل أن تعلن الجامعة استئناف الدراسة من يوم السبت المقبل 20 سبتمبر.

الاحتجاجات الواسعة للموظفين والمعلمين والطلاب تمثل منعطفاً جديداً للأزمة المتصاعدة تنبّه إلى مخاطر الإهمال الرسمي لأسباب العيش بالنسبة لقطاع واسع من المواطنين اليمنيين الذين استبشروا في البداية بتحسن الصرف ثم وجدوا أنفسهم أمام ارتباك واسع للسوق أبقى الأمور والأوضاع الصعبة على حالها دون تغير يُذكر، ودون أن تقوم الحكومة بالوفاء بالتزاماتها تجاه الموظفين وصمتها أمام تراكم الأزمات.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش