تمر الأسواق الفلسطينية في قطاع غزة بأسوأ حالاتها بسبب استمرار الحرب لقرابة شهرها الـ11، وتهديدات #إسرائيل للمواطنين وإجبارهم على مغادرة مدن سكنية بأكملها، بما في ذلك المحلات التجارية والمخازن، في تمهيدٍ إسرائيلي لاجتياح هذه الأسواق. وإزاء ذلك تتعقد حياة الفلسطينيين في القطاع البالغ عدد سكانه قرابة 2.1 مليون نسمة، حيث تتسبب التهديدات الإسرائيلية المتكررة بمزيد من الصعوبات في الحياة اليومية وتُفاقم النقص في المواد الأساسية، مع إغلاق المعابر ومنع إدخال المياه والغذاء والوقود والأدوية والمساعدات الإنسانية. عمليات الإخلاء تعدم البضائع ووفقاً لتقارير من غزة اطلع عليها بقش، فإن البضائع تختفي من أسواق غزة المدمرة، وما وُجد منها يُباع بأسعار مضاعفة مع كل عملية تهديد إسرائيلية بإخلاء مناطق. ومنذ بدء الأوامر الإسرائيلية بإخلاء المناطق الشرقية لمدينة دير البلح وسط القطاع (وفيها نحو مليون مهجَّر)، وتوسيع تلك الأوامر لتشمل مناطق مختلفة، انعدمت سلع أساسية مثل السكر وزيت الطهي والملح وأصناف الأجبان ومواد التنظيف وغيرها، مع الطلب المتزايد عليها. ويؤكد سكان هناك أن ما يستطيعون الحصول عليه من مواد أساسية لا يسد سوى 1% من احتياجاتهم، وثمة سكان توجهوا إلى فرش بسطات لبيع مواد غذائية مثل الأجبان والبقوليات، لكن أسعار هذه السلع تضاعف، كما أن هناك سلعاً مطلوبة أصبحت مختفية بالكامل. وبمجرد إطلاق الإسرائيليين تهديدات بالإخلاء، تندلع في الأسواق حالة من الارتباك الشديد الذي يدفع المواطنين إلى شراء ما تيسر من المواد الأساسية التي تتوفر بشكل محدود بالأساس، وذلك لتغطية احتياجاتهم في محل سكنهم لفترة. وقد تم تهجير كثير من التجار مع أسرهم إلى مناطق تزعم إسرائيل أنها آمنة، وهو ما يُضاف إلى عوامل اختلال توازن الأسواق بين كثرة الطلب وندرة العرض. القطاع بلا زراعة وغذاء كما حُرم أهل غزة من المواسم الزراعية التي كانوا يعتمدون عليها في توفير الغذاء، حيث أثر القصف الإسرائيلي على الغطاء النباتي وجودة التربة في الأرض، وكذلك على البنية التحتية الضرورية لمختلف الأنشطة الزراعية. وقُطعت المياه والكهرباء الضرورية لتشغيل الآبار وخطوط مياه الري، وتسبب الاجتياح البري الإسرائيلي في تجريف آلاف الدونمات المثمرة على طول الشريط الشرقي وتسميم التربة، إضافة إلى عجز المزارعين عن الوصول إلى أراضيهم ورعايتها نتيجة المخاطر المترتبة على الاستهداف الإسرائيلي لكل جسم متحرك. وتتركز المساحات الزراعية المحدودة في المناطق الشرقية لقطاع غزة، وشمال القطاع وجنوبه، وتقدر مساحتها بنحو 151 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الزراعية، أي حوالي 41% من أراضي القطاع عموماً، ويعتمد عليها السكان في الحصول على محاصيل موسمية سنوية مثل الزيتون والبلح والحمضيات واللوزيات وأصناف الفواكه والخضروات. وأصبح السكان بسبب تدمير المحاصيل الزراعية السنوية محرومين من أصناف الخضار والفواكه والحمضيات التي باتت مرتفعة السعر بعشرات الأضعاف وسط نقصها الشديد، في إطار سياسة التجويع الإسرائيلية تجاه أهالي القطاع. وفي الآونة الأخيرة أظهرت صور أقمار صناعية أضراراً فادحة في نحو 80% من الأراضي الزراعية ومزارع الأبقار والعجول والماشية بسبب القصف المباشر وفقاً لمتابعة بقش، وتكبد المزارعون خسائر كبيرة جراء هذا الوضع سواءً كانت الخسائر مالية، أو على مستوى الأرض. فقد خسر المزارعون أشجارهم مثل أشجار الزيتون الذي يحل موسمه في شهري أكتوبر ونوفمبر المقبلَين، ودُمِّرت كُرومُ العنب في عدد من المناطق مثل منطقة تل الهوى جنوبي مدينة غزة. هذا وتشير البيانات الرسمية لجهاز الإحصاء الفلسطيني إلى أن القطاع الزراعي يمثل أحد أهم مكونات الناتج المحلي الإجمالي في غزة، بمساهمته في توفير فرص العمل، وقد وصلت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 11% قبل الحرب في العام 2022، وهو العام الذي بلغت فيه القيمة المضافة للنشاط الزراعي في غزة 343 مليون دولار.