تقارير
أخر الأخبار

صفقة “تيك توك” بين بكين وواشنطن: أمريكا تخشى أي تفوق صيني والمهلة تمتد حتى 16 ديسمبر

منوعات | بقش

في خطوة تعكس القلق الأمريكي من اتساع النفوذ التكنولوجي الصيني، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يمدد مهلة تنفيذ قانون “حماية الأمريكيين من التطبيقات الخاضعة لسيطرة خصوم أجانب” حتى 16 ديسمبر 2025، بما يبقي “تيك توك” قيد التشغيل في السوق الأمريكية.

القرار يمنح الأطراف مساحة إضافية لاستكمال ترتيبات نقل الملكية والحوكمة، في وقت ترى فيه واشنطن أن أي تفوق صيني في مجال المنصات الرقمية أو الذكاء الاصطناعي قد يشكل تهديداً مباشراً لمكانتها الاقتصادية والأمنية.

التقارير التي نشرتها “وول ستريت جورنال” ورويترز واطلع عليها مرصد بقش كشفت أن المفاوضات الأخيرة في مدريد أفضت إلى اتفاق إطار يقضي بفصل أصول تيك توك في الولايات المتحدة ضمن كيان أمريكي مستقل، يسيطر عليه تحالف من المستثمرين بقيادة أوراكل وسيلفر ليك وأندريسن هورويتز.

وستخفض بايت دانس الصينية حصتها إلى ما دون 20%، أي عند 19.9% فقط، وهو ما يضمن سيطرة أمريكية شبه مطلقة على التطبيق الذي تستخدمه واشنطن كرمز لمعركة النفوذ الرقمي ضد بكين.

هاجس الخوارزميات: قلب المعركة

تبقى الخوارزميات محور الخلاف الأبرز، فالصين لا تزال تراجع تراخيص تصدير تقنيات التوصية الآلية والذكاء الاصطناعي، وتلوح بشروط صارمة قبل السماح بانتقال التكنولوجيا.

هذا الملف يكشف عمق مخاوف واشنطن: فحتى مع سيطرة الأمريكيين على البنية والملكية، تبقى الخوارزميات جوهر القوة التي جعلت تيك توك يتفوق على منافسيه. أي استمرار ليد الصين في هذا الجانب يثير خشية أمريكية من فقدان الهيمنة التقنية أمام بكين.

يمثل وجود 170 مليون مستخدم أمريكي على المنصة مصدر قلق متزايد للإدارة الأمريكية. فالتطبيق لا يقتصر على مقاطع الفيديو القصيرة، بل أصبح أداة تؤثر على الرأي العام وتوجهات الشباب، ما يضاعف خشية واشنطن من أن تستغل بكين هذه النافذة لتوسيع نفوذها الثقافي والاقتصادي داخل الولايات المتحدة.

لذلك، ترى المؤسسات الأمريكية أن السيطرة على بيانات المستخدمين عبر أوراكل كلود ليست مجرد إجراء أمني، بل جزء من معركة أوسع لحرمان الصين من منصة تؤثر مباشرة في المجتمع الأمريكي.

رغم ترحيب الأسواق بالتمديد وارتفاع سهم أوراكل بفعل توقعات تعزيز دورها كمستضيف سحابي، فإن وكالات التصنيف مثل موديز حذرت من مخاطر تراكم العقود الضخمة على التزامات الشركة حسب متابعة بقش. هنا يظهر التناقض الأمريكي: من جهة، هناك مكاسب اقتصادية هائلة من تثبيت «تيك توك» تحت سيطرة أمريكية؛ ومن جهة أخرى، هناك قلق دائم من أن أي عثرة أو تسريب قد يترك لبكين منفذا للتأثير في سوق تتجاوز قيمتها عشرات المليارات من الدولارات سنوياً.

معركة القرن: ما وراء تيك توك

تضع إدارة ترامب هذه الصفقة في سياق استراتيجي أكبر، إذ تعتبر أن السيطرة على البنية التحتية للبيانات والذكاء الاصطناعي هي معركة القرن. مشاريع مثل ستارغيت، الذي خصصت له استثمارات تفوق 500 مليار دولار لتوسيع القدرة الحاسوبية، تعكس إصرار واشنطن على منع أي تفوق صيني في مجال الحوسبة والذكاء الاصطناعي.

ومن هذا المنظور، فإن بقاء «تيك توك» تحت إشراف أمريكي ليس مجرد صفقة تجارية، بل خطوة ضمن حرب باردة جديدة تضع التكنولوجيا في قلب الصراع بين القوتين.

التمديد حتى 16 ديسمبر 2025 يمنح الجميع فرصة أخيرة لتسوية الصفقة، لكن حقيقة الأمر أن واشنطن لا تخشى تيك توك بحد ذاته، بل تخاف من أي تفوق صيني قد ينقل مركز الثقل التكنولوجي من وادي السيليكون إلى بكين.

ومن هنا، فإن كل بند في الصفقة، من نسب الملكية إلى تراخيص الخوارزميات، هو انعكاس لصراع أعمق على مستقبل النفوذ العالمي في الاقتصاد الرقمي.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش