منوعات
أخر الأخبار

“لا للملوك” في 50 ولاية.. أكبر مظاهرات في أمريكا منذ السبعينيات تخرج ضد ترامب مع استمرار الإغلاق الحكومي

منوعات | بقش

كأن الولايات المتحدة الأمريكية بداخل فيلم هزلي طويل عنوانه “الديمقراطية تحت البث المباشر”.

فبعد ثلاثة أسابيع من إغلاق الحكومة (من 01 أكتوبر الجاري) وارتفاع منسوب الغضب الشعبي، نزل ملايين الأمريكيين إلى الشوارع هاتفين: “لا للملوك”، في إشارة لرفض ما يعتبرونه نزعة استبدادية متنامية لدى الرئيس دونالد ترامب.

لكن ترامب، الذي لا يترك حدثاً دون استعراض، قرر الرد بطريقته الخاصة: فيديوهات ساخرة من إنتاج الذكاء الاصطناعي تُظهره متوجاً بتاج، محلقاً في مقاتلة، وممسكاً بسيفٍ ذهبي، بينما تُعزف موسيقى مَلَكية في الخلفية.

ردّ رئاسي غير تقليدي على مظاهرات غير مسبوقة، في مشهد يختصر روح المرحلة الأمريكية الجديدة: السياسة تتحول إلى عرض ترفيهي كبير، والمواطنة إلى تفاعل على المنصات.

الاحتجاجات الأكبر منذ 55 سنة

الاحتجاجات التي عمّت الولايات الخمسين، والتي تابعها مرصد “بقش”، شارك فيها أكثر من سبعة ملايين متظاهر، لتصبح من أكبر التحركات المدنية منذ “يوم الأرض” عام 1970.

تحت لافتات تحمل تاجاً مشطوباً، خرج الأمريكيون من نيويورك إلى سان فرانسيسكو، مروراً بشيكاغو وبورتلاند، احتجاجاً على سياسات الهجرة، وتوسع السلطة التنفيذية، و”نغمة التفوق” التي يرددها ترامب في خطاباته.

ورغم ضخامة الحشود، ساد الطابع السلمي؛ إذ أعلنت شرطة نيويورك أن أكثر من 100 ألف شخص شاركوا دون وقوع أي اعتقالات. حتى خارج البلاد، امتدت العدوى السياسية، إذ شهدت مدن أوروبية وأسترالية تظاهرات تضامنية حملت الشعار نفسه.

البيت الأبيض يسخر بالفيديوهات

بدلاً من الرد السياسي، اختار البيت الأبيض الرد الفني. ففي سلسلة من المقاطع المنتجة بالذكاء الاصطناعي، ظهر ترامب ببدلة ملكية وتاج يلمع كذهب تويتر، يلوّح بيده من مقاتلة حربية كتب عليها “الملك ترامب”.

وفي فيديو آخر، تنحني له نانسي بيلوسي بينما تتعالى موسيقى “تحية للملك”، وكأن هوليوود قررت إنتاج دعاية ملكية بميزانية فيدرالية.

البيت الأبيض نشر بدوره صورة معدلة يظهر فيها ترامب ونائبه جي دي فانس بتاجين ذهبيين، في مقابل زعيمي المعارضة الديمقراطية تشاك شومر وحكيم جيفريز يرتديان قبعات مكسيكية، مع تعليق لاذع: “نحن مختلفون”. ولم يتضح ما إذا كان “الاختلاف” المقصود في الفكر أم في الإخراج.

وبلغ الانقسام السياسي الحاد في واشنطن ذروته مجدداً. إذ وصف رئيس مجلس النواب مايك جونسون (جمهوري) الاحتجاجات بأنها “مظاهرات كراهية لأمريكا”، قائلاً إن شعارات مثل “لا للملوك” تنمّ عن عداء وازدراء للبلاد.

لكن الديمقراطيين ردوا بأن ما يجري ليس كراهية لأمريكا بل “رفض للاستبداد” و”حبّ مفرط للدستور”، وخوف من أن يتحوّل البيت الأبيض إلى قصر ملكي من نوع جديد.

ووقف السيناتور بيرني ساندرز (ديمقراطي) أمام حشد واشنطن قائلاً: “نحن هنا لأننا نحب أمريكا، لكننا نرفض أن يحكمنا ملك”.

أما السيناتور الديمقراطي كريس مورفي، فاعتبر أن “المشاركة الواسعة تمنح الأمل لمن كانوا على الحياد بأن الديمقراطية لا تزال قادرة على التنفس”.

الاحتجاج كأداء سياسي

يصف منظمو حملة “لا للملوك” المظاهرات بأنها رد جماعي على حملة ترامب ضد الحقوق المكفولة بالتعديل الأول، من حرية التعبير إلى حرية الصحافة.

يؤكد عزرا ليفين، أحد أبرز المنظمين، أن ما يفعله ترامب هو “تحويل السلطة إلى عرضٍ شخصي”، وأن المظاهرات تهدف إلى استعادة فكرة أن الدولة ليست مرآة لزعيمها.

اللافت أن الحراك المدني ضد ترامب بات يشبه أسلوبه في الظهور: تنظيم عالي الكفاءة، شعارات حادة، وانتشار واسع على الإنترنت. وكأن أمريكا نفسها دخلت مرحلة “سياسة المنصات”، حيث الشارع وإكس جزآن من المسرح ذاته.

في النهاية، لا يبدو أن ترامب يخاف من التاج، بل يستمتع به. فالرئيس الذي اعتاد مواجهة خصومه بالسخرية والإبهار، وجد في الذكاء الاصطناعي أداة جديدة لنسف الجدية السياسية، وتحويل السجال إلى عرضٍ ساخر يخلط بين الواقع والخيال.

لكن خلف الضحك، تكمن أسئلة جادة: هل ما يحدث مجرد حملة علاقات عامة، أم انعكاس لتحولٍ أعمق في العلاقة بين الحاكم والجمهور في أمريكا؟

الجواب لا يزال في الشوارع، حيث يهتف ملايين الأمريكيين: “لا للملوك”، بينما يضحك الملك المفترض من شاشة هاتفه، محاطاً بفريق مونتاج يكتب تاريخاً جديداً… بالذكاء الاصطناعي.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش