تحويل “كارفور” إلى “هايبر ماكس” في الدول العربية.. هل تنجح خطة الالتفاف على المقاطعة؟

تقارير | بقش
في غضون عامين تحوّلت علامة “كارفور” التجارية من اسم استهلاكي مألوف في العالم العربي إلى محور جدل سياسي وتجاري واقتصادي، إذ شهدت موجة مقاطعة شبّهها محللون بأنها لم تعد مجرد حملة ذات طابع رمزي بل قوة قادرة على تغيير وجود علامة تجارية وتركيبة السوق الإقليمي، خاصة حين تتداخل الأمور التجارية مع حسّاسات سياسية قوية.
وتمتلك مجموعة رجل الأعمال الإماراتي “ماجد الفطيم” حقوق تشغيل علامة كارفور التجارية في أكثر من 30 دولة في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا. ويبدو أن مجموعة الفطيم تتحول بالتدريج من الاعتماد على امتياز كارفور إلى علامة تجارية بديلة هي “هايبر ماكس”، على خلفية المقاطعة الحاصلة للشركات التي تدعم إسرائيل.
إغلاق في أربع دول عربية
الرئيس التنفيذي لشركة ماجد الفطيم للتجزئة، جونثر هيلم، قال اليوم الأربعاء إن المجموعة الإماراتية غيرت تسمية سلسلة متاجر كارفور في البحرين والكويت إلى “هايبر ماكس”، وستقوم بتطبيق التغيير في دول أخرى إذا اقتضت الحاجة.
والهدف المعلن من تبديل العلامة التجارية هو تلبية احتياجات المستهلك المحلي بشكل أفضل، وتعزيز الشراكات مع الموردين المحليين، وزيادة التكيّف مع متغيرات السوق، دون أي ذكر لتأثيرات المقاطعة الشعبية.
وفي المقابل، لم تقدم الشركة تبريرات تفصيلية واضحة لكل سوق على حدة بعد فيما يتعلق بالأداء المالي، الحملة المقاطعة أو الضغوط السياسية.
وكانت الشركة قد استبدلت بالفعل سلسلة “هايبر ماكس” بمتاجر كارفور في سلطنة عُمان والأردن خلال عام 2024 وفق متابعات بقش، وفي سبتمبر الجاري أغلقت متاجرها في البحرين، في 14 سبتمبر، وبعد يوم واحد افتتحت متاجر “هايبر ماكس” بديلاً كاملاً. كما انسحبت من الكويت في 17 سبتمبر، لكنها أبقت على علامة “كارفور” في الإمارات (حيث مقر المجموعة) وفي مصر، وأعلنت خططاً للتوسع أثارت الجدل في الجزائر.
وبسبب المقاطعة الشعبية، أغلقت متاجر “كارفور” خلال أقل من 10 أشهر في أربع دول، هي الأردن وعمان والبحرين والكويت، ودافع هذا التبديل هو الضغط الشعبي وحملات المقاطعة.
وضع حرج لـ”كارفور”
أصبحت “كارفور” هدفاً رئيسياً لحركة المقاطعة (BDS) بعد توقيعها عام 2022 اتفاقية امتياز مع شركتي Electra Consumer Products وYenot Bitan الإسرائيليتين، اللتين تبيعان منتجات تحمل علامة “كارفور” في المستوطنات غير القانونية بالضفة الغربية، وخلال أغسطس الماضي تظاهر الناس في دول أوروبية مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، أمام متاجر “كارفور”، وبداخلها أحياناً، احتجاجاً على تعاونها مع شركات إسرائيلية.
وقد بدأت دعوات مقاطعة “كارفور” التي وصلت لاحقاً إلى نطاق دولي مُنسّق بعد تسريبات وتقارير تفيد بتورّط ذراع للشركة في إسرائيل في دعم فعاليات أو مبادرات اعتبرها ناشطون مناصرة للجيش الإسرائيلي (مثل تقديم سلال غذائية أو حملات جمع تبرعات أو شراكات تجارية مرتبطة بكيانات إسرائيلية)، فحوّلت الحملة مسارها من انتقاد سياسات مؤسسية إلى دعوة واسعة للمقاطعة. حركات مثل BDS وناشطون محليون وإقليميون أطلقوا حملات ضغط احتجاجية أمام متاجر وهاشتاغات على منصّات التواصل.
وفي المنطقة العربية لا تعمل كارفور دائماً بصورة مباشرة تحت لواء الشركة الفرنسية الأم، إذ تعتمد نموذج الامتياز الإقليمي. وما تبقى من كارفور هو في بعض أسواق الخليج الكبرى مثل الإمارات.
وقد لا يشعر المستهلك في الأجل القصير بتغير جوهري في العرض بعد تحول المتاجر إلى علامة جديدة تملك نفس سلاسل التوريد، لكن التغيير يحمل مخاطر على تنوع المنتجات، طالما أن بعض سلاسل التوريد كانت مرتبطة بعلاقات دولية.
والتحوّل قد يعني إعادة تفاوض عقود واشتراطات شراء، وأحياناً فرصة مساومة أفضل لبعض الموردين المحليين. أما بالنسبة للموظفين فعادة ما تحتفظ الشركات الكبرى بالقوى العاملة لضمان الاستمرارية التشغيلية، لكن إعادة التسمية أو الإغلاق الجزئي قد يرافقها فصل جزئي أو إعادة هيكلة، وتُظهر تقارير المالك الإقليمي أن المجموعة حافظت على ربحية ونقد جيد في 2024، ما أعطى هامش تحكّم للتعامل مع التكاليف التشغيلية.
وهناك ضغوط سوقية بسبب أن حملة المقاطعة نجحت في توليد ضغط استهلاكي وسمعة سلبية.
ورغم أن استبدال العلامة الأجنبية قد يخفف من الضغط الشعبي ويدير المخاطر المرتبطة بالسمعة، إلا أن هناك سيناريوهات تُطرح بألا يؤثر الاستبدال، إذ ما حدث أشبه بعملية إحلال من قبل المشغل نفسه. فالتبديل قد يواجه مقاومة من المستخدمين المعتادين، لا سيما إذا لم يشعروا بالفارق في الجودة أو التنوع أو الأسعار.
أي إن المستهلكين قد يشكّون في أن التغيير مجرد “غلاف” لتجنب الانتقادات والمقاطعة دون تغيير جوهري في السياسة أو الممارسات، وإذا لم تشرح الشركة بشكل واضح ما تغيّر، فقد يُنظر إلى HyperMax كتحويل شكلي أكثر منه جوهري.
وكمشروع جديد، يجب أن يثبت “هايبر ماكس” مصداقيته وتجربته، ففي حال ظهور مشاكل في سلسلة التوريد أو أسعار أعلى أو تنوع أقل من كارفور، فإن التوجه الشعبي قد ينقلب ضده.
إضافة إلى ذلك، هناك أثر مالي على المدى القصير، من حيث تكاليف إعادة التسمية، تغيير اللافتات، التسويق، تدريب الموظفين، وإعادة تهيئة سلاسل التوريد، وكلها تكاليف غير بسيطة. وربما خسائر مؤقتة من انخفاض الإقبال أثناء الفترات الانتقالية.