الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

أزمة الحاويات في ميناء عدن.. غرامات باهظة تضيق الخناق على التجار والمواطنين

الاقتصاد اليمني | بقش

أزمة متفاقمة يعيشها التجار في ميناء عدن بسبب تكدس الحاويات وفرض غرامات مالية باهظة على التجار، في وضع صعب للغاية بات يضيّق الخناق على شركات الشحن والمستوردين، وينعكس في النهاية على المواطن اليمني الذي يتحمل التكلفة النهائية لما يوصف بالفوضى الإدارية والمالية.

وأثار ناشطون قضية احتجاز الحاويات في ميناء عدن منذ أكثر من شهر، في حين أن فترة السماح المعتادة التي يحصل عليها التجار لا تتجاوز 14 يوماً دون غرامات.

وحسب المصرفي اليمني علي أحمد التويتي، فإن شركة LEGEND INTERNATIONAL SHIPPING LTD، وهي شركة شحن أجنبية تعمل في الميناء، تفرض غرامات مرتفعة جداً مقارنة ببقية الشركات.

فبعد انتهاء فترة السماح دون غرامات (14 يوماً)، تحتسب الشركة غرامة بمقدار 150 دولاراً يومياً عن كل حاوية خلال الأيام الستة الأولى، ثم 300 دولار يومياً بعد اليوم السادس، وميناء عدن نفسه يأخذ 60 دولاراً على الحاوية غرامة يومياً.

بينما تتراوح غرامات بقية شركات الشحن الأخرى بعد فترة السماح بين 75 دولاراً في الأيام الستة الأولى و120 دولاراً في الأيام التالية.

ووفق اطلاع مرصد “بقش” على ما نشره التويتي على فيسبوك، فإن “التجار لا يعرفون ما يفعلون، فبضائعهم محجوزة ولا يستطيعون إخراجها، بينما الغرامات تتراكم يوماً بعد يوم”، مؤكداً أن الميناء مكتظ بالحاويات إلى درجة أن السفن الراسية قبالة الشاطئ لا تستطيع تفريغ حمولتها بسبب التكدس.

واعتبر أن جميع هذه الغرامات ستنعكس على أسعار السلع في السوق المحلي، محملاً السلطات مسؤولية ما يحدث، وأكد أن الذي يدفع الثمن في النهاية هو المواطن.

وتابع مستنكراً: “ما فيش لا رحمة ولا شفقة، كلٌّ يحدد سكينه ويسلخ كأننا نعاج في حظيرة”، معتبراً أن الوضع أصبح لا يُحتمل وأن البلاد “لم تعد صالحة للعيش” على حد وصفه.

تعديل غرامات الشركة

في منشور لاحق، أوضح التويتي أن وكيل شركة LEGEND INTERNATIONAL SHIPPING LTD في اليمن، حسين البكاري، تواصل معه لتوضيح الموقف، مشيراً إلى أن البكاري مجرد وكيل محلي وأن الشركة الأم الأجنبية هي من تحدد قيم الغرامات وليس الوكيل.

وأشار التويتي إلى أن الشركة استجابت للمناشدات وقامت بتخفيض الغرامات، بحيث أصبحت بعد التعديل: بعد انتهاء فترة السماح (14 يوماً): 120 دولاراً يوميًا للحاوية خلال الأيام الستة الأولى (بدلاً من 150)، ومن اليوم السابع فصاعداً أصبحت الغرامة 150 دولاراً يومياً للحاوية (بدلاً من 300).

ووصف التويتي جوهر المشكلة بأنه لا يكمن في الشركات بل في أداء الحكومة، التي “تسببت بالأزمة ثم وقفت تتفرج على عدّاد الغرامات وهو يصعد دون الشعور بأدنى مسؤولية تجاه المواطن” حسب قوله.

وطالب السلطات بإيجاد حلول فورية، مقترحاً أن تقوم الحكومة بـ”أخذ ضمانات من التجار لإكمال الإجراءات لاحقاً، مقابل الإفراج عن الحاويات لتجنب تلف البضائع وتضاعف الغرامات”.

وفي سياق أوسع، أشار التويتي إلى أن المواطن اليمني يعيش بين مطرقة وسندان سلطتين، في عدن وصنعاء، حيث يدفع الرسوم والضرائب والجبايات مرتين، وقال إن الوضع المالي أصبح مرهقاً إلى درجة أن التجار والمواطنين في مناطق حكومة صنعاء “يدفعون 100% من الرسوم في عدن و100% أخرى في ذمار”، مضيفاً أنه “قبل فتح ميناء الحديدة كانت النسبة تقريباً 70% في عدن و30% في عفار لحكومة صنعاء، والعكس بالعكس”.

