تقارير
أخر الأخبار

الفلبين: فضيحة فساد بالمليارات بسبب الفيضانات

تقارير | بقش

منذ العام الماضي انفجرت في الفلبين فضيحة كبرى تتعلق بمشروعات مكافحة الفيضانات الممولة من الخزانة العامة، بعد شواهد على مشاريع وهمية أو تنفيذ سيء واحتكار عقود من قبل مجموعة محدودة من المقاولين.

اليوم الأحد تجمَّع الآلاف في العاصمة الفلبينية مانيلا، للتعبير عن غضبهم إزاء الفضيحة المتفاقمة، التي يُعتقد أنها كلفت دافعي الضرائب مليارات الدولارات، وتم وضع الجيش في حالة تأهب قصوى في إجراء احترازي. وهناك أكثر من 20 ألف شخص توافدوا إلى مناطق أخرى من مانيلا، فضلاً عن اندلاع احتجاجات في مدن أخرى من البلاد.

تشير تقديرات وزارة المالية الفلبينية التي اطلع عليها بقش، إلى أن الاقتصاد الفلبيني خسر 2 مليار دولار بين عامي 2023 و2025 بسبب الفساد في مشاريع مكافحة الفيضانات، بينما تقول منظمة السلام الأخضر إن الرقم في الواقع أقرب إلى 18 مليار دولار.

وفي تظاهرات اليوم، تناقلت أنباء عن مواجهات واعتقالات، بينما نظّم قادة الكنيسة والمجتمع المدني احتجاجات سلمية ضخمة.

مشاريع “شبحية”

تصاعدت الاحتجاجات جراء ما يسمى بمشاريع البنية التحتية الوهمية منذ أن وضعها الرئيس فرديناند ماركوس في صدارة خطاب ألقاه في يوليو الماضي، أعقب أسابيع من الفيضانات المميتة.

كشفت مراجعات أولية وأحكام رئاسية أن هناك “شبهات” في آلاف مشروعات لمكافحة الفيضانات أُدرجت في سجلات الحكومة كمنفَّذة ومُسدّدة تكاليفها، بينما كانت بعضها “شبحية” أو مُنفَّذة بجودة دون المتوقَّع أو في مواقع خاطئة.

ومع ظهور أدلة على أن الأموال المخصصة لحماية المواطنين سُرِق جزء منها أو أهدر، خرج آلاف المتظاهرين في مانيلا ومدن أخرى يطالبون بمحاسبة المسؤولين والمقاولين.

وتتمثل المشاريع “الشبحية” في إدراج مشاريع في دفاتر المؤسسة أو الدوائر كأنها مكتملة ومدفوعة، بينما لم تُنفذ فعلياً أو نُفذت أشكال رمزية فقط، وكذلك احتكار العقود وتكديس الصفقات لدى عدد محدود من المقاولين، حيث تفيد تقارير اطلع عليها بقش بأن نسبة كبيرة من الإنفاق ذهبت لمجموعة صغيرة من الشركات، بعضها مرتبط بعلاقات سياسية أو مالية مع فاعلين محليين.

كما تم منح مشاريع لشركات صغيرة عبر استئجار تراخيص شركات أكبر، ما أدّى إلى تنفيذ دون مواصفات فنية.

الجهات المتورطة والمخارج القانونية

تُشير التحقيقات البرلمانية والرقابية إلى تورط مسؤولين في دوائر تنفيذ البنية التحتية، برلمانيين محليين طلبوا أو أقرّوا مشروعات داخل دوائرهم، وشركات مقاولات تلقت حصصًا كبيرة من عقود الإنشاءات، وثمة لجنة تحقيق مستقلة رئاسية وفرق من هيئة الرقابة المالية (COA) ونيابة عامة ستعمل على مراجعة الأدلة وإحالة قضايا للادعاء العام.

وأعلنت الرئاسة عن تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في مشروعات البنية التحتية، ووعدت بأن لا أحد سيُعفى من المتابعة، كما أمرت بوقف مشاريع جديدة لمكافحة الفيضانات لحين مراجعة الإجراءات.

وهناك أثر لعمليات الفساد على الناس والبيئة أيضاً، فالأموال التي اختُزلت أو أسيء صرفها كانت ستُستخدم لبناء مصارف وأنفاق وتدعيم ضفاف والحيز الأخضر الذي يخفف من فيضانات متكررة، وإخفاق هذه المشاريع وضع ملايين في مواجهة تهديدات متزايدة من الفيضانات.

وثمة حالات انهيار أو تسرب في مشروعات تم تسليمها إلى المجتمع أدت إلى هجمات مدنية وفقدان ثقة السكان المحليين في قدرة الدولة على الحماية، وهو ما يرجع كخسائر مباشرة وغير مباشرة للاقتصاد المحلي.

ويبلغ عدد المشاريع التي جرت مراجعتها أو أشير إليها حوالي 9,855 مشروعاً في تقرير رئاسي أولي (مشروعات أُعلن أنها ضمن نطاق المراجعة منذ 2022 وحتى 2025).

فضيحة فساد الفيضانات في الفلبين كشفت عن فجوة خطيرة بين حجم الاستثمارات المعلنة في البنية التحتية وبين العائد الفعلي على حياة المواطنين واقتصاد البلاد. فالمليارات التي أُهدرت في مشاريع وهمية أو رديئة التنفيذ لم تكن مجرد خسارة مالية، بل مثلت إهداراً لفرص تنموية حقيقية كان يمكن أن تُوجَّه نحو تعزيز شبكات التصريف، حماية المدن الساحلية، ودعم قطاعات الزراعة والصناعة التي تتضرر بشكل مباشر من الفيضانات الموسمية.

واستمرار هذه الحلقة من الفساد يفاقم كلفة الكوارث الطبيعية على الاقتصاد الفلبيني، حيث يتحول كل فيضان إلى كارثة مزدوجة، من دمار بيئي ومادي من جهة، وتكلفة إضافية لإصلاح ما لم يُنجز أصلاً من مشاريع الحماية من جهة أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش