الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

باستخدام قانون “جيفتا” المتناقض.. ترامب يحجب الرواتب عن الموظفين الفيدراليين

الاقتصاد العالمي | بقش

في سياق الإغلاقات الحكومية في الولايات المتحدة الأمريكية، تلوّح إدارة ترامب بعدم صرف الرواتب للموظفين الفيدراليين، فعند فشل الحكومة الأمريكية في إقرار ميزانية يصبح عدم صرف الرواتب نقطة خلاف قانونية وسياسية كبيرة، ويؤثر بشدة وبشكل مباشر على ملايين الموظفين وأسرهم، فضلاً عن تداعياته الاقتصادية والاجتماعية.

ويدرس ترامب عدم صرف الرواتب المتأخرة للموظفين الفيدراليين في حال استمرار الإغلاق الحكومي، استناداً إلى تفسير جديد لقانون “المعاملة العادلة لموظفي الحكومة”، المعروف بـ”GEFTA”، الذي يمنح الكونجرس حق تخصيص الأموال، وفق اطلاع بقش على وكالة بلومبيرغ.

هذا القرار يثير جدلاً في الكونجرس، فالديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء يدعمون صرف الرواتب في وضع الإغلاق الحكومي، لكن البيت الأبيض يضغط بهذا التهديد على الديمقراطيين.

صحيفة “واشنطن بوست” كشفت عن مسودة مذكرة جديدة صادرة عن مكتب الإدارة والموازنة في إدارة ترامب، تفيد بأن الموظفين الفيدراليين الموقوفين عن العمل، بسبب الإغلاق الحكومي، لن يحصلوا تلقائياً على رواتبهم المتأخرة بعد استئناف عمل الحكومة.

وقال المستشار العام للمكتب، مارك باوليتا، إن القانون الذي أقره الكونجرس ووقّعه ترامب عام 2019، المعروف باسم “قانون المعاملة العادلة لموظفي الحكومة” (GEFTA)، لا يضمن دفع الأجور بعد الإغلاق تلقائياً، وإنما يمنح الكونجرس الحق في إقرار هذه المدفوعات بشرط تخصيص أموال إضافية لتعويض الموظفين.

ما الذي ينص عليه قانون جيفتا؟

في عام 2019، أقرّ الكونغرس قانون جيفتا الذي ينص على أنه عندما يحدث شلل أو توقف في الاعتمادات، ينبغي أن يُدفع للموظفين المتأثرين (سواء الذين تم إيقافهم مؤقتاً، أو الذين استُدعوا للعمل دون أجر) رواتب بأثر رجعي، بمجرد عودة التمويل، وبأسرع وقت ممكن بعد انتهاء الإغلاق.

ويتضمن القانون أن الموظفين الذين يُطلب منهم العمل في ظل الإغلاق (لأن مهامهم تُعتبر ضرورية أو استثنائية) لديهم الحق أيضاً في التعويض عن ساعات العمل المقررة في تلك الفترة.

بمعنى أن القانون يهدف إلى حماية الموظفين الفيدراليين من فقدان الأجور بسبب الأزمات السياسية أو الميزانيات المتعثرة.

أما في الأزمة الحالية التي تزامنت مع إغلاق الحكومة في أكتوبر 2025، ظهرت تناقضات في تفسير هذا القانون، فقد أصدرت إدارة الميزانية مذكّرة داخلية تقول إنه ليس من الكافي أن ينص القانون على حق الأجر بأثر رجعي، بل يجب أن تُدرَج مخصصات واضحة في تشريع التمويل النهائي لتغطية هذه الرواتب، وإلا يُحرم الموظفون من صرفها.

المذكرة تشير إلى أن العبارة الواردة في القانون: “تتوقف على سَن تشريعات الاعتمادات التي تنهي الشلل” تُستخدم لتبرير أن صرف الرواتب ليس التزاماً تلقائياً، بل مرتبط بإجراء تشريعي لاحق.

بعض الخبراء القانونيين حسب اطلاع بقش يشككون في هذا التفسير الحكومي، ويعتبرونه ضيّقاً جداً في قراءة النصوص، خصوصاً أن الممارسة التاريخية والمراجعات التشريعية السابقة أعطت تأويلاً بأن الرواتب يجب أن تُصرف بأي حال بعد انتهاء الإغلاق.

وتشير بعض المراجعات إلى أن مكتب الميزانية حذف في مواقفه الأخيرة أي إشارة إلى أن القانون يضمن الرواتب المتأخرة، مما أثار جدلاً بين الجهات الفيدرالية وممثلي الموظفين.

ورفضت منظمات نقابية مثل الاتحاد الفيدرالي لموظفي الحكومة (AFGE) بشدة المحاولة المعلنة لحرمان الموظفين من الرواتب المتأخرة، ووصفت الأمر بأنه تفسير خاطئ للقانون، ومحاولة لاستخدام الموظفين كرهائن في المفاوضات السياسية.

الموظفون المتأثرون

يُقدّر أن نحو 750 ألفاً إلى 900 ألف موظف فيدرالي قد يتأثرون بالإغلاق في 2025، إما بالتجميد أو بالعمل بدون أجر مؤقتاً، ويُطلب من بعض الموظفين الاستمرار في العمل لأن مهامهم تُعتبر ضرورية، مثل مراقبة الحركة الجوية، والأمن في المطارات، وبعض الخدمات الأساسية، رغم أن التمويل معطل.

ويتمثل التأثير على الموظفين في توقف الدخل والضغط المالي، إذ قد يجد هؤلاء أنفسهم غير قادرين على دفع الفواتير أو النفقات الشهرية.

وقد يلجأ بعض الموظفين أو النقابات إلى المحاكم أو جهات مراجعة حقوق الموظفين للطعن في أي قرار بعدم الدفع، كما أنه في حال فُرض عدم صرف الرواتب لبعض الفئات، فقد يتراجع شعور الأمان الوظيفي والتزام الموظفين بالخدمة العامة.

وتشير مراجعات بقش إلى أنه في الإغلاقات السابقة غالباً ما كان يتم صرف الرواتب المتأخرة بعد انتهائها، حتى لو تأخر ذلك بعض الوقت، كإجراء متفق عليه سياسياً.

وكان الإغلاق الكبير في 2018 – 2019 من بين الدوافع التي أدّت إلى إقرار قانون GEFTA لضمان أن لا يظل الموظفون بلا أجر في مثل هذه الحالات.

وفي بعض الإغلاقات الأقدم، كانت الرواتب تُصرف بانتظار تشريع لاحق من الكونغرس لتغطية “الأيام الضائعة”، أما في الأزمة الحالية، فتحاول إدارة ترامب تغيير هذا التقليد من خلال تفسير ضيق للقانون، ما يجعل هذه الحالة نقطة مفصلية في العلاقة بين الموظفين الفيدراليين والدولة.

وأمام احتمالية تصعيد الموقف نقابياً، قد يجد الكونجرس أنه أخطأ عند سن تشريع التمويل النهائي، لأنه لم يضمّن بنداً واضحاً وصريحاً لصرف الرواتب المتأخرة لجميع الموظفين المتأثرين، ليزيل أي لبس قانوني أو تأويل مضاد.

وقد ترفع النقابات ومنظمات الموظفين دعاوى قضائية إذا لم تُصرف الرواتب بأثر رجعي، وهو ما يتطلب من إدارة ترامب التعامل بحذر مع محاولات حرمان الموظفين من حقوقهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش