انتخابات مصر وأزمات الاقتصاد بين نيران "صندوق النقد" والسلطة
الأخبار العربيةانتخابات مصر وأزمات الاقتصاد بين نيران "صندوق النقد" والسلطة

بقش - الأخبار العربية السبت 07 أكتوبر 2023 تجري الترتيبات للانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة في وقتٍ يعاني فيه اقتصاد مصر من وضع حرج وتضخم قياسي ونقص حاد للعملة الأجنبية، فضلاً عن أزمة سداد الديون الخارجية التي تمثل عبئاً متزايداً على البلاد. يسعى الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي إلى كسب المعركة الانتخابية ضد عدة مرشحين معظمهم يؤيدونه، فيما يقابله على طرف منافس أحمد الطنطاوي الذي يواجه مؤيدوه صعوبات في تسجيل توكيلاتهم بسبب ضغوطات من مؤيدي النظام، وتشير البيانات إلى أن ولاية السيسي الثانية شهدت تضاعف الدين الخارجي لمصر، وبلغ التضخم أرقاماً قياسية بعد تخفيض قيمة الجنيه المصري، ووصل التضخم حالياً إلى مستوى 40%. وسيجري السباق الرئاسي من 10 إلى 12 ديسمبر، أي قبل نحو أربعة أشهر من انتهاء الولاية الحالية للسيسي، مطلع أبريل 2024، وهو ما وصفته "بلومبيرغ" بأنه موعد أبكر مما كان متوقعاً، حيث يواجه النظام المصري ضغوطاً لخفض قيمة الجنيه واتخاذ خطوات أخرى لإنهاء الأزمة الاقتصادية وتنفيذ شروط صندوق #النقد_الدولي، والتي تشمل تحقيق مرونة في سعر صرف الجنيه وتسريع خطة بيع الأصول المملوكة للنظام العسكري. ويتداول المصريون عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أحاديث يومية عن تدهور الوضع الاقتصادي، ورأى البعض أن الغلاء الذي تشهده البلاد ليس تضخماً بقدر ما هو ارتفاع لتكلفة المعيشة بسبب تآكل العملة المحلية. "موديز" تخفض تصنيف مصر خفضت وكالة "موديز" للتصنيفات الائتمانية تصنيف مصر من "بي 3" (B 3) إلى "سي إيه إيه1" (Caa1)، وأرجعت هذا إلى تدهور قدرة البلد على تحمل الديون. ويعني تصنيف "سي إيه إيه 1" (Caa1) لدى وكالة موديز أنَّ الالتزامات ضعيفة وتحمل مخاطر ائتمانية مرتفعة جداً، وتعكس توقعات الوكالة أن مصر ستستمر في الحصول على دعم مالي من صندوق النقد الدولي بموجب اتفاق بقيمة 3 مليارات دولار. ويؤثر هذا الانخفاض سلباً على تكلفة الاقتراض بالدولار، إذ ستزيد التكلفة لزيادة التأمين، وربما زيادة الفائدة، على اعتبار أن قدرات البلاد تراجعت على سداد التزاماتها طبقاً للتصنيف الجديد. والتصنيف الائتماني للشركات أو البنوك أو الدول يشير إلى الجدارة الائتمانية أو قدرة تلك الكيانات على الحصول على القروض اللازمة، ومدى وفائها بما عليها من التزامات في موعدها. صندوق النقد يحذر: مصر ستنزف احتياطياتها مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، قالت إن مصر سوف "تنزف" احتياطياتها الثمينة ما لم تخفض قيمة عملتها مرة أخرى، وهو ما لم يوافق عليه رئيس النظام المصري معتبراً ذلك يمس الأمن القومي، في حين تُعتبر #القاهرة وفقاً لمتابعات مرصد "بقش" ثاني أكبر مقترض من الصندوق. وكانت الحكومة المصرية ونزولاً عند شروط صندوق النقد، خفَّضت قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ أوائل 2022، إذ فقدت العملة قرابة نصف قيمتها مقابل الدولار، ويجري تداول الدولار منذ أشهر عند نحو 40 جنيهاً في السوق السوداء. وعقب التحذيرات الصادرة عن الصندوق والوكالة، طلب النائب في البرلمان ضياء الدين داوود، استدعاء رئيس الحكومة والمجموعة الاقتصادية ومحافظ البنك المركزي المصري إلى البرلمان لبيان خطة الحكومة العاجلة أمام هذا الأمر. ويوم الاثنين الماضي، قام بنك الاستثمار الأمريكي "مورغان ستانلي" بتعديل نظرته إلى الاقتصاد المصري بصورة سلبية، وأشار إلى ما وصفه بـ"تزايد المخاطر" في الأشهر القادمة، وخفض البنك تصنيفه الائتماني للديون السيادية في البلاد إلى وضع "غير محبذ" من