
تقارير | بقش
تعمل الحكومة المصرية على إعداد مشروع قانون لإلغاء نحو 500 رسم مختلف على الشركات واستبدالها برسم موحّد تُحصّله خمس هيئات رئيسية فقط، وهذه الخطوة تستهدف تبسيط الإجراءات وتقليص البيروقراطية، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى بيئة أعمال أكثر جاذبية للمستثمرين المحليين والأجانب.
النتائج الأولية لحصر الرسوم المفروضة على الشركات أظهرت وجود 500 رسم متنوع تبعاً لطبيعة النشاط، وُصفت بأنها “متعددة وعشوائية”، خصوصاً في قطاعي السياحة والصناعة، وغالباً من دون مظلة قانونية واضحة وفق اطلاع بقش.
وكانت هذه الرسوم تُفرض في مراحل مختلفة، بدءاً من تسجيل الشركات وإصدار التراخيص، مروراً بمرحلة التشغيل، وحتى التصاريح الفنية وتجديد الاعتمادات وأعمال الفحص والتفتيش.
ويقول المسؤولون إن الغاية ليست زيادة الإيرادات أو فرض أعباء إضافية على الشركات، بل تبسيط الإجراءات عبر جمع المدفوعات المتعددة في رسم واحد، مما يسهم في تقليص التشتت الإداري وتعزيز الشفافية.
وسيغطي الرسم الموحد ما سبق من التزامات مالية، على أن تُحدد نسبته لاحقاً وربما تختلف باختلاف القطاعات. كما تهدف الحكومة إلى توحيد المعايير المالية بين الهيئات المختلفة، بسبب وجود تباين إداري، ما من شأنه أن يشجع على تحسين بيئة الأعمال عبر تسهيل الامتثال الضريبي وتقليل الاحتكاك المباشر بين المستثمرين والجهاز الحكومي.
منصة “الكيانات الاقتصادية”: التحول الرقمي في الخدمة
في إطار المشروع، تعمل الحكومة على إطلاق منصة إلكترونية جديدة تحمل اسم “الكيانات الاقتصادية” تحت شعار “ترخيص واحد – رسم واحد”، والمتوقع تدشينها خلال عام إلى عامين.
وستسمح المنصة للمستثمرين بسداد الرسوم إلكترونياً دون أي تعامل مباشر مع الموظفين الحكوميين حسب قراءة بقش، وبموجب النظام الجديد ستتولى خمس هيئات حكومية فقط تحصيل الرسم وتوزيعه على باقي الجهات: هيئة الاستثمار، وهيئة التنمية السياحية، وهيئة التنمية الصناعية، ومرفق الاتصالات، وهيئة المجتمعات العمرانية.
وكان وزير الاستثمار المصري حسن الخطيب أشار في وقت سابق من سبتمبر الجاري إلى أن هذه الآلية ستضمن انسيابية في المعاملات وتقليل فرص الفساد أو التلاعب.
وتتسق هذه الخطوة مع توجيهات الرئاسة في أبريل الماضي، فقد دعت الرئاسة إلى استبدال الرسوم المتعددة بضريبة إضافية موحدة تُحتسب كنسبة من صافي الربح.
وتفرض مصر حالياً ضريبة دخل على أرباح الشركات بنسبة 22.5%، إلى جانب ضريبة المساهمة التكافلية (0.26% من الإيرادات السنوية) المخصصة لتمويل قانون التأمين الصحي الشامل حسب المعلومات التي طالعها بقش، وتريد الحكومة أيضاً زيادة حصيلة الضرائب على السلع والخدمات بنسبة 34.4% على أساس سنوي لتبلغ 1.103 تريليون جنيه خلال السنة المالية 2025–2026، وهو ما يُعزى بالأساس إلى توقع ارتفاع كبير في إيرادات ضريبة القيمة المضافة بنسبة 50.2% على السلع المحلية والمستوردة.
محاولة للخروج من عبء الديمقراطية
التحرك المصري يحمل في جوهره محاولة للخروج من عبء البيروقراطية الموروثة، التي لطالما اعتُبرت عائقاً أمام الاستثمار والإنتاج، فالتعددية المفرطة للرسوم لم تكن فقط تُبطئ دورة الأعمال، بل كانت تزيد تكاليف الامتثال وتفتح الباب أمام غموض قانوني وممارسات غير شفافة.
ويمثل التحول إلى رسم موحد ومنصة رقمية مركزية انتقالاً من إدارة مالية مجزأة إلى نظام مؤسسي متكامل، حيث تُوزع الحصيلة وفق قواعد شفافة بين الجهات المختلفة، غير أن التحدي يكمن في تحديد نسبة الرسم الجديد بشكل عادل يحقق التوازن بين مصالح الدولة في تحصيل الإيرادات وبين عدم إرهاق الشركات بأعباء إضافية.
وفي حال نجاح المشروع فإن النتائج المتوقعة تشمل تحسين بيئة الاستثمار وجعلها أكثر تنافسية إقليمياً، وتعزيز الشفافية والحد من الفساد عبر إلغاء التعاملات المباشرة، وخفض التكاليف الإدارية للشركات والهيئات الحكومية على حد سواء، وزيادة الثقة بين القطاع الخاص والدولة، بما يشجع على ضخ المزيد من الاستثمارات.