الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

بدء صرف الرواتب المتأخرة.. حكومة عدن أمام اختبار للإصلاحات

الاقتصاد اليمني | بقش

أعلنت حكومة عدن عن بدء صرف الرواتب المتأخرة لموظفي الدولة في القطاعين المدني والعسكري، وفق خطة مالية وإدارية يجري تنفيذها بإشراف من رئيس الوزراء، وبالتنسيق بين وزارة المالية وبنك عدن المركزي والجهات ذات العلاقة والقطاع المصرفي.

وحسب اطلاع “بقش” على ما نشرته وكالة سبأ التابعة لحكومة عدن، فإن صرف التعزيزات المالية للرواتب يبدأ من اليوم الخميس، دون تحديد الشهر أو الأشهر التي سيتم صرفها، في الوقت الذي بلغت فيه الرواتب المتأخرة أربعة أشهر.

وتعمل حكومة عدن حالياً، وفق إعلانها، بالتنسيق مع بنك عدن المركزي، على خطة متكاملة لضمان انتظام صرف الرواتب شهرياً، وتصفية كافة الأشهر المتأخرة تدريجياً، بالتوازي مع “إصلاحات مالية وهيكلية تهدف إلى تحقيق الاستدامة في تمويل المرتبات وتحسين أوضاع العاملين في الدولة” حسب الوكالة.

ونقلت عن مصدر حكومي قوله إن حكومة عدن تولي قضية صرف الرواتب أولوية مطلقة، وإنها تدرك معاناة تأخر صرف الرواتب وما يترتب عليه من آثار معيشية واقتصادية صعبة، مشيراً الى أن عملية الصرف واجهت تحديات خلال الفترة الماضية، وتعمل الحكومة على تجاوزها من خلال توسيع قاعدة الإيرادات وتعزيز الانضباط المالي، وترشيد النفقات وضمان الشفافية في إدارة الموارد العامة.

أول اختبار للحكومة

وصف اقتصاديون إعلان الحكومة عن صرف رواتب القطاعين المدني والعسكري بأنه أول اختبار حقيقي لإصلاحات بنك عدن المركزي في الجانب النقدي وضبط استقرار السوق.

المحلل الاقتصادي وفيق صالح نشر أن النظام النقدي سيكتسب مناعة قوية ضد أي صدمات مستقبلية في سوق الصرف، في حال حافظت العملة الوطنية على مكاسبها الحالية، دون حدوث أي اهتزاز في قيمتها بعد ضخ البنك المركزي إلى السوق رواتب الأشهر المتأخرة، معتبراً أن ذلك أيضاً يعزز من نجاح إصلاحات البنك المركزي النقدية، أمام أي اختلالات عكسية محتملة.

وبدوره يرى الخبير الاقتصادي أحمد الحمادي، في تعليق لـ”بقش”، أن هذا القرار يمثل اختباراً للمصداقية والقدرة لدى حكومة عدن، إذ إن إعلان الصرف لا يقتصر على كونه إجراء مالياً فحسب، بل قياساً لمدى جدية الحكومة في المضي بخطوات عملية نحو الإصلاح الاقتصادي والإداري.

فخلال الأشهر الماضية واجه المواطنون ضغوطاً بسبب تأخر الرواتب وارتفاع تكاليف المعيشة، بالتوازي مع عدم قدرة الحكومة على ضبط مواردها العامة وإلزام الجهات الحكومية بتوريد الإيرادات إلى البنك المركزي، مما أحدث فجوة فاقمت من معضلة الرواتب.

ويَعتبر الحمادي أن ما سيحدد مصداقية الحكومة ليس الإعلان بحد ذاته، بل مدى انتظام صرف المرتبات لاحقاً دون انقطاع، في ظل غياب ميزانية واضحة ومعلنة، مشيراً إلى أن الثقة مفقودة بين المواطن والدولة، وأن “هذه لحظة مهمة تكشف ما إذا كانت الحكومة تمتلك فعلاً خطة إصلاح مالي حقيقية، أم أن الأمر لا يتجاوز محاولة امتصاص الغضب الشعبي مؤقتاً”.

وفي الشارع اليمني يُنظر إلى هذا الإعلان بقدر من التفاؤل الذي لا يخلو من الحذر، فالموظفون الذين لم يتسلّموا مستحقاتهم منذ أشهر يعتبرون أي خطوة نحو الصرف بارقة أمل، لكنها مشروطة بالاستمرار وفق متابعات بقش، فيما تشير توقعات إلى أن نجاح الحكومة في الالتزام بالصرف المنتظم قد ينعكس إيجاباً على مستوى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في عدن والمحافظات المجاورة، كما يتطلب تعديلات ترفع من المستحقات متدنية القيمة لمواكبة الغلاء المعيشي وارتفاع أسعار المواد الغذائية والأساسية والإيجارات والخدمات.

استحقاقات قادمة

لا يزال الطريق طويلاً أمام حكومة عدن لإقناع المواطنين بأنها قادرة على انتشال الاقتصاد من أزمته، إذ يتطلب الإصلاح المالي إعادة تفعيل المؤسسات الإيرادية وضبط الإنفاق العام ومكافحة الفساد في الأجهزة الإدارية والمالية، إضافة إلى وضع سياسة نقدية متماسكة تحد من تدهور سعر العملة المحلية.

ولا يمثّل صرف الرواتب سوى الخطوة الأولى في سلسلة طويلة من الإجراءات المطلوبة لبناء الثقة وإعادة الانتظام المالي، فأي إخفاق في مواصلة هذه الخطوة قد يُفقد الحكومة ما تبقى من المصداقية أمام المواطنين والداعمين الدوليين.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش