أحمد الحمادي في مناطق حكومة عدن، كسر سعر الصرف حاجز 2000 ريال يمني للدولار الواحد لأول مرة في تاريخ #اليمن، في انهيار يؤكد المواطنون أنه "كارثي" ويؤثر بشدة على قدرتهم الشرائية وسط الغلاء المعيشي وغياب دور فاعل من جانب الحكومة. وعلى وقع انهيار سعر الصرف، أعلن عدد كبير من شركات الصرافة وقف عمليات البيع والشراء حتى إشعار آخر، وأكَّدت شركات صرافة لـ"بقش" أن سعر الصرف ارتفع وسط عمليات مضاربة حادة. وأعلن بنك عدن المركزي، اليوم الثلاثاء، عن عقد مزاد لبيع مبلغ 50 مليون دولار يوم الأحد المقبل 20 أكتوبر، عبر منصة Refinitiv الأمريكية، وفقاً لمتابعات بقش، كما عقد البنك اجتماعاً طالب فيه حكومة عدن بعدد من المطالب أبرزها إتاحة أن يقوم البنك بأعماله باستقلالية. ودعا المركزي حكومة عدن بإعادة النظر في سياساتها المالية والاقتصادية وخصوصاً في مجال تعبئة وتحصيل الموارد العامة وإعادة تخطيط الإنفاق وفقاً للأولويات، من خلال اعتماد موازنة واقعية محددة النفقات والموارد والعجز ومصادر التمويل توائم بين الموارد الذاتية والالتزامات الحتمية وما يمكن تعبئته من موارد محلية وخارجية لتغطية الفجوة التمويلية. كما طالب الحكومة ومجلس عدن الرئاسي بدعم البنك المركزي ومساندته للقيام بمهامه باستقلالية ومهنية، مشيراً إلى أنه أقرَّ بعض الإجراءات العاجلة للتعامل مع الانهيار الأخير في أسواق الصرف وعمل القطاع المصرفي، دون ذكر طبيعة هذه الإجراءات. ولحق ذلك ردَّات فعل احتجاجية، منها إعلان ملتقى تجار #تعز عن إضراب جزئي يوم غد الأربعاء 16 أكتوبر، بسبب تدهور العملة الحاد والارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية، مطالباً الحكومة بإجراء حلول والاستجابة لمطالب التجار، مالم فسيتم اتخاذ خطوات تصعيدية أكثر حدة بما في ذلك الإضراب الشامل والمتواصل. عجز مالي ونفقات حكومية هائلة رشيد الحداد، الصحفي والخبير الاقتصادي، قال لـ"بقش" إن تجاوز سعر الصرف 2000 ريال للدولار الواحد كان متوقعاً وسط عدد من العوامل التي أدت إلى هذا الانهيار وستدفع بالعملة المحلية نحو مزيد من الانهيار خلال الفترة المقبلة. ومن هذه العوامل استمرار حكومة عدن في صرف رواتب تقارب 120 مليون دولار شهرياً لموظفيها ومسؤوليها في الخارج، واصفاً الحكومة بأنها هي نفسها تمارس المضاربة عبر البنك المركزي الذي يعمل على شراء العملة والحصول عليها للإيفاء بالتزامات الحكومة. ومن العوامل أيضاً، كما يقول الحداد، عدم قدرة حكومة عدن على إجراء إصلاحات اقتصادية فيما يتعلق باستعادة الكثير من الإيرادات العامة الخارجة عن سيطرتها، حيث لا تزال الحكومة تعمل على موارد محدودة، في حين تراجعت العوائد من ميناء عدن بسبب تراجع حركة الملاحة فيه إلى أدنى المستويات. كما لا تزال موارد النفط والغاز في #مأرب، والتي تُعد أبرز أهم الموارد اليومية، خارج سيطرة الحكومة رغم مرور تسع سنوات على نقل عمليات البنك المركزي اليمني من #صنعاء إلى عدن، حيث ترفض السلطات في مأرب التعامل مالياً مع مركزي عدن. ذلك يُضاف إلى ارتفاع معدل إنفاق الحكومة، مقابل محدودية الإيرادات التي تحصل عليها، لعدم تمكنها من انتزاع الكثير من الإيرادات التي لا تزال تحت سيطرة مراكز قوى عسكرية وقبلية