وهذا الوضع، حسب منشوره، يُنذر بكارثة اقتصادية إذا لم يتم إصلاح الخلل، ورأى أن مدخرات الناس ستنتهي وستحدث مجاعة شبيهة بمجاعة الصين في الستينيات.

إدارة ميناء عدن: الغرامات ليست من الميناء

في تطور لاحق، أصدر محمد حيدرة أحمد، المستشار والسكرتير الخاص لرئيس مجلس إدارة ميناء عدن، توضيحاً رداً على ما أورده التويتي، وقال إن ميناء عدن لا يفرض أي غرامات خارج ما هو معتمد في لوائح رسوم الخزن الرسمية، وأن الرسوم المينائية “رمزية وتُطبق فقط بعد انتهاء المدة المجانية المحددة لتخزين الحاويات واستخدام المعدات داخل ساحات الميناء”.

وحسب قراءة بقش منشور حيدرة، فإن الغرامات التي أشار إليها التويتي ليست غرامات من الميناء، بل هي غرامات احتجاز تفرضها شركات الملاحة الأجنبية المالكة للحاويات، ويتم احتسابها عندما تتأخر الحاويات في الخروج بعد انتهاء فترة السماح البالغة 14 يوماً، مضيفاً أن الغرامات تختلف من شركة لأخرى حسب سياستها التشغيلية واتفاقياتها الدولية، وأن الميناء ليس له علاقة بتأخير أو تكدس الحاويات، لأن دوره يقتصر على توفير المساحات والمرافق اللازمة للتخزين والمناولة فقط.

ويتم الإفراج عن الحاويات، وفقاً لحيدرة، من قِبل الشركات الملاحية مباشرة بعد استكمال جميع الإجراءات المطلوبة من قِبل المستورد أو الوكيل الملاحي، وأي تأخير في الإفراج يعود إلى إجراءات الجهات الأخرى ذات العلاقة أو إلى المستورد نفسه.

وتطرّق إلى الإجراءات المتبعة لإخراج الحاويات من الميناء، وتشمل استلام إشعار الوصول، والتوجه إلى الوكيل الملاحي وتقديم مستندات الشحنة (بوليصة، فواتير، وغيرها)، وسداد رسوم الشحن واستلام إذن التسليم من الشركة، وتسليم إذن التسليم لإدارة الميناء (إفراج الحاوية)، وسداد رسوم المناولة والتخزين، وتنسيق موعد إخراج الحاوية وتحميلها ومغادرتها، ثم التوجه بعد ذلك إلى ساحة الجمارك.

وذكر في نهاية تصريحه أن إدارة الميناء حريصة على تسهيل حركة السفن والبضائع وتقليل الأعباء على التجار والمواطنين، وأن هدفها هو “خدمة الوطن والمواطن وحماية النشاط التجاري في ميناء عدن”.

غياب التنسيق يهدد النشاط التجاري

وتُظهر القضية أبعاداً متعددة لأزمة ميناء عدن، التي تتجاوز مسألة الغرامات لتصل إلى اختلال في التنسيق بين الجهات الحكومية وشركات الشحن، وتفاقم الأعباء على المستوردين والمواطنين مع غياب المعالجات السريعة.

فمن جهة، تشكو الشركات والتجار من احتجاز الحاويات وتضاعف الغرامات، ومن جهة أخرى، تؤكد إدارة الميناء على محدودية مسؤوليتها وأن التأخير ناجم عن تعقيدات إدارية وإجراءات حكومية بطيئة.

ومع استمرار الأزمة وتكدس الحاويات وارتفاع تكاليف الشحن والتخزين، يبدو أن الوضع في ميناء عدن يتجه نحو مزيد من التعقيد، في ظل بيئة اقتصادية منهكة، وتعدد السلطات والجبايات، وغياب رؤية حكومية موحدة لإدارة النشاط التجاري في الميناء الذي يُعد أحد أهم الموانئ اليمنية.

ومع أن شركات شحن، مثل LEGEND INTERNATIONAL، بدأت بتعديل غراماتها استجابةً للضغوط، إلا أن جوهر الأزمة لا يزال قائماً، ويتمثل في غياب التنسيق وتعطل سلاسل الإمداد، وافتقاد الشفافية في إدارة الميناء، وهي عوامل يُنظر إليها بوصفها تهدد مستقبل النشاط التجاري في عدن وتنعكس مباشرة على أسعار السلع ومعيشة المواطنين في عموم اليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش