تفاصيل خطيرة حول مهبط طائرات جديد في جزيرة “زقر”.. أحدث تحركات الإمارات في الجزر اليمنية

تقارير | بقش
تكشف صور الأقمار الصناعية حديثة عن إنشاء مهبط طائرات جديد على جزيرة “زقر” اليمنية البركانية في البحر الأحمر، ويُرجَّح أنه أحدث مشروع يتم تنفيذه بدعم وتخطيط من الإمارات.
ويثير هذا التطور تساؤلات حول الأهداف العسكرية والسياسية وراء هذا المشروع، ويأتي ذلك في ظل تصاعد التوترات في الممرات البحرية الحيوية بالبحر الأحمر ومضيق باب المندب.
تفاصيل المشروع
جزيرة زقر تقع على بعد قرابة 90 كيلومتراً جنوب شرق مدينة الحديدة، وهي جزيرة بركانية صغيرة لكنها ذات موقع استراتيجي بالغ الأهمية، كونها تقع بين ميناء المخا وباب المندب، وتشرف على خطوط الملاحة بين المحيط الهندي والبحر المتوسط.
صور الأقمار الصناعية الصادرة عن شركة “بلانيت لابز”، التي حللتها وكالة أسوشييتد برس وفق اطلاع “بقش”، تُظهر أن العمل في مهبط الطائرات الجديد بدأ في أبريل 2025، ببناء رصيف بحري ثم تسوية الأرض بطول يبلغ نحو 2000 متر، قبل أن يُغطّى بالأسفلت في أغسطس، وتشير آخر الصور -في أكتوبر الجاري- إلى استمرار الأعمال ووضع علامات المدرج، ما يدل على اقتراب المشروع من الاكتمال.
ولم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عن المشروع، لكن تتبُّع حركة السفن كشف مؤشرات على تورط إماراتي غير مباشر.
فقد رُصدت ناقلة بضائع تُدعى “باتسا”، ترفع علم توغو ومملوكة لشركة مقرها دبي، وهي تفرغ حمولتها في الرصيف الجديد بالجزيرة بعد قدومها من ميناء بربرة في أرض الصومال، حيث تعمل موانئ دبي العالمية حسب قراءة بقش. كما أكدت شركة سيف للشحن والخدمات البحرية في دبي أنها تلقت طلباً لتوصيل شحنات أسفلت إلى الجزيرة نيابةً عن شركات إماراتية أخرى.
ويتوافق هذا النمط مع مشاريع سابقة نُسبت إلى الإمارات في اليمن وجزرها وموانئها، مثل مدارج في ذُباب والمخا على الساحل الغربي، ومهبط في جزيرة ميون في مضيق باب المندب، ومدرج آخر في جزيرة عبد الكوري قرب مدخل خليج عدن.
وتُظهر جميعها استراتيجية إماراتية طويلة الأمد للتموضع العسكري والسيطرة على طرق الملاحة في جنوب البحر الأحمر.
تعزيز المراقبة الجوية والبحرية
تذكر صحيفة إندبندنت البريطانية أن الهدف المباشر من بناء مهبط في جزيرة زقر هو تعزيز المراقبة الجوية والبحرية على خطوط الملاحة قبالة الحديدة.
وتشير المحللة الإيطالية إليونورا أرديماني، إلى أن هذا المشروع جزء من “محاولة لتطويق الحوثيين ومنعهم من استخدام البحر الأحمر في عمليات التهريب”، لكنها لا تستبعد أن يكون مقدمة لتحرك عسكري مستقبلي، ولو أن ذلك غير وشيك حالياً.
وفي المقابل، يربط محللون يمنيون التطور بتزايد الدور الإماراتي المنفصل عن التحالف السعودي، إذ تسعى أبوظبي إلى تأسيس بنية عسكرية مستقلة عبر “المجلس الانتقالي الجنوبي” وقوات طارق صالح، الذي يتخذ من المخا وقواعد الجزر القريبة مركزاً لعملياته.
وتاريخياً، كانت جزيرة زقر بؤرة نزاع منذ عقود، فقد استولت عليها “إريتريا” عام 1995 قبل أن تعيدها محكمة التحكيم الدولية إلى اليمن عام 1998.
وبعد اندلاع الأزمة اليمنية عام 2014، سيطر الحوثيون عليها مؤقتاً، ثم في 2015 أصبحت قاعدة بحرية لقوات طارق صالح المدعومة من الإمارات.
ومنذ ذلك الحين، تحولت الجزيرة إلى موقع متقدم في مواجهة قوات صنعاء الذين نقلوا معركتهم إلى المياه الدولية عبر أكثر من 100 هجوم على سفن تجارية مرتبطة بإسرائيل، تم إغراق أربع سفن منها حسب متابعة بقش للأحداث.
مسعى لإعادة تشكيل خارطة البحر الأحمر
إنشاء مهبط طائرات في جزيرة زقر ليس معزولاً عن إعادة توزيع النفوذ في البحر الأحمر، فالممر البحري أصبح نقطة التقاء مصالح إقليمية ودولية، فالإمارات تسعى إلى ترسيخ وجود دائم في الجزر اليمنية ضمن رؤيتها لـ”أمن الموانئ”، بينما تركز السعودية على حماية خطوط تصديرها عبر البحر الأحمر، لكنها تبدو أقل انخراطاً ميدانياً، في حين ترقب الولايات المتحدة وإسرائيل التحركات عن كثب خشية توسع ما يصفانه بالنفوذ الإيراني.
ويُنظر إلى ظهور مهبط طائرات جديد في الجزيرة اليمنية باعتباره ليس مجرد مشروع هندسي بل إشارة استراتيجية إلى مرحلة جديدة من عسكرة البحر الأحمر، إذ يمنح القوة التي تديره قدرةً على رصد حركة السفن والطيران والسيطرة على الممر البحري بين قناة السويس وخليج عدن، كما يمثل خطوة إضافية في سباق النفوذ بين القوى الإقليمية في ظل غياب تسوية شاملة للحرب اليمنية.
وفي غضون ذلك، ربما يشكل المهبط مقدمة لهجوم ضد حكومة صنعاء، وفقاً للتحليلات، بينما تذهب تحليلات أخرى إلى أنه جزء من ترتيبات إقليمية أوسع لإعادة رسم خارطة السيطرة في البحر الأحمر.