في المحافظات. ويشير الحداد إلى "تراجع #السعودية عن تقديم الدفعة المالية الأخيرة من المنحة المقدرة بـ1.2 مليار دولار، حيث ربطت المملكة تقديم الدعم المالي بإجراء إصلاحات اقتصادية حقيقية كشرط للدعم، إلا أن هذه الإجراءات لم تُطبق على أرض الواقع". وقد تم استخدام آخر دفعة مالية تسلمتها حكومة عدن من السعودية، في الإعلان عن مزادات علنية لبيع العملة الصعبة، وسط تراجع الإقبال على هذه المزادات. ويعتبر الاقتصادي الحداد حكومة عدن المعترف بها دولياً، بأنها تواجه أزمة مالية كبيرة جداً دفعتها للعودة إلى الدين العام الداخلي وأعلنت خلال الأسابيع الماضية عن حاجتها للحصول على الأموال عبر أدوات الدين العام الداخلي، وهو ما يؤكد أن العجز ليس فقط في العملة الأجنبية، بل أيضاً في ميزانية الحكومة، وسط غياب قيادة البنك المركزي منذ أشهر وغياب الدولة الحقيقية القادرة على حماية سعر الصرف، وإحداث تغيير اقتصادي حقيقي. وهذه "الانتكاسة" تهدد أيضاً مساعي السلام، خصوصاً أن جهود المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ تتركز حول إنهاء الانقسام النقدي والمالي، إلا أن ما يحدث من انهيار كبير في العملة من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر ويعيق أي جهود دولية رامية إلى إنهاء الانقسام النقدي. كما سيزيد انهيار سعر الصرف من تدهور الوضع المعيشي، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وارتفاع تكاليف الخدمات العامة، مما سيتسبب في مضاعفة تدهور الوضع الإنساني، وفقاً للحداد. ويرى الصحفي فتحي بن لزرق أن من أسباب الانهيار هو أن 70% أو أكثر من إيرادات الدولة التي كانت تحصلها إلى البنك المركزي قبل الحرب لا تزال مفقودة وبيد أطراف الصراع والنفوذ في عموم محافظات حكومة عدن من عدن إلى تعز ومأرب و #المكلا وغيرها. وتستولي هذه الأطراف بصورة غير مشروعة على كمية نقد محلية هائلة تقدر بمليارات الريالات اليمنية وفقاً لرئيس تحرير عدن الغد، وهذه الأطراف لا تستثمر هذه الأموال داخل البلاد بل خارجها، فتضطر لتبديل هذه الأموال بنقد أجنبي وبكلفة مرتفعة عن السوق، لتتسبب أولاً في رفع قيمة الدولار، وثانياً في شحة النقد الأجنبي. هذا وعاد رئيس مجلس عدن الرئاسي من #نيويورك إلى عدن، ونشرت وكالة سبأ أنه سيعقد لقاءات موسعة برئاسة الحكومة والفريق الاقتصادي والغرف التجارية ومجتمع الأعمال لتشارك الخطط والسياسات، والرؤى الموجهة لتعزيز موقف العملة الوطنية، والاصلاحات الاقتصادية والادارية المدعومة من الاشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، والمجتمع الدولي. وقالت رئاسة وزراء حكومة عدن إنها بحثت مع قيادة مركزي عدن ووزارة المالية مستوى التنسيق بين السياسة المالية والنقدية لتنفيذ الإصلاحات، وجددت الحكومة دعوتها للمجتمع الدولي لتقديم الدعم لها لمواجهة الوضع الاقتصادي، ويشمل ذلك المساعدات الفورية واستثمارات أكبر. وبدوره قال محافظ بنك مركزي عدن أحمد غالب إن البنك أقر إجراءات عاجلة للتعامل مع التطورات الجارية ومنها الإعلان عن مزاد علني لبيع 50 مليون دولار، وأكد غالب تزايد الضغوط على سعر صرف العملة الوطنية مع توقف أهم الموارد وانحسار المساعدات وانخفاض إيرادات الدولة.