
الاقتصاد العالمي | بقش
تواجه أسواق النفط العالمية تحدياً غير مسبوق مع تزايد نقص ناقلات النفط العملاقة، ما دفع شركات الشحن إلى تغيير استراتيجياتها التقليدية في استخدام السفن الجديدة.
حيث باتت الناقلات حديثة الصنع تُبحر فارغة من شرق آسيا لتحميل النفط الخام في الشرق الأوسط وأفريقيا أو الأمريكيتين، بدلاً من نقل الوقود المكرر في أولى رحلاتها، وفق اطلاع مرصد “بقش” على تقرير لوكالة بلومبيرغ.
ويرجع هذا التحول إلى عدة عوامل مترابطة، أبرزها زيادة إنتاج النفط، حيث رفع أعضاء منظمة “أوبك” ومنتجون من خارجها الإنتاج هذا العام، ما زاد الطلب على النقل البحري.
كما أدت العقوبات الغربية على روسيا إلى تعطيل مسارات التصدير المعتادة، ما أجبر الشركات على البحث عن مسارات أطول وأكثر تكلفة.
كما فرضت مخاطر الإبحار الإقليمي واقعاً جديداً، خصوصاً في البحر الأحمر، حيث تتطلب الظروف الأمنية استخدام مزيد من السفن لتأمين تدفق الخام.
ودفع ارتفاع تكاليف النقل الشركات إلى الاستفادة القصوى من السفن المتاحة، بما في ذلك السفن التي كانت مخصصة لنقل الوقود المكرر.
وأدى نقص الناقلات إلى عدة آثار ملموسة، منها زيادة أسعار الشحن، إذ ارتفع مؤشر “البلطيق للناقلات الموصوفة بـ”القذرة” بنسبة 50% منذ نهاية يوليو حسب تتبُّع بقش للبيانات، مما يعكس ارتفاع تكلفة نقل النفط الخام.
وباتت الناقلات الأصغر حجماً المخصصة عادةً لنقل الوقود، تشارك في تجارة الخام لتغطية الطلب المتزايد. ويشير الوضع الراهن إلى تغيير استراتيجيات الشركات، حيث أصبح الاقتصاد السريع لتأجير السفن وتحميلها في أقرب ميناء متاح ضرورة استراتيجية، كما أوضح محللو “سيغنال ماريتايم”.
وتُعد ناقلة “ألياكمون 1” مثالاً حياً على هذا التحول، إذ غادرت حوض بناء السفن في شمال شرق الصين في يونيو الماضي بلا حمولة، وتوجهت مباشرة إلى الكويت لتحميل نحو مليوني برميل نفط، ثم واصلت رحلتها إلى كوريا الجنوبية لتسليم الشحنة في نوفمبر.
وتشير بلومبيرغ إلى أن هذه العملية تُظهر كيف تؤثر الضغوط اللوجستية والأسعار على قرارات الشركات في استخدام السفن الجديدة.
ومن المشهد الراهن، يُشار إلى أن سوق النقل البحري للنفط تشهد اليوم تحولات هيكلية غير مسبوقة، وإعادة تشكيل ديناميكيات العرض والطلب على الخام والوقود المكرر على حد سواء.
أما الشركات التي لم تتكيف مع هذه الظروف فتواجه مخاطر كبيرة من حيث التكلفة والوفاء بالتزاماتها التجارية. وفي الوقت نفسه، يعكس هذا الواقع الضغوط المستمرة على أسواق النفط العالمية، والتي قد تؤثر لاحقاً على الأسعار العالمية، خاصة مع استمرار النزاعات الجغرافية والسياسية في مناطق التصدير الحيوية.


