عمار خالد 27 أبريل 2024 اعتقالات بالجملة تقوم بها السلطات الأمريكية بحق مئات الطلاب الأمريكيين المتظاهرين في أكثر من عشر جامعات نصرة لـ #فلسطين و #غزة، مطالبين بسحب استثمارات الجامعات من الشركات التي تبيع الأسلحة لـ #إسرائيل. ومنذ قرابة عشرة أيام، يُنظر إلى المشهد الأمريكي الراهن باعتباره ثورة طلابية ضد العلاقات مع إسرائيل، وتشهد جامعات عديدة أبرزها أوهايو، وكولومبيا، وتكساس، ودنفر، وأريزونا، وجنوب كاليفورنيا، وفرجينيا، وييل، مظاهرات ساخطة على الدعم الأمريكي لإسرائيل والموقف الأمريكي المتماهي مع الرواية الإسرائيلية. ويرتبط جانب من هذه المظاهرات التي رافقها نصب الخيام، بالرفض القاطع لاستثمارات الجامعات مع إسرائيل، فبينما يطالب الطلاب الأمريكيون بوقف إطلاق النار، فإنهم يؤكدون على ضرورة وقف التعاون مع جامعات ومؤسسات تعليمية إسرائيلية، وسحب الجامعات لاستثماراتها من الشركات التي لها علاقات بإسرائيل، حسب متابعات بقش. وتتم المطالبة بوقف سحب هذه الاستثمارات وإنهاء التعاون مع الشركات الإسرائيلية، خصوصاً العاملة في مجالات "التسليح"، في الجامعتين المرموقتين ييل وكورنيل، وفي جامعة كولومبيا طالب الطلاب ببيع أسهم الجامعة في الصناديق والشركات التي يقول الناشطون إنها تستفيد من حرب إسرائيل على غزة، مثل "غوغل" و"إيربنب" وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز. ما هي الاستثمارات؟ استهدفت الاعتصامات في جامعة كولومبيا مثلاً، التي تم اعتقال أكثر من 100 متظاهر فيها، سحب الاستثمارات من الشركات التي تستفيد من نظام الفصل العنصري الإسرائيلي والإبادة الجماعية والاحتلال في فلسطين، والمزيد من الشفافية حول استثمارات الجامعة وقطع علاقاتها مع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، بما في ذلك المركز العالمي لجامعة كولومبيا في تل أبيب وبرنامجها للحصول على شهادات مشتركة مع جامعة المدينة ذاتها. كما يدعو الطلاب جامعتهم إلى سحب استثماراتها المباشرة أو حصصها في الشركات التي تقوم بأعمال تجارية في إسرائيل أو معها، بما في ذلك شركتي أمازون وغوغل، اللتين أبرمتا عقدا بقيمة 1.2 مليار دولار مع الحكومة الإسرائيلية، لتزويدها بقدرات متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي. ويطالب المحتجون أيضاً بسحب الاستثمارات من شركة "مايكروسوفت" التي تقدم خدماتها لوزارة الدفاع والإدارة المدنية الإسرائيليتين، إضافة إلى شركات الصناعات الدفاعية التي تستفيد من الحرب مثل شركة "لوكهيد مارتن" الأمريكية التي ارتفعت أرباحها بنسبة 14%. ذلك إلى جانب قطع الصلة مع شركة "كاتربيلر" التي خضعت علاقاتها مع إسرائيل للتدقيق لعقود من الزمن، وزادت حدتها بعد عام 2003، عندما دهست جرافة مدرعة صنعتها الشركة للجيش الإسرائيلي الناشطة الأمريكية المؤيدة للفلسطينيين، راشيل كوري، وسحقتها حتى الموت، بينما كانت تسعى إلى وقف هدم منازل لفلسطينيين. وحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، لا تمثل الأموال المستهدفة بمطالبات سحب الاستثمارات حصةً كبيرة من المعلومات المتاحة للجمهور بشأن أوقاف الجامعات، حيث تشكل الاستثمارات التي يعتبرها المحتجون إشكالية أقل من 10% بالمئة، من وقف جامعة كولومبيا البالغ 13.6 مليار دولار. يسعى طلاب الجامعات الأمريكية أيضاً إلى سحب استثماراتها من صناديق "بلاك روك" وهي أكبر شركة لإدارة الأصول عبر العالم، والتي تمتلك أسهماً في كل الشركات المتداولة تقريباً من خلال صناديقها المتداولة في البورصة. ويقول نشطاء في جامعة كاليفورنيا بيركلي، وكذلك في جامعة كولومبيا، إن شركة بلاك روك تمتلك حصصاً في شركات تصنيع الأسلحة. وحسب موقع "Weapon Free Funds"، الذي يدعو المستثمرين لسحب أموالهم من أسهم شركات السلاح، فإن الشركة تستثمر حوالي 3% فقط من صندوق Core S&P 500 ETF التابع لشركة "بلاك روك" في شركات الصناعات الدفاعية بما في ذلك شركتي "ريثيون" و"بوينغ"، وفقاً لنيويورك تايمز. وفي جامعة ييل، حيث اعتقلت الشرطة نحو 50 محتجاً، دعا المحتجون إلى الكشف عن كيفية استثمار الجامعة لأموالها، وسحب الاستثمارات من شركات تصنيع