وضع "محايد"، متوقعاً تسبب عقد الانتخابات في هذا التوقيت في تعقيد مهمة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تعهدت بها الحكومة المصرية، من أجل الحصول على قرض 3 مليارات دولار من صندوق النقد. وخلال الآونة الأخيرة وضعت "بلومبيرغ إيكونوميكس" مصر في المرتبة الثانية، بعد #أوكرانيا، بين الدول الأكثر عرضة للتخلف عن سداد مدفوعات الديون السيادية، ووفقاً لمؤشرات بلومبيرغ، خسرت ديون مصر الدولارية السيادية أكثر من 10% من قيمتها هذا العام، وكانت الأسوأ أداءً بين الأسواق الناشئة، بعد #بوليفيا و #الإكوادور، وجرى تداولها في كثير من الأحيان بأقل من نصف قيمتها الاسمية. أزمة الدين الخارجي قبل انعقاد الانتخابات الرئاسية 2018، كان الدين الخارجي قد تزايد ليصل إلى 79 مليار دولار، بحسب بيانات معهد واشنطن آنذاك، والذي حذر من أن هذا الرقم "يدق ناقوس الخطر". بعد مرور نحو ست سنوات، تضاعف هذا الرقم ليصل إلى 165.4 مليار دولار، ويجب على مصر سدادها على مدى السنوات الخمس المقبلة، منها سندات ضخمة بقيمة 3.3 مليار دولار العام المقبل، وفقاً لوكالة رويترز مستندةً على بيانات رسمية من وزارة التخطيط المصرية. وتقول رويترز إن حكومة مصر تنفق أكثر من 40% من إيراداتها على مدفوعات فوائد الديون فقط، وتُعتبر مصر الآن واحدة من أكثر خمس دول معرضة لخطر التخلف عن سداد ديونها الخارجية، حسب وكالة موديز. وكالة كابيتال إنتليجنس للتصنيف الائتماني أكدت أن الدين الخارجي لمصر يمثل نحو 43% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوقعت تراجع الدعم الخارجي من المقرضين الرئيسيين مثل الدول الخليجية التي ربطت التمويل ببيع الأصول. توتر الانتخابات يعقّد الوضع الاقتصادي يرى خبراء سياسة واقتصاد أنَّ النظام المصري الحالي تقلصت شعبيته مؤخراً بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والإنفاق الضخم على مشاريع لم يلمس المواطنون جدواها، فضلاً عن ملفات أخرى ترتبط بالأمن القومي وفي مقدمتها ملف سد النهضة. أستاذ العلوم السياسية بجامعة فرايبورغ الألمانية، سليم عبدالفتاح، يقول إن هناك فرقاً كبيراً بين الانتخابات الحالية والسابقة، حيث كانت الدول العربية تقف بجانب السيسي كما كان الرئيس الأمريكي السابق #ترامب يدعمه من خلال فتح أبواب المؤسسات الدولية له والمزيد من الاستثمارات والمنح والحوافز، بعكس الوضع الحالي، حيث رفعت الدول العربية يدها فضلاً عن أن المؤسسات الدولية لديها بعض المحاذير والمخاوف. وليس معلوماً ما إذا كانت المؤسسات الدولية والدول العربية ستعمل على مساندة الفائز أياً كان، أم ستطالبه بالديون التي تم اقتراضها خلال العقد الأخير. ويَعتبر الدكتور محمد فؤاد، أستاذ التمويل في جامعة القاهرة، أن أي استجابة لشروط صندوق النقد المرتبطة بخفض قيمة الجنيه المصري، سيكون "بمثابة انتحار"، إذ لا يمكن خفضها دون أن تكون هناك تمويلات (قروض) جديدة تسمح للبنك المركزي المصري بوقف أي انهيار متوقع للعملة إثر تحرير سعر الصرف. ولن يكون سعر الصرف العامل الحاسم في حل مشكلة الاقتصاد المصري، وفقاً للدكتور هشام إبراهيم، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، لأن المشكلة في نظره تكمن في المتاح من الدولارات داخل البلاد، حيث ستظل المشكلة قائمةً نظراً لشحة الدولار حتى انصاعت مصر وخفضت الجنيه. إلى ذلك يرى آخرون أنَّ عدم خفض الحكومة للجنيه يأتي نتيجة إجراء الانتخابات الرئاسية لئلا يحدث مزيد من ارتفاع الأسعار أثناء الانتخابات، وهو ما سيحتم عليها -بعد الانتخابات- إما الاستجابة لشروط صندوق النقد وزيادة مرونة سعر الصرف وبالتالي انخفاض قيمة الجنيه، أو زيادة تقييد الاستيراد من الخارج إلا من السلع الاستراتيجية كالأرز والزيت والسكر والقمح.

المزيد من المقالات