خسائر بـ150 مليار دولار | حرائق أمريكا تكشف ضعف قطاع التأمين

تصل الخسائر الناجمة عن حرائق #لوس_أنجلوس بولاية #كاليفورنيا إلى 150 مليار دولار وفق أحدث التقديرات، لتكون الكارثة إحدى أعظم الكوارث في تاريخ أمريكا إن لم تكن الأكبر على الإطلاق.
وقد تسببت الحرائق المستعرة في مقتل ما لا يقل عن 16 شخصاً والتهام أكثر من 12 ألف مبنى بالكامل، منذ اندلاع الحريق يوم الثلاثاء الماضي، ودُمِّرت أحياء كاملة كانت موطناً لعقارات تقدر بملايين الدولارات. ورغم أن حصيلة الخسائر بـ150 مليار دولار ليست حصيلة نهائية ودقيقة، إلا أن التقديرات تشير إلى أن الخسائر حتى الآن تجعل من هذه الكارثة أكبر الحرائق تكلفةً في التاريخ الأمريكي وفق متابعات بقش.
واستقبلت أمريكا العام الجديد 2025 بهذه الحرائق، بعد أن تكبدت أضراراً وخسائر اقتصادية بسبب “إعصار هيلين” في الخريف الماضي، ووصلت خسائر الإعصار في ست ولايات جنوبية شرقية إلى ما بين 225 و250 مليار دولار.
هشاشة قطاع التأمين
تضاءلت فرص الأثرياء في لوس أنجلوس للحصول على تعويضات كافية من شركات التأمين عما فقدوه من منازل وممتلكات ومقتنيات.
وحسب تقرير اطلع عليه بقش لدى موقع ياهو فاينانس “Yahoo Finance” فإن سعر المنزل الواحد بنحو 3.5 ملايين دولار في المنطقة الراقية باسيفيك باليساديس التي كانت إحدى خمس مناطق طالتها الحرائق في لوس أنجلوس.
تقارير أمريكية أخرى تشير إلى أن معرفة الخسائر كاملةً ستستغرق أسابيع، إذ التهمت خمسة حرائق نحو 29 ألف فدان من الغابات والمنازل بكافة أنحاء لوس أنجلوس والمناطق المحيطة في ولاية كاليفورنيا التي تعاني من الجفاف.
وقدَّر بنك الاستثمار الأمريكي “جيه بي مورغان” أن الأضرار المؤمَّن عليها قد تتجاوز 20 مليار دولار، ومن المؤكد أنه سيصبح أغلى حريق غابات في تاريخ الولايات المتحدة.
كما يتوقع بنك “ويلز فارجو” وقوع خسائر مشمولة بالتأمين بذات المبلغ، ورأى أن الضرر الاقتصادي الإجمالي الناجم عن الكارثة قد يتجاوز 60 مليار دولار.
الحرائق التي هزت سوق العقارات السكنية في كاليفورنيا (والبالغة قيمتها 10 تريليونات دولار) كشفت عن هشاشة قطاع التأمين في أمريكا.
حيث إن الأموال المقدَّرة للتأمين والمذكورة أعلاه تجعل من تكلفة الحرائق باهظة للغاية. وفي حي باسيفيك باليسيدز وحده (والذي تعرض للدمار الأكبر) يبلغ متوسط أسعار المنازل فيه 4 ملايين دولار حسب اطلاع بقش.
وعن “حريق إيتون” في الشمال، لا يزال يهدد المناطق الأقل ثراءً، وهو ما يُبرز الطبيعة المتنوعة والعشوائية للكارثة.
ويبدو أن سوق التأمين في كاليفورنيا يكافح للتكيف مع التزايد المستمر في حدة وتكرار الحرائق بسبب تغير المناخ. إذ شهد هذا السوق تقليص 7 من أكبر 12 شركة تأمين وجودها في الولاية خلال السنوات الأخيرة.
على سبيل المثال، توقفت شركة “أولستيت” عن بيع البوليصات التأمينية الجديدة عام 2022، وألغت شركة “ستيت فارم” 30 ألف بوليصة عام 2023، بما في ذلك 1600 بوليصة في حي “باسيفيك باليسيدز”.
وارتفع تعرض خطة التأمين الحكومية “فير”، وهي الملاذ الأخير في كاليفورنيا، بنسبة 85% في المناطق عالية الخطورة مثل “باسيفيك باليسيدز”، وتجاوزت المطالبات المحتملة الآن 3 مليارات دولار.
ويقول مسؤولون بقطاع التأمين إن القدرات المالية للخطة لا تزال غير كافية، إذ لا تمتلك سوى 200 مليون دولار احتياطات و2.5 مليار دولار في إعادة التأمين، مما يهدد بفشل نظام التأمين بأكمله.
وهذا النقص كما تقول وكالة بلومبيرغ يترك العديد من أصحاب المنازل من دون تأمين كافٍ أو من دون تأمين على الإطلاق، خصوصاً أولئك الذين تتجاوز ممتلكاتهم الحد الأقصى لتغطية “فير” البالغ 3 ملايين دولار.
وتشير بلومبيرغ إلى أن خبراء في قطاع التأمين حذروا طويلاً من أن “الإطار التنظيمي القديم في كاليفورنيا أعاق قدرة سوق التأمين على العمل بفعالية”. فقد مَنَعت مبادرة اقتراع عام 1988 شركات التأمين من استخدام نماذج المخاطر المستندة إلى تغير المناخ، مما أجبرهم على الاعتماد على بيانات تاريخية لم تعد تعكس الواقع الحالي.
هذه القيود دفعت شركات التأمين إلى عدم تحمل مخاطر الحرائق. وحالياً قد يؤدي الانسحاب الواسع لشركات التأمين الخاصة إلى انهيار سوق الإسكان الأمريكي، إذ تصبح الممتلكات التي لا يمكن تأمينها غير قابلة للرهن العقاري، مما يؤدي إلى انكماش اقتصادي مشابه للأزمة المالية لعام 2008.
إلى مناطق جديدة.. آثار الحرائق تمتد
تلقى السكان تحذيرات من احتمال تدهور الأحوال الجوية خلال الأيام الثلاثة المقبلة، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة اشتعال النيران.
تود هوبكنز، المسؤول في إدارة الإطفاء بكاليفورنيا، قال إنه رغم إخماد (11%) من الحرائق في حي باسيفيك باليساديس، فإن النيران أتت على أكثر من 22 ألف فدان (8900 هكتار).
وامتد حريق بالياديس إلى حي ماندفيل كانيون، مع مخاوف من وصوله إلى حي برينتوود الراقي الذي يعيش فيه المشاهير. في حين لايزال 153 ألف شخص تحت أوامر الإخلاء، ويواجه 166,800 شخص آخرين تحذيرات بالإخلاء، مع فرض حظر تجول في جميع مناطق الإخلاء.
ومساء الجمعة هدأت الرياح الشديدة التي أججت حرائق الغابات، مما جلب بعض الراحة لرجال الإطفاء المنهكين. لكن حريق باليساديس على الحافة الغربية للمدينة أخذ اتجاهاً جديداً بسبب الرياح القادمة من “المحيط الهادي” وفق متابعات بقش، مما هدد المناطق المكتظة بالسكان في منطقة سان فرناندو فالي.
هذا وسارعت سبع ولايات مجاورة والحكومة الاتحادية و #كندا إلى إرسال مساعدات إلى كاليفورنيا، حيث زادت الفرق الجوية التي تُسقط المياه ومواد إطفاء الحرائق على التلال المشتعلة والطواقم على الأرض لإخماد الحرائق بالأدوات اليدوية والخراطيم.