الأسلحة العسكرية التي تساعد في الهجوم الإسرائيلي. ويُعد وقف جامعة ييل البالغ 27.2 مليار دولار ثاني أكبر وقف جامعي في الولايات المتحدة، بعد هارفارد. لكن جامعة ييل أعلنت في بيان سابق أنها لن تسحب استثماراتها من شركات تصنيع الأسلحة العسكرية، وقالت إن لجنتها الاستشارية المعنية بمسؤولية المستثمرين لم تقرر أن "مثل هذا النشاط يستوفي معايير سحب الاستثمارات". وطالب طلاب جامعة برينستون بسحب الاستثمارات والانفصال عن إسرائيل، وتشمل الاستثمارات والأبحاث برمجيات آلية وتقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في تمكين الإبادة الجماعية. أما في جامعة هارفارد وهي الجامعة الأمريكية الأغنى (ويبلغ إجمالي وقفها 51 مليار دولار تقريباً)، فدعا الطلاب إلى الكشف عن أي استثمارات في إسرائيل وسحبها. وفي معهد ماساشوستش للتكنولوجيا "MIT" طالب طلبة المعهد بإصدار بيان يندد بالممارسات الإسرائيلية، وقرروا الاعتصام المفتوح داخل حرم المعهد في 24 أبريل ونصبوا الخيام، ودعوا إلى وقف كل أشكال التعاون الاستثماري والتعليمي مع إسرائيل، ويُعد هذا المعهد من أكبر المعاهد التقنية ويخرج كثيراً من المبتكرين، ويضم طلبة من 136 جنسية مختلفة، وتبلغ تكاليف الدراسة السنوية في الهندسة المدنية مثلاً للطلاب الدوليين نحو 55 ألف دولار. ماهية الاستثمارات الجامعية في إسرائيل تقول الخبيرة الاقتصادية ساندي باوم، وهي زميلة في معهد أوربان ومتخصصة في دراسة تمويل الكليات الجامعية، إن من الصعب تحديد ماهية "الاستثمار" في إسرائيل بالضبط. وترى باوم أن الاستثمارات الضخمة تكون أكثر وضوحاً مقارنة بالاستثمارات الأصغر حجماً المندرجة ضمن الصناديق الاستثمارية المشتركة، وهي أداة استثمارية تقوم بتجميع رؤوس الأموال وتوزيعها على مجموعة متنوعة من الأصول، وهو أسلوب تعتمد عليه الكثير من الكليات الجامعية في استثماراتها. وأوضحت باوم أن الجامعات تستأجر شركات خاصة لإدارة أوقافها للحفاظ على أموالها على المدى الطويل، مشيرةً إلى أن النقاشات حول استثمارات أوقاف الجامعات "معقدة"، إذ يرى بعض المهتمين بشؤون الجامعات أن الهدف يجب أن يكون تحقيق أقصى عائد ممكن على الاستثمار من أجل تمويل التدريس والبرامج الأكاديمية والخدمات الأساسية التي تقدمها الجامعة. والغرض من الوقف هو امتلاك أموال تجعل الجامعة لا تضطر إلى الخروج وجمع أموال جديدة كل عام لمواصلة العمل. وكلما كان وقف الجامعة أكبر، كان هناك المزيد من المخاطر بشأن طريقة استثمارها، وهذا هو أحد الأسباب التي تدفع الطلاب المؤيدين لفلسطين في الجامعات الغنية للنضال بقوة، وفقاً للاقتصادية باوم. وحتى الآن، رفضت الجامعات الأمريكية بشكل قاطع تعديل استثماراتها استجابةً للضغوط الطلابية، مكتفية بعقد بعض إدارييها لاجتماعات مع الطلاب، لكن الرسالة العامة كانت أنهم لن يغيروا محافظهم الاستثمارية أو يبيعوا أصولهم المرتبطة بإسرائيل، وفقاً لنيويورك تايمز. وقالت جامعة ييل، على سبيل المثال، إنها لن تسحب استثماراتها من شركات تصنيع الأسلحة، لأن ذلك لا "يصل إلى حد الضرر الاجتماعي الجسيم" الذي يستدعي سحب الاستثمار، كما أكدت جامعة ولاية #ميشيغان أنها لن تنظر في سحب الاستثمارات "من أي نوع". كما ردّت إدارة معهد ماساشوستس للتكنولوجيا على اعتصام الطلاب بالمنع والقمع بمساندة الأجهزة الأمنية، لكن الطلاب استمروا في مظاهراتهم دعماً لغزة، معتبرين ما يقع ضد أهالي القطاع إبادة جماعية للشعب الفلسطيني، ومتمسكين بضرورة قطع كل أشكال التعاون مع الجيش الإسرائيلي، الذي يقدم تمويلات ضخمة لمعامل المعهد بغرض المساهمة في إنتاج أسلحة تستعمل ضد الفلسطينيين. هذا واعتبرت إسرائيل أن الاحتجاجات الطلابية في أمريكا "غير معقولة"، وعلق عليها نتنياهو بقوله إن "ما يحدث في حرم الجامعات الأمريكية أمر مروع، لقد استولت حشود معادية للسامية على جامعات رائدة، إنهم يدعون إلى إبادة إسرائيل، ويهاجمون الطلاب وأعضاء هيئة التدريس اليهود". وأضاف أن إسرائيل ترى "هذا الارتفاع الهائل في معاداة السامية في جميع أنحاء أمريكا وفي جميع أنحاء المجتمعات الغربية بينما تحاول إسرائيل الدفاع عن نفسها".