توترات جديدة ومسكوت عنها في عدن.. عمليات بسط عشوائي على أراضي “جزيرة العمال”

الاقتصاد اليمني | بقش
تشهد جزيرة العمال بمديرية خور مكسر في عدن ظاهرة متنامية من البسط العشوائي على أراضي الدولة العسكرية والسياحية، ومواقع استراتيجية حساسة تمس أمن الدولة، ما أثار غضب السكان والمهتمين، وسط غياب الرقابة الحكومية عن المشهد.
ويتم الاستيلاء غير القانوني على أراض ومرافق عامة، وتحويلها إلى استخدامات خاصة، من خلال إنشاء مبانٍ أو شق طرق أو تجهيز مواقع للبناء الشخصي أو لقصور داخل الجزيرة أو لأغراض استثمارية بدون تراخيص أو حقوق رسمية.
قائد قوات الحزام الأمني بعدن، جلال الربيعي، ورد اسمه في التقارير كأحد المتورّطين في تنفيذ عمليات البسط داخل الجزيرة، وفق اطلاع بقش، حيث يُتهم بأنّه قام باستحداثات خاصة به، وبناء مبانٍ وقصور، واستيلاء على أحواش نادي الطيارين القريبة من المتنفسات العامة.
يرى مراقبون أن استمرار هذا العبث يهدد وجه عدن الحضاري ويقضي على ما تبقى من معالمها السياحية والتاريخية، محذرين من أن السكوت عن هذه الممارسات سيحوّل المدينة إلى ساحة للفوضى العمرانية ويفقدها أهميتها الاستثمارية والسياحية، ويؤكد الأهالي أن ما يحدث في جزيرة العمال ليس مجرد استيلاء على أراضٍ حكومية فحسب، بل هو جريمة منظمة ضد هوية عدن وحق سكانها في بيئة آمنة ومتنفسات عامة، مطالبين بوقف التعديات ومحاسبة المسؤولين عنها قبل فوات الأوان.
الحركة المدنية الحقوقية المستقلة في عدن طالبت النائب العام بالتدخل العاجل والفوري لإيقاف الانتهاكات التي تطال “مواقع استراتيجية حساسة” في جزيرة العمال، مشيرة إلى أن رئيس هيئة الأراضي السابق كان قد أصدر قراراً بما يخص الاستثمار وهو دليل واضح بأن الجهات التي تقوم بالانتهاكات هي جهات نافذة، وفقاً لبلاغ الحركة الذي حصل بقش على نسخة منه.
ويطالب الأهالي ومنتسبو القوات الجوية وسكان الجزيرة بإيقاف البناء غير المرخّص وأعمال التعدي على الأرض، وإيقاف الاستحداثات غير القانونية، كما يتهمون السلطات المحلية والأجهزة الأمنية بالتواطؤ والصمت المريب إزاء عمليات الاستيلاء هذه.
الآثار والتداعيات
المظهر الحضري والبيئي يتأثر سلباً، حيث إن البسط العشوائي على المتنفسات والمرافق ينتقص من القيمة الجمالية والبيئية، ويُقلّل من المساحات التي يستخدمها المواطنون للاسترخاء أو التجول.
وتتضرر المرافق العامة وأراضي الدولة، خاصة عندما يُستولى على أراضٍ تابعة للقوات الجوية، وأي بناء يُحدث على أراضٍ عسكرية أو ذات صلة بالقطاع العام يضعف سلطة القانون ويقلل من الثقة بأن الدولة قادرة على حماية ممتلكاتها.
وفي تعليق لمرصد “بقش”، يقول المحلل الاقتصادي أحمد الحمادي، إن التعديات من أفراد أو جهات نافذة في جزيرة العمال تثير توترات اجتماعية وسياسية، وتشكك في نزاهة بعض المسؤولين، مما يضرّ بالاستقرار المحلي ويزيد من الحساسية تجاه ملفات الأراضي والبسط.
ويشير إلى ضعف تنفيذ القوانين وبطء معالجة القضايا وغياب تفعيل الإجراءات القضائية، وهو ما يجعل من هذه الظاهرة مستمرة ومتفاقمة منذ سنوات، خاصة مع وجود مسؤولين أمنيين أو سياسيين متورطين كما هو متداول، وهو ما يجعل من الصعب اتخاذ إجراءات حاسمة ضدهم.
وما يزيد من تعقيدات الأزمة هو غياب الإجراءات القانونية الفعّالة والمتابعة المستمرة، والافتقار إلى لجان تحقيق نزيهة، ونقص الشفافية في التصرف بالأراضي، وعدم معاقبة من يثبت تورطهم، وفقاً للحمادي، مضيفاً أن من الضروري تشكيل لجنة تحقيق محايدة تضم ممثلي جهات حكومية وأمنية وإعلامية ومجتمعية، للنزول إلى أرض الواقع وتوثيق الأوضاع.