
أخبار الشحن | بقش
منذ أكتوبر 2023، برزت الهجمات البحرية التي تنفذها قوات صنعاء في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن بوصفها واحدة من أكثر الأزمات تأثيراً على التجارة العالمية، رداً على حرب إسرائيل على غزة بمعاقبة السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بالموانئ الإسرائيلية.
موقع مركز الأمن البحري الدولي (cimsec) نشر تقريراً جديداً اطلع عليه “بقش” قال فيه إن وقف إطلاق النار الأخير في غزة خفّض من وتيرة الهجمات، إلا أن المؤشرات لا تكشف بالضرورة عن قرب انتهاء هذه التهديدات.
وتوقف الهجمات -إن حدث- لن يعني بالضرورة عودة الاستقرار للملاحة البحرية حسب مركز الأمن البحري الدولي، فقد تسببت توترات البحر الأحمر في اضطراب غير مسبوق للتجارة العالمية، إذ تراجعت حركة العبور في قناة السويس بنسبة تقارب 50% نتيجة مخاوف الاستهداف.
واضطرت سفن عديدة للإبحار عبر طريق رأس الرجاء الصالح، ما أدى إلى زيادة زمن الرحلات وتكلفتها وأسهم في تضخم عالمي ملحوظ، خصوصاً وأن 15% من التجارة العالمية و30% من حركة الحاويات تمر سنوياً عبر قناة السويس.
لكن هشاشة وقف إطلاق النار في غزة، مع الاتهامات المتبادلة بين الأطراف بشأن انتهاكات الاتفاق، ومستقبل الدولة الفلسطينية، وإعادة رفات الرهائن الإسرائيليين، تعني أن الصراع قد يستأنف بسهولة. وحتى في حال تحقق سلام مستقر، فإن ذلك لا يكفل إنهاء هجمات الحوثيين البحرية، إذ إن دوافع الجماعة تمتد إلى ما هو أبعد من غزة في الوقت الذي تواجه فيه عزلةً سياسية واقتصادية عالمية، وفقاً للمركز.
نفوذ فعلي على البحر الأحمر
ومن هذا المنظور، وفّرت هجمات البحر الأحمر فرصة للجماعة لتقديم نفسها كقوة جيوسياسية قادرة على تعطيل التجارة الدولية والتأثير في صراعات الشرق الأوسط. كما ساعدت سياسة “إعفاءات العبور الآمن” التي منحها الحوثيون للسفن الراغبة في تجنب الاستهداف في تعزيز صورتهم كسلطة حاكمة لها نفوذ فعلي على البحر الأحمر.
وكان الاتفاق الذي توصلوا إليه مع الولايات المتحدة -حول عدم استئناف السفن والأصول الأمريكية مقابل وقف الحملة العسكرية على اليمن- بمثابة مكسب مهم، إذ سمح لهم بالظهور كندٍّ مباشر لواشنطن، يقول المركز. ويضيف: “تبني الحوثيين للقضية الفلسطينية كان خطوة استراتيجية ناجحة، تتوافق مع خطابهم المناهض لإسرائيل، وفي الوقت نفسه تحظى بشعبية واسعة لدى اليمنيين”.
وأشار الموقع إلى أن دراسات ذكرت أن الحوثيين ما زالوا غير محبوبين في اليمن، لكن الهجمات البحرية ضد إسرائيل لاقت قبولاً إيجابياً في مختلف مناطق السيطرة.
وتابع بحديثه عن قدرة الحوثيين الكبيرة على الصمود أمام الضربات الجوية، رغم أن الضربات الأمريكية في ربيع 2025 ألحقت أضراراً بأكثر من مليار دولار في اليمن واستهدفت عدداً من القيادات، حسب قراءة بقش للتقرير.
وشهدت الأشهر الأخيرة تطوراً نوعياً في تكتيكات الحوثيين البحرية، وفقاً للموقع، وهو ما يتيح لهم توسيع نطاق أهدافهم، والحصول على معلومات استخبارية إضافية، وتوفير دعم لوجستي خارج اليمن.
وتنوعت أساليب الهجمات، لتشمل استخدام السفن المسيّرة، وسفن يقودها مقاتلون يزرعون عبوات ناسفة، ما يسمح للجماعة بمواصلة تهديد الملاحة حتى في حال تقلّص مخزونها من الصواريخ والطائرات المسيّرة.
ورغم احتمالات تراجع الهجمات في الأشهر المقبلة، إلا أن عودة الملاحة الآمنة في البحر الأحمر تبدو مستبعدة في المدى المنظور حسب الموقع الذي يرى أن تهديدات البحر الأحمر لن تنتهي إلا بحل شامل للصراع اليمني نفسه.


